الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تحتفي بديوان انشغال الغيم للشاعر أحمد المعشني

الفارسيّة تستعرض ورقة عمل نقدية حول قصائد الديوان

مسقط ـ الرؤية

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أمس الأول بمقرها في مرتفعات المطار، ممثلة في لجنة الشعر، حفل تدشين الديوان الشعري "انشغال الغيم" للشاعر أحمد بن محمد المعشني، بحضور عدد من المثقفين. وتضمن الحفل إلقاء قصائد شعرية متنوعة للشاعر أحمد المعشني تفاعل معها الحضور.

وقدمت الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية ورقة عمل نقدية في الديوان الشعري حملت عنوان "انشغال الغيم ومستويات الفقد"، أشارت فيها إلى إن النظر إلى عتبات الديوان بإمعان يوصلنا إلى احتمالات ظنية تسلط إَضاءة خافته على التجربة الشعرية للشاعر، فالعنوان يتكون من مفردتين مسند ومسند إليه، وقد أسند الشاعر مفردة الغيم إلى انشغال، وانشغال صيغة مشتقة من انشغل ـ انفعل، وصيغة "انفعل".. أكثر الصيغ قربا إلى العامية في التذوق اللغوي، إلا أنّها فصيحة، وزاد الشاعر على مبنى هذه الصيغة انفعل فأصبحت (انفعال)، أي انشغال وليس انشغل.

وأضافت الدكتورة سعيدة أن الديوان يضم 59 قصيدة في مختلف الأغراض الشعرية، لكن القصيدة العمودية لها الغلبة إذ بلغت 34 قصيدة مع ما تقارب منها في الشكل البنائي واختلف في قوافي المقاطع. وهذه القصائد الـ (34) تسير وفقا لقاعدة الشعر النبطي إذ تشتمل القصيدة على قافتين مختلفتين ينتهي بها كل شطر ويلتزم بها الشاعر التزاما تاما، وباقي القصائد جاءت على التفعيلة أو ما شابهها من القصائد ذات التنويع في القوافي، والتوحيد في التفاعيل أحيانا، وإذا أعملنا النظر في القصائد العمودية النبطية نجد الشاعر يحاول أن يتقمص روح البداوة التي اتخذت من هذا الشعر نمطا معروفا، لكن نظرًا لثقافة الشاعر المعاصر واختلاف بيئته الحضرية الريفية، واختلاف عوالمه الإبداعيّة، اتّسع معجمه واختلفت مفرداته ولغته وصوره ورؤيته عن أصول القصيد النبطي.

ونوّهت الدكتورة سعيدة الفارسية بأنّه إذا عملنا قراءة مقارنة بين القصيدتين النبطية العمودية، والقصيدة العامية التفعيلية لدى المعشني سنجد أن أبرز الفروق بينهما تتمثل في الجوانب التالية، أولا البناء: من المعروف سلفا أنّ بنائية القصيدة العمودية تقوم على توازن الشطرين إيقاعيًا وتفعيليا، فالوحدات الإيقاعية واحدة في كلا الشطرين وكل شطر يحتفظ بقافية يلتزم بها الشاعر طول بنائية النص، أمّا بناء النص التفعيلي فهو قائم على اختلاف عدد الوحدات التفعيلية في الأشطر، وعدم الالتزام بوحدة القوافي، ورغم قلة النصوص التفعيليّة في الديوان إلا أنّ توجه الشاعر إليها يبدو قويا، وهنا نستطيع أن نقول إنّ الشاعر قد ضاق بالقيود الصارمة التي تفرضها القصيدة النبطية الكلاسيكية، باحثا التعبير عن ذاته في حرية تليق بشعريته، لذا توجه توجها مغايرًا عمّا اعتاد عليه.

وعن اللغة، قالت الفارسية إنّه في القصيدة العمودية تهتم اللغة بالبلاغة الفخمة والتراكيب البيانية الناصعة التي تستقطب اعجاب المستمع وتجعل التجاوب بين الشاعر المنبري وبين الجمهور المعتاد على التلقي السمعي مدهشًا لتنتزع منه كلمات الاستحسان، وهي قصيدة ذات جرس موسيقي عال ينبع من التزام الوزن المنتظم الايقاع تماما ومن رنين القافيتن الملتزمتين طول القصيدة، أمّا في قصيدة التفعيلة فنجد لدى الشاعر تلك اللغة البسيطة الرقراقة المنسابة بدون تشنج وبدون ضجيج إيقاعي.

وعن الصورة، قالت الفارسية إنّ صور القصائد العمودية جزئية بيانية في إطار التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز، وهي صور جميلة وجديدة تحمل خصوصيّة الشاعر المعشني، لكنها تنتهي بانتهاء البيت الشعري عادة، حيث الحرص على اقتناص صورة عجيبة مدهشة لتمثل وحدة البيت كما هو في الموروث العربي. ولخصت الدكتورة قراءتها أنّ المعشني قدّم في ديوانه تجربته الذاتية مجسدًا معاناة الإنسان المعاصر وأزماته المتمثلة في الفقد والاغتراب والقلق والملل الوجودي، وقدم لنا شعرًا صافيًا وفنًا متميزًا وإبداعًا خالدًا لما فيه من نبض إنساني مشترك، ومن تجديد وخلق وابتكار يليق بصاحبه أن يواصل هذا العطاء الإنساني المتميز. وفي نهاية الجلسة النقدية فتح باب النقاش مع الحضور الذين أثروا بمداخلاتهم الجلسة الأدبية، كما تمّ توقيع الديوان الشعري "انشغال الغيم".

تعليق عبر الفيس بوك