مجلس الشورى وتحديات المرحلة القادمة

غازي الخالدي

من نتائج انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة أنّها أفرزت كفاءات قادرة على تولي المسؤولية بكفاءة واقتدار والأخذ بالعمل البرلماني بالسلطنة نحو الأمام وما أفرزته أصوات الناخبين من مؤشرات تدل على وعي مُجتمعي بأهمية المرحلة الحالية والقادمة كون أصواتهم ستصُب في مصلحة عُمان. ولعل الملاحظ من الدعايات الانتخابية بأن العضو انتقل من مطالب ولايته إلى النظرة الشمولية للسلطنة ككل وهذا التعاطي ينسجم مع مراحل تطور عمل مجلس الشورى وما لديه منصلاحيات وأدوات رقابية تزامن ذلك مع إنشاء المجالس البلدية واختصاصاتها.وبالنظر إلى أعضاء مجلس الشورى للفترةالثامنة نجد أنّ التنوع بين الشخصيات الاقتصاديةوالتي لها باع طويل في المجال المالي والاقتصادي وبين صوت الشباب الحاضر تحت قُبة المجلس والشخصيات التربوية وغيرها من المجالات التي اشتغل بها الأعضاء قبل تكليفهم بمهام عضوية المجلس ليدل دلالة قاطعة بأن المجلس يتجه في الاتجاه الصحيح وسينعكس ذلك التناغم والتنوع بإثراء التجربة الشوروية وسيخدم مختلف مسارات التنمية في السلطنة بل وسيرفدها بروئ وأفكار بناءة هدفها خدمة عُمان وأهلها. وليس ببعيد على أعضاء المجلس ما يحدث على الساحةالمحلية من تأثر السلطنة جراء انخفاض أسعار النفط وما تبعها من قلة الإيرادات وتسجيل عجز في الموازنة العامةللدولة، تلك المعطيات تضع مجلس الشورى أمام تحدٍ كبيرٍ ويتوجب عليه في فترته الثامنة إيجاد حلول كفيلة بتقليل تأثر السلطنة بالانخفاض والبحث عن تنويع مصادر الدخل مستقبلاً كما يتوجب على أعضاء المجلس العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة حتى نجد الحلول الكفيلة جراء هذا الانخفاض ولا نركن إلى البكاء على اللبن المسكوب بل علينا العمل بيد واحدة لمواجهة هذا التحدي ونحن قادرون على اجتيازه عندما تتشارك مختلف المؤسسات المعينة والمنتخبة في صنع القرار كلٌ حسب صلاحياته واختصاصاته. إن مجلس الشورى بدورته الثامنة وما به من كفاءات قادر على المضي قدمًا مع الحكومة لبلورة أفكار المواطنين وأطروحاتهم التي تأتي من إداركهم ووعيهم وحسهم بالمسؤولية تجاه وطنهم ولكون أعضاء مجلس الشورى هم ممثلون للشعب فإنه بات من الممكن أن يشارك المواطن في توصيل مقترحاته عبر من يمثله في المجلس فقط يحتاج المواطن إلى حوار بناء مع عضو المجلس سواء عن طريق اللقاءات المباشرة أو التواصل بمختلف قنوات التواصل المختلفة.ومن جهة أخرى فإنّ مجلس الشورى على موعد مع ملف الموازنة العامة للدولة للسنة المالية القادمة وما ستشهده قبة الملجس من دراسة مستفيضة لما تتضمنه الموازنة من ترشيد الإنفاق في ضوء معطيات أسعار النفط الحالية. إنّ مرور موازنة السلطنة على مجلس الشورى يعتبر تعزيزًالمبدأ الشراكة في التنمية وما له الأثر الإيجابي على السلطنة ككل وبالتأكيد على المواطن. من جهة أخرى فإنّ الخُطة الخمسية التاسعة والتي ستبدأ من 2016 ستكون محل نقاش لأهدافها وخططها وبرامجها في ظل المتغيرات المالية التي تشهدها السلطنة وكيف يمكن أن تحقق الخطة نتائجها المرجوة على مختلف الأصعدة.ومن الملفات المهمة التي ستمرر على مجلس الشورى إستراتيجية عُمان 2040 وما تحمله من خطط ورؤى مستقبلية لعُمان والأجيال القادمة واضعة في الحسبان مختلف الجوانب التنموية ومستغلة ما تتمتع به السلطنة من مقومات اقتصادية قادرة على رفد الاقتصاد المحلي لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل .إنّ من ضمن التحديات القادمة التي على المجلس المشاركة في حلها، المواءمة بين مُخرجات مؤسسات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل وكيف يُمكن الوصول إلى توافق بين المُخرجات ومُعطيات سوق العمل ولعل لجان المجلسمن الواجب عليها التركيز على هذه القضية كونها ستُقلل من نسب الباحثين عن عمل وتُعزز من توفير فرص عمل للخريجين. وفي سياق متصل فإنّ جودة التعليم العالي الخاص في السلطنة وارتفاع أسعاره رغم الدعم الحكومي المُستمر للكليات والجامعات الخاصةأحد القضايا المطروحة وبشكل مستمر على مستوى الساحة المحلية ولأنّ هذه القضايا نتائجها السلبية تمس حياة الكثيرين من الشباب فإنّ دور المجلس يكمن في توفير الحلول الكفيلة للتغلب على هذه الإشكالية. لقد مرّ موضوع رفع الدعم عن المحروقات بكثير من النقاشات في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وباتتالكرة الآن في ميدان مجلس الشورى لإبداء رأيه في المسألة وتوجيه مختلف المؤسسات الحكومية نحو العمل بما يتوافق وتطلعات المواطنين وواقع حياتهم المعيشية وما تفرضه معطيات أسعار النفط علينا، إذًا هنا تكمن الأهمية في الخروج بحل لا يؤثر على مختلف الفئات وهنا من الممكن أن يلعب مجلس الشورى دور الفيصل والحكم. إذًا مجلس الشورى في فترته الثامنة لديه من تحديات ما يُؤهله لوضع بصمة حقيقية على حلول تلك الملفات وبالتالي تحقيق رضا مجتمعياً. إنّ المرحلة القادمة تتطلب مزيدًا من المشاركة في صنع القرار من قبل مجلس الشورى والدفع بعجلة التنمية للأمام جنبًا إلى جنب مع مجلس الدولة ومجلس الوزراء وما ستشكله تلك المشاركة من تجسيد للعمل الوطني المُتفاني الذي ينشد مصلحة عُمان ويضعها أولوية قصوى.

Ghazi3226@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك