مؤشرات الأزمة الاقتصادية

فايزة الكلبانيَّة

المؤشر الأول

لا تزال حكومتنا الرشيدة تستحث الخطى لإيجاد حزمة من التدابير تُعين على تلافي تداعيات أزمة انهيار أسعار النفط، والتي أرخت بظلالها على كافة اقتصاديات دول العالم (المتقدم منها والنامي). ومع الأخبار الأخيرة عن إحالة مجلس الدولة لمشروع ميزانية العام 2016 إلى مجلس الوزراء، يحبسُ المجتمع العُماني أنفاسه في انتظار ما ستؤول به الميزانية الجديدة، كما ينتظر العُمانيون تلمُّس نتائج الجهود المبذولة -والمقدَّرة- من جانب المسؤولين حول آلية التعامل مع الوضع الراهن وخطط ترشيد الإنفاق، وإستراتيجية التحول عن المسار الأحادي المتمثل في الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

المؤشر الثاني

نعلم أن الجهود التي تُبذل خلف الأبواب للتقليل من تداعيات الأزمة الحالية متواصلة، ولكن يبقى تساؤل وحيد: لماذا لم نشهد إصدارَ بيان توضيحي لوضع السلطنة جراء الأزمة الحالية؟ ولماذا لم يخرج مُتحدثٌ رسميٌّ من المعنيين بهذا الشأن ليتحدث لأفراد المجتمع والرأي العام بمختلف فئاته، ليعلن حتى ولو بعضا من تلك الجهود وحجم الأزمة، وأين السلطنة باقتصادها منها، خصوصا مع انتشار العديد من الشائعات التي تتواتر على مواقع التواصل الاجتماعي هنا وهناك، والتي بلا شك ستتنامى طالما أنه ليس هناك توضيح رسمي يدحضها أو يحجِّم من المخاوف التي تبثها؟! على الأقل ستسهم تلك البيانات أو الإيضاحات في تهيئة وتوعية الجميع -المواطن والمسؤول والموظف- فيعي المواطن أهمية مساهمته والدور المنوط به في المرحلة الحالية، فلكم تعوَّدنا من حكومتنا الرشيدة على إطلاعنا وإشراكنا في اتخاذ القرار من واقع مبادئ الشراكة المجتمعية.. ومن ناحية أخرى، سيكون المواطن مستعدا ومتقبلا لأية قرارات احترازية -أو حتى تقشفية- قد تتَّخذها الحكومة لتلافي تداعيات الأزمة.

المؤشر الثالث

المرحلة الحالية تتسم بالحساسية على مختلف الصُّعد، وليس الاقتصادية وحدها، وهو ما يجعلنا نناشد القائمين على اتخاذ القرار سرعة إنجاز المهام المتعلقة بإيجاد الخطط البديلة، والعمل بشكل متسارع لإيجاد بدائل سريعة وفعلية (وليس مجرد توصيات أو أفكار) لرفد الاقتصاد الوطني، خصوصا وأنَّ عُماننا تتوافر على العديد من المقومات والبُنى الأساسية، الكفيلة (في حال أُحسن استغلالها) بتجنيبها أية آثار سلبية للأزمة المحدقة بنا هذه الأيام.

فالسياحة والتعدين واللوجستيات والزراعة والثروة السمكية والتعليم والصناعات الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب الاهتمام بالابتكارات والعنصر البشري، كلها مقومات يُمكن تسميتها بـ"استثمار المستقبل"، وهي في رأيي لو توفَّرت لها الإمكانات اللازمة لاستثمارها، لأغنتنا عن الكثير من الإجراءات الاحترازية المتوقعة؛ حيث إنها كفيلة بضخ دماء جديدة في شرايين اقتصادنا الوطني بما يجنبه أية معوقات قد تعيق طريقه نحو مزيد من النماء، وبما يضمن (في الوقت نفسه) عدم المساس بطبقة ذوي الدخل المحدود أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

المؤشر الرابع

بعض الدول اتَّجهتْ إلى عملية "فصل الإنفاق الحكومي عن الإيرادات النفطية"، في خطوة تضمن لها التحول إلى القطاع غير النفطي؛ بهدف تجنيب اقتصادها الوطني الصدمات السلبية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط عالميا. لماذا لا تؤخذ أمثال هذه التوجهات والخطط في الحسبان؟

... إن المرحلة الحالية تتطلب تعزيزَ دور القطاع الخاص بما يضمن له مساهمة فاعلة في دعم مسارات التنمية والنهوض بمقدرات هذا الوطن.. ومن خلال التجارب العديدة في هذا الشأن، يُمكن مثلا فتح الباب أمام شركات القطاع الخاص للدخول في مزيد من الاستثمارات تحت إشراف حكومي؛ بحيث يكون دور الحكومة "رقابي/إشرافي" وتوكل المهام التنفيذية لشركات القطاع الخاص، خصوصا وأنَّ اضطلاع الحكومة وحدها بمهام التنمية، يُخلف آثارا قد تحمِّل الميزانية فوق ما تحتمل، وهو ما ينعكس على زيادة حجم العجز أو المديونية.

المؤشر السادس

إن قرارات بعض الشركات -سواء الكبيرة أو تلك الصغيرة والمتوسطة- لتخفيض نفقاتها كمسعى لتفادي تفاقم تبعات الأزمة، ولجوءها لتقليص أعداد موظفيها، أو إقدام البعض منها على غلق بعض فروعها كإجراء لتقليل النفقات.. تكشف في جانب منها حجم الأزمة الحالية، والتي تتطلب بالفعل تكاتفا اجتماعيا يضمن إيجاد مسارات جديدة للخروج من الأزمة.

faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك