حماك الله عُمان في يوم عيدك

سارة البريكيَّة

جَرَتْ العادة أنَّه إذا أراد الإنسان استنهاضَ عملٍ ما أو بناء شيء مادي وملموس، فإنه سيقدم من أجل ذلك أقصى ما عنده من جهد وأفكار ناجحة وفعالة، تُؤتي أُكلها على المدى البعيد، وتحقِّق المأمول والمرجو، ومن سيشتغل على تحقيق تلك الرؤى والأهداف والتطلعات، فإنه بلا ريب سيسعى سعيا حثيثا، لكي يصل معه إلى حد ومستوى معقول من الطمأنينة والرضا بما قدَّم وأنجز، وربما سيكتنف تلك الجهود والمساعي الكثير من الصعوبات والتحديات.

ونحن في عُمان عندما أشرق فجر النهضة المباركة علينا في العام 1970، مُعلنا بداية جديدة لعمان، ومُؤذنا بانطلاقة حقبة تاريخية لبلد وشعب راهن على حب أرضه ووطنه والذود عن حياضه ومقدساته وحاضره ومستقبله، فإنَّ مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أعزَّه-الله- أكد في كلمة له وجهها لهذا الشعب الوفي بعد تحمُّله مسؤولية قيادة البلد نحو عصر جديد، قال فيها: أيُّها الشعب سوف أعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل افضل.

وفي كلمته أيضا التي استلهمنا منها المعاني والدروس التي عزَّزت فينا مستوى المسؤولية بضرورة التلاحم، دعا جلالته -أبقاه الله- إلى تكاتف الجميع صونا للوطن والمحافظه عليه، وكنا نحن أبناء عمان الأوفياء -وبفضل الوعي المبكر لأهداف ومتطلبات المسيرة القابوسية منذ انطلاقتها، وما يجب أن يكون منا تجاهها وعبر مراحلها المختلفة، لتمضي بعزم وثبات وإرادة لم تلين- كُنا لحمة واحدة وجسدا واحدا لم تخترقه أسباب العزلة والفرقة والشتات، ولم تؤثر فيه أهداف الفتنة والمغرضين التي تنبهنا إليها منذ بداياتها؛ فتسلَّحنا بالعلم والمعرفة منذ القدم، وزاد ذلك من قوتنا وتكاتفنا وتلاحمنا الانساني المتين، الذي أكسبنا طوال عقود طويلة وسنوات كثيرة منعة ووضاء، ورسخ فينا أهمية المسؤولية المناطة بنا، والتي تفتَّفت أذاهننا لها مبكرا، فمضينا نشمر عن سواعد الجد والاجتهاد، وانصببنا عاكفين على أن ننهل من قيمنا وإرثنا وتقاليدنا؛ مما يجعل بلادنا في مصاف الدول المتقدمة، مضطلعين بما حملنا إياه من أمانة، وبما عاهدنا الله عليه وجلالته -أعزَّه الله- بأنْ نكون جميعنا صفا واحد لعمان، وحرساً آمنا وحصناً منيعا لها، والجند الأوفياء البواسل في ثغورها، والرجال الأصفياء الأنقياء في ساحاتها، نعمل ونبني على طريق التقدم والنماء في خندق واحد، ونعلي من هامات هذا الوطن ومكتسبات العهد الزاهر، فكان توفيق الله لنا أن حقق لنا بحكمة مولانا السلطان قابوس الشهم ما أردنا.

نعم.. لقد أكَّد كذلك مولانا السلطان -أيَّده الله- من خلاله كلمته التي ورد جزءٌ منها أعلاه بأنه "إنَّ عملنا باتحاد وتعاون سيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي، وفعلا حدث ما توقعه جلالته يرعاه الله، فها هي عمان اليوم موطن سلام وبقعة أمان، وأصبح لها المحل المرموق في كل دول العالم، وليس ذلك فقط في العالم العربي وحده".

... إنَّ السياسة الحكيمة لجلالته -أبقاه الله- وتدرج السلطنة في مسيرة التنمية الشاملة ومجالات البناء والعمل، وتقدمها في احتواء الإنسان وحفظ كرامته، وجعل ذلك من أولوياتها، ها نحن نجني اليوم ثماره بعد خمسة وأربعين عاما، فتحقق في ربوع عمان رخاء وازدهار وبهاء، وتغيَّرت مقومات وأوجه الحياة العمانية المختلفة في النسيج العماني الواحد بشكل جعلنا نُفاخر بما تحقق، شاعرين على الدوام حكومة وشعبا بالفخر والاعتزاز، واقفين إجلالا وإكبارا لهذا القائد الحكيم الفذ، ولهذا الرجل الرحيم بشعبه وأمته، الذي نذر نفسه لعمان وأهلها، فلكم منا مولاي المعظم وافر شكرنا واعتزازنا وعظيم تقديرنا وامتنانا.

إنَّه حينما اعتبر جلالته بأنَّ خدمة شعبه والأمة وبناء وطنه وتطويره واجب عليه، كان ذلك دلالة على أنَّ قلبه مليء بحب أبناء شعبه، عامرة نفسه بعشق وطنه وأهله؛ فكان الزمان شاهدًا على ذلك، والتاريخ مسجِّلًا وحافظًا لعطائه؛ فمثل هذه الأفعال العظيمة لا تنبع إلا من رجل عظيم، ولا تاتي إلا من رجل سليل المجد عظيم الجد ثاقب الفكر سديد الرأي... إنَّه مولاي جلالة السلطان قابوس سلطان السلام والوئام، ورجل المكارم والمحبة الهمام.

إنَّ بلادنا وهي تحتفل هذه الأيام بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، لتكتسي حلة قشيبة مزهوَّة بما تحقق على أرضها من منجزات عظام في تواضع واعتدال رفيع المستوى، وفي تأكيد عالمي بأنها أرض الحق والسلام، ودولة عصرية بكل المقاييس، تنشد الأمن والأمان وحل الأمور ومختلف القضايا بالطرق السلمية وبالحوار الهادف البناء؛ فها هي عُمان قِيْل عنها بأنها ثابتة على نهجها، وراسخة في قيمها ومبادئها، وشامخة بعراقتها وحضارتها وأمجادها، كيف لا وهي بلد الحرية وموطن العدل والتسامح، وقد تحقق لنا على أرضها الرفاهية والعيش الكريم، فلك الحمد يا الله على ما أوليت وأنعمت.

Sara_albreiki@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك