متحف بيت الزبير.. حاضنة التراث العماني وخزانة التحف الأثرية على مدار عقود

يعجُّ بالكثير من المقتنيات الفنية التي توارثتها العائلة ويقبع بمدينة مسقط القديمة

الرُّؤية - يوسف البلوشي

على مدار عقود ممتدة، يُمثِّل متحف بيت الزبير حاضنة أمينة للتراث العماني وخزانة آمنة للتحف الأثرية...وغيرها من المقتنيات التي توارثتها الأجيال، وتعكس عبق التاريخ التليد للسلطنة، ويقع المتحف في قلب مسقط القديمة، وقد بناه الشيخ الزبير بن علي عام 1914، وافتتحه ابنه محمد بن الزبير عام 1988 من أجل مشاركة الآخرين المهتمين بالتراث العماني العريق، والاطلاع على التحف والمقتنيات العمانية الأصيلة التي توارثتها العائلة عن الآباء والأجداد أو تم اقتناؤها بعد ذلك.

ويضم بيت الزبير مجموعة متكاملة من التحف العمانية الأصيلة التي تمثل مختلف أنحاء السلطنة وهي تعتبر واحدة من أفضل المقتنيات وأكثرها شمولية، فهي تضم الأسلحة العمانية التقليدية، والمجوهرات والملابس، والأدوات المنزلية، ونماذج جسدت البيئة العمانية الريفية والحضرية، لذلك فإنه لا غنى عن زيارة بيت الزبير لكل من يريد الاطلاع على تراث عمان وثقافتها الغنية، ويلعب بيت الزبير دورا فعالا في المجتمع من خلال ما يقدمه من خدمات تثقيفية، وإقامة المناسبات الخاصة، والمساعدة على عمل البحوث، وإقامة المعارض المؤقتة، والمحاضرات ومشاريع البحوث والتوثيق وبيت الزبير مهيأ لاستقبال الزوار ذوي الاحتياجات الخاصة.

ومحتويات هذا المتحف تساهم بشكل بارز في رفد القطاع السياحي بشكل عام والمتاحف على نحو خاص بالعديد من المقومات؛ إذ يترك المتحف انطباعًا مميزا عن الشعب العماني من خلال ما يعرضه للزوار، علاوة على تعامل العاملين فيه وفق المبادئ والقيم التي تعبر عن هوية هذا البلد الغالي. ويمثل المتحف عملا وطنيا يتجسد في بث مجموعة من الرسائل الكاشفة لتاريخ السلطنة، فالزائر للمتحف يتعرف على السلطنة من مختلف الجوانب.

ولهذا المتحف الكثير من الفوائد على الصعيد المحلي؛ أبرزها: العائد الاقتصادي، وتوظيف العمانيين، كما أنَّ للمتحف دورا كبيرا في الترويج السياحي للسلطنة بشكل عام والمتاحف بصفة خاصة.

وتقول السائحة سيرينا من ألمانيا: "جذبني تنظيم المتحف وترتيبه، ولفت نظري تمسك المجتمع العماني بالأصالة وهويته الحقيقية التي بدت واضحة في كافة مواقع المتحف، وهو ما لمسناه على الواقع حينما خرجنا في جولة إلى بعض الولايات، فالملابس التي يرتديها الشعب العماني شبه موحدة للرجال والنساء وهذا يعكس ثقافة الشعب وتمسكه بهويته".

فيما قال السائح دانييل من بريطانيا: "المتحف جميل وما يميزه الكادر الوطني الذي يمتلك الكثير من المقومات التي تؤهله للعمل في هذا القطاع، لقد أعجبني المطعم الموجود في المتحف والذي يعكس كرم العرب بشكل عام والعمانيين بشكل خاص، إننا تعلمنا الكثير من هذا البلد وأكثر ما تعلمناه أنه بلد يتمتع بالأمن والاستقرار وطيبة الشعب". وأضاف: "علمت من خلال المتحف أن الكثيرَ من السفن تمخر عباب البحار والمحيطات قادمة من شرق الأرض وغربها لقضاء أجمل الأيام الدافئة في مسقط، حيث تستقبل المدينة التاريخية مطرح زوارها بقلب كبير، وابتسامة عُمانية لا تفارقها، ولا تزال تحافظ على هويتها التاريخية التي اكتسبتها على مدار عقود بل قرون من الزمن".

وقال السائح إدوارد ستيفي من أمريكا: "من خلال زيارتي للمتحف، عرفت أنَّه يستقبل آلاف السياح القادمين عبر السفن والبواخر، مُتجهين إلى الشارع البحري في مسقط ومن ثم إلى متحف بيت الزبير، وأكثر ما يعجب السواح في المتحف محافظة العمانيين على أصالتهم وهويتهم عبر تلك الأدوات المعروضة، لاسيما الملابس التقليدية، والأدوات المستخدمة في الزينة مثل "الفضة العُمانية.

المتاحف العمانية

وتعدُّ المتاحف العمانية منصة مميزة لازدهار السياحة المحلية التي تدفع بهذا القطاع نحو النمو؛ حيث تثري المتاحف المنتشرة في ربوع السلطنة السياحة بشكل كبير حيث إنها تعد واجهة التاريخ المعاصر للسلطنة ويستطيع السائح من خلالها أن يتعرف على حضارة السلطنة وتاريخها العريق المتأصل. وتسرد هذه المتحف صفحات مشرقة من التاريخ والحضارة العمانية على مر العصور، وسنجد فيها آلاف المقتنيات الأثرية والتي تمثل كافة أنواع النشاط البشري الاجتماعي والسياسي والعسكري والثقافي التي تلقي الضوء على هذه المراحل المهمة في التاريخ العماني والحضارة الإنسانية بوجه عام، إضافة إلى معروضات من بيئة الإنسان العماني الأرض والبحر والحيوان والنبات وقد تم تطوير المتاحف باستخدام الأجهزة والحاسبات الآلية ووسائل العرض المتطورة.

وتمَّ إنشاء "المتحف العماني" في العام 1974، وهو تابع لوزارة التراث والثقافة، ويقع المتحف بالقرم في العاصمة مسقط، وافتتح "المتحف الوطني" في العام 1978، وكان يعرف سابقا بأسم متحف بيت السيد نادر بن فيصل بن تركي، ويضم عددا من الأقسام؛ منها القاعة الرئيسة التي تعرض انواع من الأساور والقلائد والخواتم والأدوات النحاسية، وبعض جوانب الحياة التقليدية العمانية، ويوجد بالمتحف جانب لعرض بعض ممتلكات السيدة سالمة بنت سعيد بن سلطان وهو عبارة عن فضيات مثل القلائد والنطل، كما يوجد بهذا المتحف جانب لعرض نماذج لبعض أنواع السفن العمانية التقليدية، إضافة إلى بعض الوثائق والطوابع البريدية لبعض السلاطين بزنجبار.

متحف التاريخ الطبيعي

ونظرًا لأهمية الطبيعة، تم افتتاح المتحف التاريخ الطبيعي، والذي يقع بمجمع وزارة التراث والثقافة بمنطقة الخوير بولاية بوشر؛ حيث تظهر روعة التباين في معالم البيئة العمانية من خلال عروض الحيوانات والنباتات والمناظر الطبيعية الساحرة بالسلطنة التي تشاهدها في هذا المتحف، وعلى الرغم من صِغَر مساحة المتحف، إلا أنَّه يزخر بكم من الحقائق التي يصعب على الكتب أن تحتويها أو تتضمَّنها، ويوجد به حيوانات معروضة لا مثيل لها في البراري، لقد عاشت في البيئة العمانية وماتت بصورة طبيعية.

ويأتي متحف القوات المسلحة والذي افتتح رسميا في 11 ديسمبر عام 1988، في قلعة بيت الفلج التي تم ترميمها وتجديدها في عهد النهضة العمانية الحديثة، بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ انطلاقا من اهتمام جلالته بإحياء التراث العماني العريق وتقديره العميق لدور عمان العسكري في مختلف مراحل التاريخ.

وهناك المتحف العماني الفرنسي، الذي يقع في مدينة مسقط القديمة، ويضم مجموعة من التحف الأثرية والحرف التقليدية ومواد ثقافية تتعلق بالروابط التاريخية بين سلطنة عمان وجمهورية فرنسا. ويعرف باسم "بيت فرنسا".

ومن بين المتاحف المميزة: متحف الطفل، الذي افتتح في 25 من ربيع الأخر 1411هـ الموافق 14 نوفمبر 1990، بمناسبة احتفال السلطنة بالعيد الوطني المجيد، وجاء افتتاح المتحف كمكرمة سامية من جلالته تضاف إلى سجل المكرمات العديدة التي نعم بها الطفل العماني في هذا العهد الزاهر.

وإلى الجنوب، يقع متحف صلالة في حي الدوائر الحكومية بجوار مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، وتحديداً داخل المركز الثقافي. ويمكن تسميته بمتحف التاريخ الطبيعي أيضاً. ويعد متحف قلعة صحار والذي تم افتتاحه في 17 نوفمبر عام 1993، احد أبرز المتاحف في شمال الباطنة، ويتناول تاريخ مدينة صحار القديمة، وهو من المتاحف الجميلة.

وهناك متحف ولاية مدحاء وهو من المتاحف الخاصة والذي قام بإنشائه المواطن محمد بن سالم المدحاني احد أهالي ولاية مدحاء، وبدأ في تجميع مقتنياته منذ عام 1976، ويعكس المتحف اهتمام المواطنين العمانيين شغفهم بالتاريخ العريق للسلطنة. ومن أبرز المتاحف أيضا متحف العملات النقدية العمانية، ومتحف أرض اللبان، ومتحف السيد فيصل بن علي والمسمى "متحف الأسلحة".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة