مسقط - الرُّؤية
يُشارك جهازُ الرقابة المالية والإدارية للدولة، الأجهزة الدولية النظيرة والمنظمات الدولية المختصة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد، الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يُصادف التاسع من ديسمبر من كلِّ عام، وهو اليوم الذي تمَّ فيه التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتصديق عليها.
وتحرصُ السلطنة على تجسيد قيم النزاهة ومكافحة الفساد بما يحقق التنمية الشاملة، ومنذ بدايات النهضة -وعلى امتداد سنواتها المباركة- اتَّسمتْ رؤية جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- بالوضوح في مجال تعزيز النزاهة ومنع الفساد؛ حيث أرسى الفكر السامي المبادئ الأساسية التي تسير عليها مؤسسات الدولة في تحقيق أهدافها من خلال تنفيذ اختصاصاتها بأمانة تامة خدمة للمجتمع؛ حيث أعرب جلالته عن أهمية النزاهة في أحد الاجتماعات؛ حيث قال: "هناك أمر مهم يجب على جميع المسؤولين في حكومتنا أن يجعلوه نصب أعينهم، ألا وهو أنهم جميعا خدم لشعب هذا الوطن العزيز، وعليهم أن يؤدوا هذه الخدمة بكل إخلاص، وأن يتجردوا من جميع الأنانيات، وأن تكون مصلحة الأمة قبل أي مصلحة شخصية".
وتعزيزاً لتكامل الجهود المحلية التي تبذلها السلطنة في مجال تعزيز النزاهة مكافحة الفساد مع الجهود الدولية ذات الصلة؛ فقد انضمَّت السلطنة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في نوفمبر 2013م، كما صادقت في مايو 2014 على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وفي 2 يونيو 2014م أسند مجلس الوزراء الموقر مهمة متابعة وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وأن يتولى مهمة الهيئة المقترح إنشاؤها لمكافحة ومنع الفساد تنفيذا لأحكام ومتطلبات الاتفاقية؛ وذلك بموجب ما قضت به المادة (6) من الاتفاقية بإنشاء هيئة أو هيئات لمكافحة الفساد.
وفي ضَوْء توجيه مجلس الوزراء الموقر، أصدر معالي الشيخ رئيس الجهاز القرار رقم (17/2014) بتشكيل فريق الخبراء لاستعراض تنفيذ الاتفاقية من ذوي الخبرة في المسائل القضائية والقانونية والمالية والإدارية، يمثلون عدداً من الجهات الحكومية المعنية، وهي: مجلس الشؤون الإدارية للقضاء، والادعاء العام، وشرطة عمان السلطانية، ووزارة العدل، ووزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون القانونية، إضافة إلى خبراء من الجهاز، كما تمَّ وضع آلية عمل لهؤلاء الخبراء للمشاركة في تدارس التشريعات النافذة في مجال مكافحة الفساد على ضوء نتائج استعراض السلطنة للاتفاقية؛ وذلك بموجب الفقرة (21) من آلية الاستعراض.
وكجزء من استيفاء متطلبات الاتفاقية المتمثلة في استعراض تنفيذ فصولها، استضافت السلطنة أعمال برنامج الزيارة القطرية خلال الفترة من 28-30 أبريل 2015م لاستعراض تنفيذ السلطنة للفصلين الثالث والرابع (التجريم وإنفاذ القانون والتعاون الدولي) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بمشاركة وفد من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة -بصفته ممثل أمانة مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد- إضافة إلى خبراء من المملكة العربية السعودية وجمهورية كيريباتي -بصفتهما الدولتين المعنيتين باستعراض تنفيذ السلطنة للاتفاقية بموجب البند الرابع من آلية استعراض تنفيذ الاتفاقية. وقد أشادت الوفود المشاركة في عملية الاستعراض بالوضع التشريعي للسلطنة من حيث توافقه مع غالبية متطلبات أحكام الاتفاقية، والذي سينعكس إيجاباً على تقرير الاستعراض.
وفي إطار تنفيذ السلطنة لالتزاماتها بشأن الاتفاقية قام خبراء السلطنة خلال الفترة من 8 -10 يونيو 2015م بزيارة قطرية لجمهورية فيينا لاستعراض دولة فلسطين في الفصل الثالث (التجريم وإنفاذ القانون) بجانب دولة ولايات ميكرونيسيا المتحدة مستعرضةً تنفيذ الفصل الرابع (التعاون الدولي).
وقد أنهتْ السلطنة التزامها في مهمة الدورة الأولى من استعراض الاتفاقية؛ حيث أشارتْ نتائج تقرير الاستعراض بتنفيذ بعض الجوانب الإيجابية التي تعتبر بمثابة إشادة بجهود السلطنة في مكافحة الفساد؛ أهمها: تقنين سلطنة عمان عقوبات على الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية تراعي مدى خطورة الجريمة، وأن الحصانات لا تشكل عائقا أمام الملاحقة القضائية الفعالة للجرائم الواردة في الاتفاقية، وأن الهيكل المكون من مختلف أجهزة إنفاذ القانون ومؤسسات العدالة بالسلطنة تعمل بفعالية، كما أن هذه السلطات مزودة بقدر واف من التدريب والموارد والاستقلالية، ويوجد تعاون جيد بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد في السلطنة، وأن من الممارسات الرائدة بتشريعات السلطنة تجريم قبول الموظف العام الرشوة بعد قيامه بالعمل الذي توخاه الراشي صراحةً وعدم سريان مدة انقضاء الدعوى العمومية في جرائم الرشوة والاختلاس وإساءة استعمال الوظائف في القطاع العام إلا من تاريخ انتهاء خدمة الموظف أو زوال صفته.
وقد تمَّ إدراج الخلاصة الوافية لتنفيذ السلطنة للاتفاقية ضمن وثائق مؤتمر الدول الأطراف؛ باعتبار أنَّ السلطنة أوفت بالتزامها بإنهاء دورة الاستعراض الأولى.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تهدف لعدة أغراض؛ منها: ترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون والممتلكات العمومية، وتتضمن ثمانية فصول تتناول التدابير الوقائية واسترداد الموجودات...وغيرها.
وتدعيماً لمبدأ الشفافية والنزاهة وتوجه الحكومة لمكافحة الفساد ودور الجهاز في هذا الشأن، يتم العمل في العديد من المسارات ذات الصلة بمكافحة الفساد؛ فعلى المستوى التنظيمي أصدر معالي الشيخ رئيس الجهاز القرار رقم (110/2014) بتاريخ 3 ديسمبر2014م بإجراء بعض التعديلات في التقسيمات الإدارية للهيكل التنظيمي وتعديل اختصاصات بعض الوحدات؛ حيث أنشأت "دائرة المنظمات الدولية" والتي تتمثل أهدافها في متابعة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقيات التي تكون السلطنة طرفاً فيها والمتعلقة بالتدقيق وحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والتعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في هذا المجال.
أمَّا على مستوى متابعة التقارير الدولية؛ فقد تم رصد نتائج السلطنة في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية للعام 2014م؛ إذ تم الوقوف على النتائج العامة والتفصيلية للسلطنة، إضافة إلى تحديد عناصر التقييم والمبررات التي استندت إليها المؤسسات المعنية بتقييم السلطنة، جنباً إلى جنب مع عناصر القوة والضعف.
ويؤمل أن تفضي هذه الدراسة إلى تفنيد بعض المبررات مما يصحح الفهم العام بشأن السلطنة لدى مؤسسات التقييم، إضافة إلى وضع توصيات من شأنها العمل على اقتراح وتبني معالجات بشأن عناصر الضعف.
يُذكر أنَّ الجهاز قام بتنفيذ ورشة عمل حول مؤشر مدركات الفساد بمشاركة وفد من منظمة الشفافية الدولية ووفود من دول مجلس التعاون، إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون بغرض تبادل الخبرات ذات الصلة بالمؤشر.
ويعمل الجهاز على إعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد؛ حيث تمَّ تشكيل فريق عمل من المختصين لاستطلاع ودراسة التجارب الإقليمية والدولية في مجال الإستراتيجيات الوطنية، كما يتم الاستشهاد بإصدارات المنظمات الدولية المختصة في هذا الجانب.
وقد حصل جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة على المركز الأول لجائزة الأمم المتحدة للخدمة العامة 2013 في فئة (منع ومكافحة الفساد في الخدمة العامة) دوليًّا، من خلال نافذة البلاغات والشكاوى التي ترد من الجمهور عبر الموقع الإلكتروني للجهاز على شبكة الإنترنت وذلك عن إقليم غرب آسيا حيث تعد هذه الجائزة من أهم الجوائز على المستوى الدولي كونها تتبع الأمم المتحدة.
أمَّا على المستوى المحلي، فقد حصل مشروع "نافذة البلاغات" للجهاز على جائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشروع حكومي؛ إذ يعتبر أحد المشاريع الحكومية التي تهدف في المقام الأول لخدمة المجتمع من خلال تسهيل التقدم بالبلاغات والشكاوى التي تدخل ضمن اختصاص عمل الجهاز عبر الوسائل التقنية المتوفرة.
ويحرصُ الجهاز على تفعيل موارده البشرية والمادية وأدواته القانونية لتحقيق أعلى المستويات في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث يرتبط الأثر الرقابي الذي يحدثه الجهاز ارتباطاً مباشراً بالتوصيات التي يبديها في تقاريره الرقابية لمعالجة المخالفات وأوجه القصور، وأن هذه التقارير تنتج عن مهام فحص لموضوعات تم اختيارها بموجب تحليل الأهمية النسبية وتحليل المخاطر إلى جانب ما يقوم به الجهاز من مراجعة مشروعات القوانين واللوائح والنظم وما يتم إعداده من دراسات مختلفة.