مجلس الشورى..بين الوجاهة والمسؤولية!!

مسعود الحمداني

انتهت الأحد الماضي انتخابات مجلس الشورى لدورته القادمة..توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع، ليدلوا بأصواتهم واختيار ممثليهم في المجلس، ذهب بعضهم وهم على دراية بما يفعلون، بينما ذهبت الأغلبية (غير المتعلمة والمسنون) مدفوعين باعتبارات أخرى، لا دخل لها بمسألة الأفضل والأكفأ التي تتطلبها المرحلة..وهي الفئة التي يركّز عليها مُعظم المترشحين كونها الفئة التي يُمكن التعامل معها بسهولة، و(العزف على عواطفها)، واستمالة أفرادها بطرق شتى.

فمجلس الشورى أصبح حلم الكثيرين، والوصول إلى كرسي شاغر أصبح غاية، تتحول فيما بعد إلى وسيلة لتحقيق مآرب أخرى عند البعض، وكل ذلك يأتي عبر الناخب، هذا الذي تتعدد ثقافاته، وميوله، وفهمه لمبدأ الانتخاب، والشورى، والحياة السياسية بشكلها العام، ليتحوّل مبدأ الشورى الذي نطمح إليه، إلى عملية ديناميكية، تتجدد كل أربع سنوات، يترشّح فيها مجموعة من الأشخاص، يتنافسون للجلوس تحت قبّة البرلمان، وتذهب مجموعة من الناخبينإلى صناديق الترشيح في حافلات مدفوعة الأجر، ليدلوا بأصواتهم، دون أن يعي بعضهم حقيقة الأمر..

ويتحدّث البعض عن عشرة ريالات قيمة (الصوت) الواحد، بينما هناك من يكتفون بوليمة قبل الترشيح، على اعتبار أنّه (حين تُملأ البطون تغيب الذهون)، ويمكن حينئذ السيطرة على (الموقف)!!، وهناك فريق ثالث هم فئة الذين يعرفون قيمة الوطنية، ويثمّنون ما تعنيه مسألة الشورى، من تكريس ناضج لعملية طويلة المدى، ومحفوفة بالمتغيّرات السياسية، والتي تصب في النهاية لصالح الوطن، والمواطن..وهذه الفئة الإيجابية، هي التي يجب التركيز عليها من قبل المترشّح، والاتصال معها، والاحتكاك بها، فهي التي تعطي للأمر أهمية، ومصداقية، أمّا التركيز على فئة المواطن الأميّ، وكسب صوته بهذه الطريقة، فهي ـ في رأيي ـ إخلال بالشورى كمكتسب وطني / سياسي، ولكنه أصبح الآن (وفي هذه المرحلة المبكرة من التجربة) هو العنصر الأكثر تأثيرا، وتوصيلا إلى (المنصب)..

إنّ أصحاب المال أو النفوذ في أكثر الدول ديمقراطية هم مَن يصلون إلى مجالس البرلمان، ومن لا يملك الملايين، فعليه أن يودّع حلمه، أما في بلداننا العربية، فتُقام (سرادق) الانتخابات، ويفوز من يدفع أكثر، أو من يقيم أكبر عدد من الولائم، بشرط أن يتبع هذه الولائم (بوفيه) مفتوح!!..وهذا أمر حاصل، وهو نوع من التأثير على قرار الناخب، ووعيه السياسي..

وحتى لا نُعمم، أو تأخذنا المسألة إلى تحجيم أدوار أعضاء آخرين ـ سابقين وحاليين ولاحقين ـ جديرين بتمثيل ولاياتهم، وهم مؤهلون، وقادرون على الوقوف تحت قبّة المجلس، ليتحدثوا باسم الوطن والمواطن، وهم الذين يبرّون بوعدهم لأبناء ولاياتهم بأنّهم سيتحدثون بصوتهم، ومن خلاله، ويحافظون على كلمتهم، وبذلك يكسبونثقة الناخبين، الذين أعطوهم أصواتهم عن طيب نفس، وهي فئة (الأعضاء) الذين يعون دورهم السياسي والمجتمعي، ولا يكتفون بمجرد أن يكونوا (موزعي بريد)، أو مندوبي خدمات، وهم أولئك الأعضاء الذين يوقنون بدور المجلس الرقابي والتشريعي، والذين يتمسكون بسقف هذا الفضاء الوطني ليعلب دوره الفاعل والحقيقي في الحياة السياسية العامة.

أما الفئة الأخرى، والتي بذلت كل (غالٍ ونفيس)، ولكنها نسيت من صوّت لها بمجرد وصولها للقب (سعادة)، فقد جعلت الناخب يُعيد التفكير ألف مرة قبل إعطاء صوته لها مرة أخرى، لأن ـ هذا الناخب ـ وعى العملية، وتمرّس بها، وعرف أن (رشوته) في البداية كانت لكسب طيبته، ليس إلا..فهو كما يحتاج للمال، يحتاج في نفس الوقت، لمن ينقل همّه، ومتطلباته، لأنها هاجسه الأكبر والدائم، أما المبلغ الزهيد الذي يأخذه، فلن يدوم معه أكثر من ساعة، وسيمر على العضو الجديد ولكنه سيجده مشغولا دائما(بأمر المجلس)!!..

إنّ مسألتيّ الترشّح والترشيح مطلبان وطنيان، هامان، لكي نصل إلى ممارسة قيمة العملية السياسية، الديمقراطية، الفعلية، وعلى هذا الجيل والأجيال القادمة، تقع مسؤولية هذا العمل، ولذا يجب على الناخب أن يعرف قبل أن يعطي صوته..من هو (الأجدر) بتمثيله في المجلس..حتى لا يتحوّل (صوته) إلى مجرد (صدى) يضيع وسط زحمة الانتخابات!!.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك