رياضات الظل

المعتصم البوسعيدي

يقال "إن فشل التجربة لا يُعتبر أسوأ ما في الحياة، إنما الفشل ألا نجرب"، ولا شك إنَّ تقييمًا بسيطـًا لوضع رياضتنا العُمانية من خلال معيار التفوق الإقليمي والدولي يُمكنا أن نقول عنها تجربة "فاشلة" أو لنخفف الأمر ونصفها بالرياضة التي لم تثمر حتى الآن؛ فلم نشاهد "القمر" في تمامه، ذلك إننا لم نشاهد بطلا أولمبيا يرفرف لأجله العلم وسط جموع العالم الكبير، ومع ذلك يجب أن نظل نجرب حتى نجني الثمار.

من الطبيعي أن تستقطب "كرة القدم" اهتمام الجميع بما فيها الأقلام التي تنثر حبرها على وقع الرياضة الشعبية الأولى بأحداثها وأخبارها ونجومها، وعُمان ليست استثناء ولا نحن -بطبيعة الحال- لكننا نعيش على جلباب كرة القدم منذ عهد قديم حتى إنَّ هناك رياضات باتت في منطقة الظل لا نراها ولا نستوعب أهميتها؛ لأننا ببساطة شديدة "لا ننظر للظل لنحاول أن نخمِّن جهة الضوء ولا كم عدد مصادر الضوء أو ما نوعية الظل الموجود" هذه القاعدة تمثل "عمق العالم الحقيقي" للرسم؛ لذلك قررت في لحظة أن أكتب تحت عنوان "رياضات الظل" دون أن يكون لي رصيد إدراك مبدئي لبناء المقال، فاعتمدت على بحثي اللاحق حول الظل ونظرتي الشخصية له.

إنَّ سبر أغوار الرياضة العُمانية يحتاج إلى كتاب لا مقال، ورصد تاريخ رياضي متغير سواء على مستوى اللعبة وممارسيها أو التاريخ الإداري -إن صح التعبير- للمؤسسة الرياضية نظير التفرع والتوسع الذي بدأ بقانون تنظيم الأندية والجمعيات في السلطنة عام 1972 تحت إشراف دائرة رعاية الشباب بوزارة المواصلات والشؤون الاجتماعية، قبل أن يتراجع التصنيف الإداري إلى مديرية عامة لشؤون الشباب تابعة لوزارة الإعلام وشؤون الشباب، وما حدث بعد ذلك من تطور وصل إلى ما هو عليه اليوم؛ حيث وزارة الشؤون الرياضية وعدد ما يقارب 12 اتحادا رياضيا تقريبًا بما فيها اللجنة الأولمبية، دون أن نغفل مكونات الرياضة المتشعبة من الفرق الأهلية والأندية وبعض الجهات المستقلة كحال "عُمان للإبحار" الذي يتبع وزارة السياحة، كل هذا التشعب يوجد حالة من "العشوائية" إذا ما علمنا عن وجود خطط نظرية لا تجد تطبيق فعال لها مثل المادة 12 من نظام تأسيس الأندية والتي تشترط مجموعة من الاشتراطات لا أعتقد أن جميع الأندية تطبقها كما حال اللوائح المنظمة لعلاقة النادي بفرقه الأهلية كأبسط مثال.

ولأختصر موضوع.. حاجتنا الملحة لإيجاد رياضات الظل التي قد تصنع الإنجاز الحقيقي، سأتوقف معكم عند الموقع الإلكتروني لوزارة الشؤون الرياضية ومع نبذة عن اللجنة الأولمبية مع العلم بأن الصفحة محدثة بتاريخ 20 أكتوبر 2015، وتحت عنوان إنجازات اللجنة الأولمبية العُمانية كُتب "مرور الشعلة الأولمبية (بكين) أبريل 2008 بمدينة مسقط العامرة كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تمر به من خلال مرورها بمختلف دول العالم وقد حظيت السلطنة بشرف تنظيم هذا المرور بإشادة من اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية بكين، وتستعد السلطنة حالياً لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية بمسقط خلال شهر ديسمبر 2010" تلك إذن الإنجازات في سطرين ونصف!! وأضيف أنا لها.. بإن أبرز إنجازاتنا من الميداليات الأولمبية كانت على مستوى آسيا بذهبية المالكي وفضية بركات، أما المعدن الأولمبي الأثمن "فعشم أبليس بالجنة"!

على هذا أقترح أن نبحث في رياضات الظل الفردية قبل الجماعية، والمضي بمشروع عمان للإبحار على المسار الأولمبي، وإعداد البطل الأولمبي بمشروع وطني طموح، كما يمكن إستغلال الإرث الحضاري العُماني عبر تأصيل وتجويد رياضات الرماية وركوب الخيل والألعاب الشاطئية؛ ففي الأفق تلوح إشكالية كبيرة تقع في تلاشي رياضات موجودة، وأخرى لا يوجد لها مظلة، لذا يجب إدارة البوصلة لإيجاد طريق التفوق في الشعار الأولمبي (أعلى، أسرع، أقوى) كبوصلة البارون الفرنسي كوبرتان الذي كان يفكر بإن ترافق المسابقات الرياضية إلقاء مقاطع شعرية في رؤية توحيدية لطاقات الإنسان، تفكير عميق جدًا أود لو نرى ظله كما لو نرى ظل أول نشيد أولمبي في دورة الألعاب الأولى بأثينا عام 1896 المقتبس من أنشودة إغريقية قديمة والنشيد للشاعر كوستيس بالاماس: "يا عبقري القدم الأزلي، والد الصحيح والجميل والخير، انزل إلى هذه الأرض وتحت هذه السماء، الشاهدتين على مجدك، أنرنا بشعاعك" حينها سنقفز بالحلم من مجرد خيال إلى واقع جميل وسنعب عن إنجازاتنا بأسطر عديدة، وحتى نجعل الظل قصيرًا جدًا يجب أن نرتقي لنكون شمسًا تتصدر وسط السماء، "ومن لم يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر".

تعليق عبر الفيس بوك