"لا تصيبوا قومًا بجهالة"

إيمان الحريبية

على مرّ التاريخ وجدت الشائعات ونشأت وتطورت معه، ولا تزال تُحدث من الاضطرابات ما يتعذر في كثير من الأحيان رأب صدعه أو تلافي تداعي أضراره، متكئاًة في كثير من الأحيان على غفلة بعض أفراد المجتمع أو قلة وعيهم أو تساهلهم في بعض الأحيان مع تمرير الأخبار وترويجها دون أدنى درجات التحقق من مدى صدقها أو كذبها أو خطورتها.. ظاهرة ليست بسيطة كما يراها البعض، بل إنّها قد تهدد استقرار المجتمع إن مسّت في مضمونها ثوابته العليا.

وللشائعات أقسام فمنها ما يستهدفُ إثارةَ الخوفِ والقلق، ومنها ما يهدفُ مروّجُوها من ورائِها إلى الضغط تتحولَ إلى حقيقة، كالحصولِ على منافعَ اجتماعية واقتصادية، هناك شائعاتٌ تضرُ بأفرادٍ، وأخرى تتربصُ بمنشآت وكيانات، وهناك نوعٌ آخر يطلق لقياسِ الرأي العام حول موضوعٍ ما، لكنِّ الاستمرارَ في عدمِ الردِ على الشائعاتِ بصورة مباشرة وفورية يتيحُ زيادةَ انتشارِها.

وفي زمنٍ توسعت في مسارح الشائعات من الحدودُ التقليديةُ لأراضي خصبة سهلت فيها تداول الكلمة عبر وسائل المعلومات والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي تجدُ الدوائرُ المعنيُة بالترصدِ لظاهرةِ الشائعاتِ صعوبة ما بعدَها صعوبة للإطباقِ على جميعِ الشائعاتِ والوصول إلى مَصدرِها. فكيف يحصنُ المجتمعُ أفرادَه من هذه الآفة.

من الأمورِ التي ينبغي اتباعُها لمقاومةِ ظاهرةِ الإشاعات العملُ أن يتم التأكيد على أهمية الوعيِ الثقافيّ والفكريّ والسياسيّ اتجاه الإشاعةِ لدى المجتمع باستخدام وسائل مختلفة والتعريف بمخاطر الشائعة التي تتميز بالصدفة والمفاجأة وحدوث الصدمات النفسية على الجمهور وما يتبع ذلك من حالات الارتباك والفوضى وفي كثير من الأحيان نمو بيئة من الشائعات وعدم القدرة على إتباع السلوك الأمثل في مثل هذه الظروف. وفي هذا الإطار برزت أهميّة عامل الوقت والرسائل التوعويّة التي توجه الجمهور وردود أفعاله مع ملاحظة حالة التوتر واللاعقلانية التي تسيطر على الجماهير المتأثرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالأزمة. ومما لاشك فيه أنّ للإعلام دور لافت في التوعية وتشكيل الرأي العام بمختلف دول العالم وتعزيز الأمن وطمأنة النفس والتأكيد على أهميّة مواصلة العمل الجاد مع كافة المؤسسات لتحقيق التكامل والاستجابة اللازمة لما تحقق من منجزات وإنجازات تقدمها هذه المؤسسات في العهد الزاهر الميمون لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله و أبقاه ــ .

ولمواجهة الشائعة بشكل منهجي يجب علينا دراسة وتحليل الشائعة وذلك من حيث الشكل والمضمون (المكان والجمهور والدوافع والأسباب والآثار) وذلك من خلال جداول بيانية تحليلية، مُدرَج بها كل ما يخص الشائعة؛ وذلك لكي تتضح عملية الدراسة والتحليل، وتكون أكثر إجرائية. وبناء عيادة للشائعات تخصص لها مساحة معقولة في وسائل الإعلام، وتتفقَّد الشائعات، وتحلِّلها بدقة وترد عليها، وهذا هو المعمول به في مقاومة شائعات الإنترنت؛ فيخصَّص موقعٌ موثوق به يتضمَّن جملة من المتخصِّصين في الكشف والتحليل والرد على الشائعات، والتحذير منها.

هذا بجانب أهمية وجود خطة بديلة وتحديد خطة ووسائل مختلفة منهجية ومدروسة للتعامل مع كل أزمة من هذه قد تسببها الشائعات، بجانب وجود خطة وأهداف ووسائل إعلاميّة وتوعوية رئيسية تستهدف كافة الجماهير ليس على المستوى المحلي بل وعلى المستوى الخارجي أصبح أمرًا في غاية الضرورة. وأن تنفذ تمارين سابقة للخطط المعدة تقام على المستوى الوطني أو على مستوى المناطق المتوقع تأثرها بمثل هذه الأزمات لاختبارها والوقوف على مدى نجاح واستجابة الموقف ومدى نجاح الخطط المعدة بهذا الشأن بمساندة وسائل الإعلام المختلفة. بالإضافة إلى ضرورة إيجاد بدائل اتصال فغياب الاتصال في ظروف الأزمات له الأثر الكبير في نمو الذعر والهلع في نفوس المواطنين. اعتماد إستراتيجية إعلاميّة تستخدم تقنيات إعلاميّة ملائمة بجرعات محسوبة تقدم للمواطنين. واتباع تكتيك الحقيقية مع التهدئة والطمأنينة وتعليل حالة الصدمة بجانب تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين والجمعيات الأهليّة عن طريق الاتصال الجماهيري.

تعليق عبر الفيس بوك