مجلس البحث العلمي يمول دراسة لفهم أفضل لآلية عمل الأدوية وزيادة فاعليتها

مسقط - الرُّؤية

يُجْري فريقٌ بحثيٌّ بقيادة الباحث الرئيسي الدكتور أسامة أبوزيد أستاذ مشارك بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس -وبتمويل من مجلس البحث العلمي- دارسة علمية لفهم أفضل لمرونة البروتينات ودورها في التعرف على الأدوية في الوظائف البيولوجية.

وتبرز أهمية الدراسة في البحث المباشر في الآلية التي يعمل بها الدواء أو العقار في العلاج والتعرف على الطرق المثلى لتطوير الدواء ومن ثم فعاليته. كما تكمن أهمية توضيح آلية ترابط البروتين اللاقط في فهم الوظائف البيولوجية الحساسة وأهميتها في وصف وظائف الدواء عند الارتباط بالإنزيمات؛ مما يُسهِّل ايجاد الدواء الأفضل وكذلك الصيغة الدوائية المناسبة.

وقال الدكتور أسامة أبو زيد: إنَّ الفريق البحثي يدرس المرونة في تجاويف البروتين ودور هذه المرونة في تعريف اللاقط على البروتين المعني، ومن ثم دراسة تجاويف عدد من البروتينات والتي لها اهمية كناقل في الأجسام الحية؛ ومثال على ذلك: "السيرم البومين" والأجسام المضادة وكذلك الإنزيمات.. مضيفا بأنَّ الفريق البحثي استخدم في هذا البحث مركبات جديدة ومركبات معروفة لدراسة طبيعة تجاويف هذا البروتين ودراسة ترابط المركبات التي يتوقع أن يكون لها فعالية في مقاومة مرض "باركنسون" أو أمراض السرطان.

وأوضح الدكتور أسامة أبوزيد أنَّ الفريق يهدف لفهم آليات مختلفة لارتباط بعض البروتينات بالأدوية، ومن ثمّ فهم أدق لكيفية عمل الدواء خلال فترات العلاج. وخلال هذه الدراسة، سوف ندرس تفاصيل تفاعل الدواء مع البروتين ودور مرونة البروتين على كفاءة الدواء. وسيتم تتبع التغير في اطياف البروتين والعينة حتى يتسنى استخلاص صورة شاملة عن طبيعة الترابط وبصفة خاصة عن ليونة الارتباط أو صلابته. كما سيجري دراسة تأثير وجود جزيئات الماء في تجاويف البروتينات على التعرف الجزيئي؛ حيث إنَّ الدراسات النظرية يتم إجراؤها من خلال دراسة الحركية الجزئية والتطابق الجزيئي، وستكون النتائج لها أهمية بالغة في فهم تفاصيل آليات الترابط، فضلا عن إجراء دراسات مركزة على ترابط مركبات دوائية مع الإنزيم المعني لإلقاء الضوء على تثبيط المركبات الدوائية لهذا الإنزيم.

ويتوقع الدكتور أسامة لهذا العمل المساهمة في فهم أهمية المرونة في التعرف بين البروتين واللواقط في وظيفة البروتين البيولوجية بصفة عامة.. مشيرا إلى أنَّ وجود العديد من الأفكار حول آليات إدراك البروتينات للجسيمات الغريبة للجسم، ولكن ما يدعو النقاش حوله هو في الحقيقة مسألة المرونة أو مدى مرونة البروتينات؟ حيث في الواقع من الصعب دراسة مرونة البروتينات من الناحية العملية، ومن أجل هذا أسست مجموعة من العلماء في كلية العلوم بقيادة الدكتور أسامة أبوزيد مختبر ليزر لقياس مرونة الفجوات الرابطة داخل البروتينات. وتعد هذه التقنية مهمة لأنه يعتقد كثير من العلماء أن مرونة البروتين تلعب دورا مهمًّا في أي وظيفة بيولوجية مثل إدراك الجسيمات المضادة للجسيمات الغريبة للجسم والذي يعتبر أحد الأحداث الأساسية في نظام المناعة البشري، وكذلك كيفية ربط الأدوية بالبروتينات.

وأضاف الدكتور أسامة أبوزيد بأنَّ جهاز الليزر سيسهل قياس تردد الاهتزازات داخل البروتين كنتيجة للقوة الكهرومغناطيسية الصادرة من الليزر كذلك سوف يسمح مختبر الليزر بدراسة التفاصيل العملية لمرونة البروتينات على المستوى الجزيئي، الذي يعتمد على إدراك الاهتزازات الصادرة من الذرات المكونة للبروتين والتي تحدث في فترة زمنية تصل إلى أقل من مليون مليون جزء من الثانية.

وقال الدكتور أسامة إنَّ معمل الليزر قد استغرق بناءه عاما كاملا ويحتل غرفة بأكملها في قسم الكيمياء. وينبعث من الليزر موجات من الفوتونات في نبض يساوي تقريبا 80 فيمتوثانية - وهو بلايين المرات أسرع من أي كاميرا معروفة. وكما أن هذه السرعة الفائقة في الكاميرات أمر ضروري لالتقاط الحركات السريعة لعمل فيلم، الفمتوثانية ليزر سوف يسمح بالتقاط الحركات السريعة داخل البروتينات كذلك أن الفيمتوثانية ليزر الموجود في معمله سوف يقوم بقياس البروتينات وهي تهتز بشكل مباشر مما يسمح بفهم دقيق لكيفية عمل البروتينات عندما ترتبط بها أجسام خارجية مثل الميكروبات أو الأدوية. ويتوقع فريق العمل أن تؤدي هذه الدراسات لفهم أدق لكيفية حدوث بعض الأمراض ومن ثم لتطوير بعض آليات المعالجه.

وأضاف أنَّ من النتائج الأولية التي حصل عليها الفريق البحثي فهم أدق لكيفية ربط الدواء الوارفارين بالسيرم البومين الموجود في الدم، ودواء الوارفارين هو من أهم العقارات المستخدمة في علاج الأزمات القلبية. فمن المعروف أن الوارفارين يؤدي وظيفته في العلاج عندما يكون متأيناً أي عندما يحمل الجزيئ شحنة سالبة ولا يكون فعالاً إذا كان متعادل الشحنة.

وخلصت الدراسة إلى أن السيرم البومين يحافظ على تواجد الوارفارين في الحالة الأيونية والتي تحافظ على فعالية الدواء. ويتوقع فريق العمل أن يحصل على نتائج لها أهمية في مجال الصيدلة والذي يمكن أن يفتح أبواب لمشاريع مستقبلية في هذا المجال. وأضاف الدكتور أسامة بأن الدراسة لا تزال قيد البحث وهناك العديد من التجارب المعملية التي في طور التنفيذ، كما يأمل فريق البحث بأن تؤدي هذه التجارب إلى فهم كامل لكيفية عمل الدواء ليس فقط بربطه بالبروتينات الحاملة ولكن عندما يصل الدواء إلى الخلية وكيفية تأثيره المباشر.

ويضمُّ فريق العمل باحثين من قسم الكيمياء وهم الدكتور أسامة أبوزيد الباحث الرئيسي، والدكتور يونس باقي الباحث الرئيسي المناوب، والدكتور رائد عبد الجليل والدكتور جون هاسبند باحثان مشاركان ومن قسم البيولوجي الدكتورة علياء الأنصارية باحثة مشاركة. كما تم تمويل مختبر الليزر بمنحة من مجلس البحث العلمي. ويعمل في المشروع طالبة دكتوراة صبا سليمان وطالبة ماجستير خديجة المعمارية.

وعن الصعوبات التي واجهت فريق العمل، قال الدكتور أسامة إن من بين الصعوبات كيفية بناء معمل الليزر في كلية العلوم بجامعة السلطان قابوس. فقد تطلب بناء هذا المعمل إعادة تشكيل غرفة في قسم الكيمياء بحيث تكون مظلمة تماماً وأن تتوفر بها درجة حرارة ثابتة. وقد ساعدت الإدارة بكلية العلوم متمثلة في عميدة الكلية البروفيسيرة سلمى الكندي ومساعد العميد للدراسات العليا والدكتور سالم الحارثي بشكل كبير في حل هذه المشاكل. واختتم الدكتور أسامة بقوله إن فريق العمل يأمل في أن تؤدي نتائج هذه التجارب إلى عمل حلقة وصل مع بعض شركات الأدوية من أجل الاستفادة من المعلومات المتاحة من المشروع ومن ثم إمكانية فتح باب التطبيق العملي.

تعليق عبر الفيس بوك