مجلس التعاون.. النظر إلى "القمّة"

إضاءة

مسعود الحمداني

(1)

انتهت قمة مجلس التعاون في هدوء شديد، ربما لم يسمع بها كثيرون، وربما سمعوا بها ولكنهم لم يعودوا مُهتمين بها، وربما أصبحت مجرد بروتوكول سياسي شكلي للقاءات لا تخرج بما تطمح إليه الشعوب، وبتوصيات لا يُنفذ معظمها..

(2)

أتذكر تلك الأغنيات الوطنية (خليجنا واحد)، وتلك الفرحة العارمة التي تسود الشارع الخليجي قي بدايات القمم الخليجية.. أمّا اليوم فما عادت القمة تعني شيئًا لغير السياسيين، لأنّ معظم التوصيات تنصب لحل مشاكل خارجيّة أوجدتها دول خليجية لنفسها، ولغيرها، وبات لزامًا عليها حلّها..

ومن أكثر المواقف طرافة في هذه القمة (الدعوة لعقد مؤتمر لإعادة إعمار اليمن)!!..

(3)

الخوف ليس على (إنجازات) المجلس، التي لم نلمس منها شيئا، بل الخوف على الشعوب التي تجمعها (الكرة) وتفرّقها السياسة.

(4)

قد يجتمع الساسة في قمة وداع أخيرة، ينظرون لبعضهم بعضا بعتب، وسنحتاج إلى سنوات طويلة لنعيد بناء ما اقترفه بعض السياسيين في حق شعوبهم.

(5)

الواقع يقول إنّ دول الخليج ـ بالنسبة للغرب ـ هي مجرد بقرات حلوبة للنفط، تتقاتل على حليبها الأمم العظمى، ولن يكون لها أي نفع بعد جفاف ضرعها، وسنعود إلى البدء معزولين، ووحيدين في صحراء حارقة لا ترحم.

(6)

ما الذي أنجزته هذه الدول طيلة سنوات نفطها؟ ما العقول التي استثمرتها واستفادت منها؟.. كم مليارًا تصرفها سنويًا على التسليح وهي على يقين أنّها لن تستطيع حماية أمنها دون تدخل اللاعبين الكبار؟.. وكم مليارًا تمنحها لأوربا وأمريكا لتحميها من عدو وهميّ؟.. وكم حربا موّلتها وتورطت في بحرها دون أن يكون لها فيها ناقة ولا جمل؟.

(7)

حبست بعض دول المجلس نفسها في قوقعة الخوف، وزجّت بنفسها في دوامة كانت في غنىً عنها، وتدخّلت في شؤون غيرها، وصرفت أموال شعوبها في إثارة فتن وزعزعة استقرار دول عربية أخرى، وكوّنت عداوات لها ولمواطنيها في تلك الدول دون داعٍ لكل ذلك.. وها نحن جميعًا نجني ثمار ما زرعوه.

(8)

ماذا لو ظلّت هذه الدول على الحياد ونأت بنفسها وبشعوبها عن الصراعات الإقليمية والدولية؟!! ماذا لو عرفت هذه الدول حجم إمكانيّاتها البشريّة ووجّهت أموالها للتنمية واستثمار عقول أبنائها، والعمل للمستقبل الذي لن يرحم ضعف أمرها، وقلّة حيلتها، وهوانها بعد أن تنضب موارد النفط وتجد نفسها وحيدة ومهمّشة وغير ذات أهميّة للدول الكبرى؟ ألم يكن الحياد أفضل لها بدلا من الانجرار نحو (وهم الهيمنة) ؟!

(9)

أنظر بفخر لسياسة صاحب الجلالة السلطان المفدى - حفظه الله ورعاه - والتي حفظت عمان بعيدًا عن سياسة العواطف وردود الأفعال الآنية والمتشنجة، واستطاعت السلطنة طيلة سنوات أنْ تثبت أنّ قاعدتها هي (الثبات والمبدأ ومصلحة الوطن) قبل أن تكون سياسة غوغائية تنحاز للسلطة المطلقة التي تبحث عن بطولات وهمية خارج حدودها.

هذا هو منطق الواقعية والبراجماتية السياسية التي لا يفهمها غير المحنّكين والعظماء.

(10)

صرخة (الثيران الثلاثة) ما زالت تدوّي في كتب الحكايات والأمثال والعبر، ولكن يبدو أنّ الخليجيين لم يسمعوها جيدا، أو أنّهم لم يستوعبوها. والتي قالها الثور الأحمر وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: (لقد أُكلتُ يوم أُكلَ الثورُ الأبيض).

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك