(كَرَم) الدولة.. وكرماء الحكومة..!!

مسعود الحمداني

(1)

أعضاء (الحكومة) هم مجموعة من المواطنين الذين خرجوا من رحم المجتمع، وهم ليسوا ملائكة كما يصوّرهم البعض، كما أنّهم كذلك ليسوا بشياطين كما يصوّرهم البعض الآخر، مجموعة من البشر يحاولون، فيصيبون أحياناً، ويخطئون أحيانًا أخرى، وهذه طبيعة بشرية غير منفصلة عن الكائنات الآدمية في كل زمان ومكان..

غير أنّ العبء الذي يقع على كاهل هذه (الفئة) أكبر، والأمانة على عواتقهم أعظم، فقراراتهم يجب أن تكون مدروسة، وعلمية، وعملية، ولا تنفصل عن حياة البسطاء من النَّاس، ولا أن تتعامل معهم من برجٍ عاجيّ، لأنّ كثيراً من أفراد الحكومة (الوزراء) هم أصلاً من عائلات وأسر بسيطة في الأساس، كأكثر العمانيين، لذا فإنّ القرار يجب أن ينحاز للطبقة الكادحة من المجتمع، والتي يهمّها قوت يومها، ولقمة عيشها، وتتوقع من (حكومتها) الكثير من القرارات التي ترفع من مستوى معيشتهم، دون أن تنسى ـ الحكومة ـ الكفة الأخرى من المعادلة وهي مصلحة (الدولة)..

(2)

تتشكّل (الحكومة) من الكثير من الأفراد الشرفاء، والقليل من الوصوليين أحيانًا، والفاسدين، الذين تتكشّف أوراقهم بعد زمن، فيفلت بعضهم من العقاب بذكاء وخبث، ويقع آخرون في قبضة (العدالة) لأنّهم اعتقدوا أنّ هناك من يحمي فسادهم، وظنّوا أنّ اللعبة لن تنتهي، ولكن حبل الفساد قصير مهما طالت أيامه، واستطالت مدته، ولعل (دولة القانون) بدأت تقوم بعملها، رغم العثرات، والقرارات الصعبة أحيانًا، ولكن أول الغيث قطرة، والقطرة تلو القطرة تشكّل واديًا سيجرف معه كل من تسوّل له نفسه الفساد، والإفلات من العقاب.

(3)

ولأنّ أفراد الحكومة هم السائسون، والمنتفعون، وأصحاب (الحكمة) والرأي، وهم (القدوة) التي يجب أن تُزرع في أذهان النَّاس، فعليهم المُبادرة ـ قبل غيرهم ـ بتطبيق الإجراءات التي يصْدرونها، ويصَدّرونها لأفراد المجتمع على أنفسهم، تماماً كما يفعل كثير من الوزراء في بعض الحكومات الغربية والمتقدمة، والذين بادروا بتخفيض رواتبهم، وامتيازاتهم، من تلقاء أنفسهم حين بدأت أزمة النفط العالمية الحالية تلوح في الأفق، ولم ينتظروا قراراً أو تعلميات أو توجيهات ليفعلوا ذلك..ولا أعتقد أن وزراءنا أقل مسؤولية ووطنية من نظرائهم في تلك الدول المتقدمة، وقد يفعلها بعضهم بوازع وطنيّ، من يدري؟!!.

(4)

ولعل أفراد الحكومة ـ سواء الحاليين أو السابقين ـ لدينا هم من الفئات المرفهة، والتي لا تبخل عليها الدولة بالمال، ولا الامتيازات، في كل فتراتها، ولذلك فإنّ الأمل معقود عليهم في التحلّي بروح المسؤولية، والوطنية ـ التي لا يزايدهم عليها أحد ـ بأن يبدأوا بأنفسهم وأن يقوموا بمبادرات على المستوى الشخصي والجماعي كي يثبتوا أنهم ليسوا مجرد وزراء أو وكلاء في مناصبهم بل هم قدوة للجميع، وأنهم لن يبخلوا على الوطن الذي كان كريمًا معهم دائمًا بالغالي والنفيس.

(5)

هناك (جهات سيادية) لم تطلها إجراءات (التقشف) وهي جهاتٌ تمتص كثيراً من خزينة الدولة، وتشكّل عبئاً على الموارد العامة، ورغم أنّ المواطن البسيط دفع ثمن هذه الأزمة، وسيدفع في الأيام المقبلة أكثر وأكثر من قوته، وقوت عياله، وهو الذي لا يملك غير راتبه، فقد حان الوقت الذي يجب أن تتحمّل فيه هذه (الجهات المرفّهة) جزءًا كبيرًا من ترشيد الإنفاق الذي طال مؤسسات الخدمة المدنية، فالمواطنون والحكومة شركاء في الشدّة والرخاء..أليس كذلك؟!!..

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك