الطموح الشامخ

ناصر بن سيف الجساسي

بدأ إسحاق الشرياني حياته مكافحاً يأكل لقمة عيشه من ضربة الفأس التي يقطع بها الأشجار والنخيل ومن العربة التي يقودها في سوق نزوى لنقل مشتريات الناس من مكان إلى آخر ( حمالي ) ومن خياطة الأحذية على الأرصفة بسوق نزوى ومع مرور الوقت بدأ يمارس مهنة جني الرطب لأسرته ثم امتد ذلك إلى الجوار ويذكر إسحاق أن أكبر أجر حصل عليه كان في عام 1997م وهو خمسون ريال نظير عقد مع أحد جيرانه وهو عبارة عن جني ثمار الرطب لموسم قيض واحد، ومع مرور الوقت انتقل إلى نشاط آخر وهو قطع النخيل بالفأس العادي، وكان أول الداعمين والمشجعين له عمه سيف بن أحمد فأوكل له قطع قرابة 12 نخلة بمبلغ 120 ريال فأشترى بالمبلغ منشاراً كهربائياً ليسهل عليه عملية القطع في المرات القادمة ثم قام يتدرج إسحاق في أعماله الصغيرة المتعددة فأشترى نكال أو كما نسميه نساف وعمل على نقل الحصى من الوادي إلى المشاريع المعمارية التي قيد الإنشاء ونقل سعف النخيل والأسمنت ..الخ

في العام 2003 أراد إسحاق أن يتوسع أكثر في تجارته فقام بالشراكة مع أحد زملائه بفتح ورشة المنيوم ولكن لم يستمر المشروع طويلاً وتكبد خسائر فادحة وتنازل عن حصته لشريكه وبعد أسابيع معدودة قام بفتح ورشة المنيوم جديدة بنفس العقلية والإدارة السابقة ولم يستمر المشروع طويلاً فخسر خسارة كبيرة.

في العام 2004 وجد إسحاق نفسه مثقلاً بالديون والتي قدرت بـ45 ألف ريال عماني وفي خِضم تلك الظروف العصيبة إلتحق ببرنامجاً تدريبياً في ريادة الأعمال (برنامج إنطلاقة) حتى يصحح مساره التجاري مستقبلاً ويعالج أخطائه التي إرتكبها في السابق إلا أن حجم الديون المتراكمة والمطالبات المالية المتعددة كانت أكبر من شاب في مقتبل العمر مما حدا الأمر للسفر إلى لندن لتعلم اللغة الإنجليزية كونها كانت ضمن خطته في تصحيح المسار إلا أنه تعرض إلى نصب من قبل المعهد الذي إلتحق به حيث اتضح أنه المعهد عبارة عن شركة وهمية أغلقت بعد أسبوعين من بدء الدراسة ومعه عدد من الطلاب من دول مختلفة وبعد التنسيق مع سفارة السلطنة في لندن واخبارهم بالواقعة نصحته الملحقية الثقافية بالعودة إلى أرض الوطن.

عاد إسحاق إلى أرض الوطن وأول خطوة اتخذها أخذ بنصيحة خاله المهندس خلفان الناعبي بأن يعود الى مقاعد الدراسة لتكملة دراسته الثانوية العامة بعد أن تركها لمدة تزيد عن ثلاث سنوات كذلك إستمع إلى نصيحة والده بتصريف المشروع الذي كان يديره وهو ورشة المنيوم وبعد تخرجه عام 2005/2006 عمل في عدة جهات حكومية وخاصة منها مجلة الواحة وعمل على تطوير نفسه وخاصة في مجال ريادة الأعمال فكان يعمل ليلاً ونهاراً لأجل أن يحصل على أجر أكبر لتسديد ديونه المتراكمة، فحرم نفسه من أمور كثيرة أهمها كانت لديه سيارة فباعها وأشترى بدلها دراجة نارية فكانت هي وسيلته الوحيدة للتنقل من وإلى العمل في محافظة مسقط.

تخلص إسحاق من اعظم الديون المتراكمة عليه ومن ثم قرر أن يواصل دراسته الجامعية في تخصص الإقتصاد التجاري ليتمكن من مواصلة عمله التجاري وفق معايير الجودة الشاملة والاعتماد على آخر تحديثات التجارة حيث قد أسس إسحاق مركز متخصص في تدريب وتأهيل رواد الأعمال وإعداد دراسات الجدوى الإقتصادية وإعداد خطط الأعمال التجارية وتقييم المشاريع القائمة والمتعثرة بإدارة عمانية 100 % بمسقط ويعتبر حالياً من المراكز المتميزة على مستوى السلطنة كما درب إسحاق أكثر من الفي شخص وسطع نجمه كواحداً من أبرز المحاضرين والإستشاريين في مجال ريادة الأعمال ويقدم برامج إذاعية بالسلطنة لتوجيه الشباب للإنخراط في مجال التجارة ولتحقيق أهدافهم وطموحاتهم بالخطط والخطوات السليمة، ولا زال إسحاق يحقق نجاحات مبهرة يوماً بعد يوم.

استفاد إسحاق من تجاربه وأعماله الصغيرة المتعددة وسقطاته وهفواته وجعلها دروس تجارية مهمة أسس منها مركزه الخاص لريادة الأعمال ليقدم خبراته وتجاربه ودراساته للآخرين وأن يكون ملهمآ للكثير من رواد الأعمال بالسلطنة.

قصة كفاح ونجاح إسحاق جديرة بالذكر لما فيها من الدروس والعبر والأحداث التي تمنحنا الكثير من جرعات الأمل بأن ننظر للحياة بكثير من الإيجابية والتفاؤل، وأنه مهما تكالبت علينا الظروف وأثقلت كاهلنا الديون لا بد من مخرج ومنقذ منها وأولها الإستعانة بالله وحسن الظن بالله والتوكل عليه ومن ثم العمل بكل عزيمة وإصرار.

هل عملت في أعمال دنيا شاقة ؟؟ هل تورمت يداك من ضربة الفأس ؟؟ هل قمت بخياطة الأحذية على الطرقات ؟؟ هل فشلت في مشروع وفشلت مرة أخرى وتراكمت عليك الديون. ؟؟

علينا أن لا نخجل من أي عمل شريف نكسب منه قوت يومنا وأن لا نيأس مهما أصبنا بالفشل والإحباط وسقطات الأمس هي خبرات ودروس نتعلم منها وتعيننا على تحقيق النجاح في حياتنا مستقبلآ.

تعليق عبر الفيس بوك