خواطرٌ ومسيرة

سلمى اللواتية

1. ما الذي يفترض الحديث عنه يا ترى و(العالم الإسلامي) يعيش مناسبة مولد (نبيّه) وبين الكلمة ومتعلقها الملازم لها (العالم الإسلامي، نبيه) بون شاسع بمقدار ما يمكنك أن تتخيله بين السماء والأرض، أي بين اللانهاية والبداية التي تظن أنها البداية ؟!!! هكذا هو الواقع الذي نبذل قصارى الجهد أن نستوعب -من فرط الخيال - منه شيئا، وأن نلتقط من غياهب أساه بعض البصيص؛ لعلّ الحياة تستعيد مذاق العيش الكريم وسط صليل الذل والمهانة التي يفترض أن تكون الأمة التي عزّت بالأمين قد فارقتها مذ عزّت به!!!

2. يعتمل الجرح ويغور الألم، جهل وفقر واضطهاد ومآسٍ نلتحفها جمعًا آناء الليل وأطراف النهار، عين على جرح العراق وأخرى على سوريا، ويد تحنو على اليمن الذي ما عاد سعيدا! وقلب موزّع على جهات المغرب العربي، وأخيرا قتلني الألم في أرض الكنانة، واستهلك منّي كل العقل الذي كنت به أخطُّ عباراتي!! ولو كنت قد نسيت وطنا معذبا هنا أو هناك فذكّروني، وطنٌ آخر تزوّج رجاله الحرب، وعانقت نساؤه الترمّل والثكل!!!

3. لماذا أيها الأزهر الشريف؟ لماذا أطفأت كل قناديلك الزاهرة وأشعلت في كياناتنا المتهالكة من الشرذمة طائفيةً جديدة، أيعقل منك مسابقة تبحث عن خطورة مذهب إسلامي يسمى (التشيّع) وفي جدرانك شواهد من الفاطميين الشيعة!! أيّها الأزهر الشريف، في قلبي أنت شريف رغم كل العثرات، تعال فقط واجمع عثراتنا وضمد جراحنا بمعين علمك، ولا تمنح المتصيدين في الماء العكر فرصةً أخرى ليصفوا لنا إسلامًا غير إسلامك المعتدل.. أيّها الشريف شدّ وثاقنا إلى حبل الله جميعا تحت ظلالك الوارفة!

4. وسؤال آخر ياليتني ما سألته أحدا، ولكنني تجرأت وطرحته تيمنا بالمولد الشريف، سألته للكبار والصغار الذي باتوا يفهمون مصطلحات الصورة الذهنية، سألت الجميع عن الصورة الذهنية للنبيّ في أذهانهم، ولن أضع الإجابات هنا ولكنني أدعوكم أن تسألوه لكل من تعرفون، لكل النخبة والعوام، ثم فلننظر في تاريخنا وتراثنا كم ظلم شخص محمد رسول الله! ولننظر إلى واقعنا كم مسخ الحق! ثم فلنعد النظر فيما نؤمن ونعتقد حول تلك الشخصيّة العظيمة التي تحتاج منا أن ننفض عنها كم التراث الروائي الذي أسكنها في ما ظنه الناس عنه، لا في أصل ما صنعه الله أنموذجًا كاملا للبشرية!

5. " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ونظل نكررها في كسل وخمول، نعم يكون كسلا وخمولا حين نعرض التاريخ جامدًا في زمن الإبهارالذي يعيشه أبناؤنا! فتضيع القدوة وتمشي الأجيال عمياء خلف أكداس النمذجة المخططة بدقة ممن يقودون مدنيّة اليوم نحو ثقافة عالميّة تلغي الآخرعمدا، ثم نتساءل ببلاهة عن نظرية المؤامرة، وقريبًا ستقام المؤتمرات لبحث ماهيّة النظرية في ظل الأوضاع الحالية لتخرج بنتائج تتسلى بها العقول الخاوية ردحا من الزمن، ولتقتات عليها بحجة وأخرى!

6. وتستشري البدع، ويتآكل العقل العربي بفعل رُمّة (دودة الأرضة) الخرافة المسيطرة على كل مفاصل العلم الذي (يلقّن) بعيدًا عن الرأي والرأي الأرجح؛ ليكون السطر الأخير، وليس النهائي من ضحاياها بدعة الاحتفال بالمولد النبوي !! أليس في الذكرى عبر؟ أم أننا نريد شطب العِبر التي تهب للأمة حياة؟ وبدع أخرى تصنع في المخابز المعادية معجونة بالعسل والسكر وقليل من الملح لتقضي على بقيّة وحدة نجتمع فيها في موسم الميلاد، ولتثير نعرات التاريخ المقززة الكاذبة حول حفلات شحن طائفي أو تأييد ذبح مذهبي !! يا ويلي كأننا أمّة لا يناسبها لا شهر الربيع ولا موسم ثورات الربيع، إذن فلنعش محرمًا علينا الفرح حتى ننقرض!!

7. نعم، البقاء للأقوى وسيسحقكم هذا الأقوى الآتي لست أدري من أيّ الجهات الأربعة، أو قد يتساقط عليكم ككسف من السماء ويخسف بكم ظهر الأرض، لقد أعنتم الرهط الذين كانوا يفسدون، وتركتم المترفين يفسقون؛ فحق القول ودُمّرتم تدميرا، لأنكم رضيتم بأن تكونوا الحلقة الأضعف في جولات الحياة.

8. يالله اشهد علينا، وليشهد حسيس الزمان والمكان أننا حين شددنا العزم على القوة أعددنا رباط القوة نرهب به أكبادنا وقلوبنا ولترجف البيداء من تحت أرجلنا، وترتعب سماوات أوطاننا، ونام الصهاينة على أرض المقدس آمنين مطمئنين فالحق صار أجبن من أن يقول كلمته، والصراط المستقيم عميت عيناه ومسَّ الجان منا كل سواعد القوة!

9. أيعقل أن تغتال إسرائيل رجلا مسلما منّا، فتتصاعد وتيرة الشماتة العربية فينا ! وينأى وطنٌ كريم بنفسه عن جيش سيسفك دمه، مترفعا أن يؤكل يوم أُكل الثور الأبيض فتشتد حملة التشويه لكل حمامات السلام التي أرسلها على هذا الوطن العربي والعالم الإسلامي، بل المجتمع الدولي! يا سبحان الله كيف صار وانقلبت موازين الحكمة في أمة مقدّر لها أن تكون خير الأمم! فمتى يكون ذلك؟

10. كل عام ورسولكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكتابكم القرآن، وقبلتكم الكعبة، وصلواتكم خمس وصيامكم في شهر رمضان، وأمتكم أمة واحدة والله ربكم فإياه فاعبدون، وعذرا لسماجة ربما بدت بين السطور، فلا فرح في قلبي بقي كي أنثره على صفحات الحديث عن ذكرى مولد لا يحتاج لسرد سيرة؛ وإنما لبعث منهاج ومسيرة!!!

s.allawati@hotmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك