استعراض 40 ورقة عمل ضمن جلسات ندوة "الوثائق والمحفوظات"حول "تاريخ وحضارة نزوى"

المعرض الوثائقي السادس يضم أكثر من 300 وثيقة متنوعة ويستمر حتى السبت المقبل

الضوياني:"الهيئة" تحرص على عرض إنجازات العمانيين وإبراز مساهماتهم الحضارية حول العالم

الرؤية- مدرين المكتومية

تصوير/ راشد الكندي

انطلقت أمس أعمال ندوة "نزوى تاريخ وحضارة" التي تنظمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة، في إطار الاحتفاء بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2015 تحت رعاية معالي الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني مستشار الدولة وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين والباحثين والمهتمين والمختصين في مجال الثقافة والتاريخ، بفندق جراند هرمز، وتستمر حتى الغد.

وافتتح معالي راعي الحفل المعرض الوثائقي السادس الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تزامناً مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني 45 المجيد، ويستمر حتى 7 نوفمبر الجاري بفندق جراند هرمز، ويضم أكثر من 300 وثيقة متنوعة، ويهدف المعرض إلى إبراز المخزون الوثائقي للسلطنة لمختلف الوثائق ذات القيمة التاريخية.

وألقى سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة كلمة افتتاحيةقال فيها إن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية دأبت على تنظيم المؤتمرات والندوات المحلية والدولية والتي تُعنى بتاريخ وحضارة عمان وانطلاقاً من ذلك ينظم هذا الجهد المشترك بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة ومن خلال اللجنة المشكلة لإدارة فعاليات وأنشطة وبرامج هذه المناسبة التي أولتها سلطنة عمان جُل اهتمامها وأعدت لها برامج متعددة ورسخت مفاهيم مختلفة واظهرت جوانب مهمة من تاريخ نزوي التليد الذي أكدته المصادر التاريخية والوثائقية واحتوته المخطوطات والمصنفات على إسهامات نزوى في المجالات العلمية وإن إثارة الاهتمام بتاريخ نزوى وتراثها يسهم في تشجيع البحث الدائم في غمار التاريخ الذي شهدته عمان على امتداد تاريخها العريق الذي يعزز الثقة بالمستقبل تواصلاً مع الماضي التــــليد الذي يُحفـــل بإنجازات حضارية وإنسانية والأمة التي يستهين أبناؤها بماضيها هي أمة لا يؤمن حاضرها ولا تصان كرامتها إذ لا مناعة للحمتها ولا عصمة لعزتها الوطنية والقومية وإيماناً من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بأهمية إيلاء الجوانب الحضارية والتاريخية والعلمية وإسهاماتها في تعزيز القدرات وتقوية أواصر الوحدة الوطنية بين أبناء عمان الذين عملوا ويعملون إسهاماً منهم في الحضارة الإنسانية على امتداد التاريخ وبنائهم علاقات متينة مع جميع الشعوب العالم وقد أكدت لنا الوثائق التي تحصلت عليها الهيئة من الأرشيفات العالمية عن حجم هذه العلاقات وما اتصفت به من المحبة والسلام وحُسن التعامل، مما يتوجب علينا إبراز تلك الأدوار في أشكال متعددة منها تشجيع البحوث والدراسات واتاحت فرص الاطلاع وعقد المؤتمرات والندوات وهو ما تمضى إليه الهيئة سعياً لتحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة ومن هنا يأتي تنظيم هذه الندوة نزوى تاريخ وحضارة وما حظيت به من إقبال الباحثين في تقديم بحوثهم ودراساتهم وفقاً لمحاور الندوة والتي ضمت أربعون بحثاً في مختلف المجالات التاريخية والعلمية والأدبية والثقافية والاقتصادية وانماط الحياة اليومية لمجتمع نزوى وتسهم تلك البحوث في إعطاء صورة مشرقة لهذا الإنجاز الحضاري لنزوي .

وأضاف سعادته أن الهيئة عملت على عرض إنجازات العُماني واسهاماته الحضارية والتعريف بالمجتمع وحياته اليومية من خلال تنظيم المعارض الوثائقية التي تُمكن أفراد المجتمع مـن الاطلاع على تاريخ وطنه وإنجازاته من خلال عرض الوثائق والمحفوظات والمخطوطات والخرائط والعملات والطوابع والصور التاريخية النادرة.

وشهد الحفل عرض فلم عن انجازات الهيئة تضمن الندوات والمؤتمرات اضافة الى المعارض التي تنظمها الهيئة المحلية منها والدولية، ومذكرات التفاهم التي وقعتها الهيئة مع الأرشيفات الدولية، وتوقيع النظام لمختلف مؤسسات الدولة والجهد الكبير التي تبذله الهيئة في سبيل الارتقاء بنظام أدارة الوثائق والمستندات.

مناقشات الجلسة الأولى

وتضمنت فعاليات الندوة حلقات وأوراق عمل مختلفة بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والأساتذة والباحثين من داخل وخارج السلطنة، وبلغ عدد أوراق العمل "40" ورقة مقسمه على مدار ثلاثة أيام تتضمن أربعة محاور رئيسه هيالمحور التاريخي والجغرافي والذي تضمن المكانة التاريخية لمدينة نزوى قبل ظهور الإسلام إضافة الى العلماء والمفكرين والشخصيات العمانية في المدينة كما أبرز المحور الهجرات الداخلية والخارجية عبر عصور مختلفة، كما تطرق المحور الى العمارة والمعالم الأثرية التي تم تشيدها في فترات زمنية وسياسية متنوعة، الى جانب تطرقه الى الإمامة الثانية ومؤسساتها، فضلاً عن مكانة نزوى من خلال الفترات التاريخية (النباهنة، اليعاربة، البوسعيد)، والموقع الجغرافي والتقسيم الإداري لمدينة نزوى.

وتضمنت الجلسة الأولى 6 أوراق عمل وترأسها الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، وجاءت الورقة الأولى للأستاذ الدكتور حميد بن أحمد بن حمدان التميمي أستاذ بقسم التاريخ ومعاون لعميد كلية الآداب بجامعة البصرة للشؤون العلمية والدراسات العليا بعنوان "أئمة نزوى في تاريخ عُمان" والتي أبرز فيها مكانة نزوى التاريخية إلى جانب التكوين الجغرافي والسكاني للمدينة في ذلك الحين.

وتناولت الورقة الثانية حول " التواصل الحضاري بين عمان وبلاد المغرب في العصر الحديث زيارات الوفود"، والذي قدمها الدكتور سعيد بن عبد الله بن سلام الصقري عضو التنسيق والمتابعة بوزارة التربية والتعليم، والتي تتحدث حول حرص دولة الإمامة في عمان على تقوية عرى التواصل بين جهة المشرق والمغرب عبر المراكز الحضارية المتمثلة في القاهرة وزنجبار مع بلاد المغرب العربي.فيما تناولت الورقة الثالثة "صـــورة نـــزوى فـــي فكــــر الإمـــــام السالمـي بتحفة الأعيان بسيرة أهل عمان " للدكتور سعود بن سليمان بن مطر النبهاني عميد كلية العلوم التطبيقية بنزوى وأستاذ الدراسات الاجتماعية، هدفت الورقة إلى التعرف على صورة مدينة نزوى في فكر الإمام نور الدين السالمي من خلال تقديم دراسة تحليلية لكتاب تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان كأنموذج للنتاجات الفكرية التي ألفها الإمام السالمي، حيث تناول الباحث فيها التعريف بالإمام السالمي وكتابه " تحفة الأعيان" الى جانب دراسة الصورة السياسية والفكرية والاجتماعية والجغرافية لمدينة نزوى في فكر الإمام السالمي.

وحملت الورقة الرابعة للأستاذ الدكتور إبراهيم عبد المنعم سلامة أبو العلا أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية عنوان " الأسر العلمية النزوانية في القرن الثالث الهجري ودورهم الثقافي ومواقفهم السياسية" وتهدَف الدراسة إلى إبراز ملامح الدور الذي أسهمت به تلك الأسر النزوانية في الحياة الثقافية بنزوى وأهميتها، ونتائجها.

وركزت الورقة الخامسة التي قدمها الدكتور راشد بن حمد بن هاشل الحسيني أستاذ مشارك من كلية العلوم التطبيقية بنزوى على " ديوان أنوار الأسرار ومنار الأفكار وموضوعاته وخصائصه الفنية لناظمه عامر بن علي بن مسعود العبادي النزوى "، وشملت الدراسة التعريف بصاحب الديوان نسباً وسكناً واجتماعياً.

وحملت الورقة الأخيرة من الجلسة الأولى عنوان "علاقة عُمان بالخلافة العباسية (134-280هـ/751-893م) المسلمات والإشكاليات" قدمها الدكتور خالد بن خلفان بن ناصر الوهيبي أستاذ مساعد بتاريخ العصر الإسلامي الوسيط بجامعة السلطان قابوس، أبرز فيها علاقة عُمان بالخلافة العباسية في الفترة من 134-280هـ/751-893م ضمن ثلاث أفكار رئيسية أولها الحكم العباسي لعُمان بعد القضاء على الإمامة الأولى من 134-177هـ/751-793م. وتشمل دراسة للولاة العباسيين على عُمان، ودور آل الجلندي في حكم عُمان في هذه الفترة الزمنية، ثانياً العلاقة بين الخلافة العباسية القوية والإمامة الإباضية الثانية من 177-278هـ/793-893م.

5 أوراق عمل

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور الهادي جلاب، استعرض المشاركون خمس أوراق عمل بدأت بورقة عمل قدمها الدكتور صالح بن عامر بن حارث الخروصي وزير مفوض بوزارة الخارجية بالسلطنة، وعنونها " بالأهمية السياسية والفكرية لنزوى في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي" وتحدث فيها عن الدور السياسي الذي لعبته نزوى خلال عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (1749-1783)، ثم ابنه الإمام سعيد (حتى عام 1789)، ثم السيد حمد بن الإمام سعيد (1789-1792)، ثم السيد سلطان بن الإمام أحمد (1793-1804)، وذلك في ظل التنافس بين الهناوية والغافرية، والتنافس بين أبناء الإمام أحمد على الحكم، ومن الأمثلة على ذلك التنافس حادثة (بيت سليط) في نزوى في عهد الإمام سعيد، الذي اتخذ من حصن نزوى مقرا له، بينما تحصن المعارضون له في حصن (بيت سليط)، وكان من المتوقع قيام المعارضين بالهجوم على الحصن لإخراج الإمام سعيد، ولكنهم تريثوا انتظارا منهم للسلطان بن الإمام أحمد لما يمثله من دعم وثقل معنوي كبير، ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى نزوى إذ اعترضه بنو رواحة في واديهم المعروف بوادي بني رواحه ومنعوه من الوصول لانتمائهم للحلف الهناوي المؤيد للإمام.

وفي الورقة الثانية من الجلسة الثانية بعنوان " الدور الاجتماعي والسِّياسي للمجالس العامة (السَّبْلّ) في نزوى من 1913 إلى 2012" كشف الدكتور عبد العزيز بن هلال بن زاهر الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيةعن الدور الاجتماعي والسياسي لهذه المؤسسة الاجتماعية والأهلية، خلال الفترة من سنة 1913م ولغاية 2012م.

واستعرض الدكتور جهلان محمد أستاذ بجامعة غرداية الجزائرية في ورقته الثالثة المكانة المرموقة التي تحتلها عمان ونزوى في وجدان الشعراء الجزائريين، فالصلاتُ الفكريَّةُ والثقافيَّةُ بين عُمان والجزائر تمتدُّ جذورُها إلى القرون الإسلاميَّة الأولى، وإذا كانت نزوى "بيضة الإسلام" ـ كما تسمَّى ـ حاضنة للعلم والعلماء، ومقرًّا للحكم لعدَّة قرون، فإنَّ هذه الحاضرة بأئمتها، وعلمائها، وشعرائها، وبعامَّة أهلها، وبآثارها العريقة، وبمناظرها الطبيعة الشامخة، وبتاريخها الإسلامي المجيد، ما انفكت تمثِّل للمبدعين الجزائرييِّن مصدرَ إلهامٍ، وشعورٍ عميق بالاعتزاز والفخر والمحبَّة، حتى تحوَّلت في وجدانهم إلى أيقونة ورمز يختزل كثيرًا من المشاعر والأحاسيس والمعاني.

وقدم الدكتور إيهاب محمد أبو ستة أستاذ مساعد بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى ورقة بعنوان " ملامح التفسير اللغوي عند الإمام جابر بن زيد"، حيث يعد الإمام جابر بن زيد المولود في (فرق) في نهاية العقد الثاني الهجري من كبار التابعين وأفقههم وأعلمهم؛ فقد روي عنه أنه أخذ العلم عن سبعين بدريًّا، واختص بابن عباس الذي قال فيه: "عجبًا لأهل البصرة يسألونني وفيهم أبو الشعثاء، لو سأله أهل الأرض لوسعهم علمه".

واختتمت الجلسة الثانية بورقة الدكتور محمد بن عبد الله بن أحمد القدحات أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة السلطان قابوس والتي ركز فيها على " الأرض والزراعة في عمان من خلال كتاب المصنف للشيخ أحمد بن عبد الله الكندي النزوى(557هـ)" كما ركز للكشف عن أهمية المدونات الفقهية في إعادة كتابة تاريخ عمان الحضاري.

ويشار إلى أن الندوة تهدف إلى إظهار الدور الحيوي الذي قامت به نزوى في التواصل الحضاري مع العالم ومكانتها التاريخية والثقافية وأهم ما تميز به مع استعراض أهم منجزات ومحطات هذا التواصل على مر العصور وصولاً إلى عصرنا الحاضر حيث تعتبر نزوى منذ القرون الأولى للهجرة النبوية صرحاً علمياً وثقافياً ودينياً، حيث تؤكد المصادر والوثائق التاريخية على إسهامات العلماء والمفكرين والأئمة في ازدهار حضارتها والنهوض بها في مختلف العلوم.

تعليق عبر الفيس بوك