المرأة

أحمد الرحبي

من الحقائق التي قد لا يتقبّلها المرء بصدر رحب في مجتمعنا وصف هذا المجتمع بالمجتمع الذكوري بالرغم من الدور المتاح للمرأة أن تلعبه في مختلف مجالات الحياة والتواجد المدني الناجح المُتحقق للمرأة في المجتمع العُماني، والذي لم يكن ليصبح واقعًا تُفاخر به المرأة العمانية على الأقل في محيطها الخليجي، لولا التكافؤ في عدد السكان الإجمالي للسلطنة وفي مخرجات التعليم مع أشقائها الرجال، هذا إذا لم يكن رجحان الكفة يميل لصالحها أصلاً في مخرجات التعليم، فهي برغم ما تحقق لها من حضور مدني لافت منذ بداية الانطلاقة الحديثة للسلطنة، مازالت تعيش تلك الانكفاءة إلى الداخل، في المكان ذاته الذي يتيح لها أن تقف خلف الرجل لا تتعداه، كما هي جدتها وأمها في السابق.

ومقارنة بأوضاع حقوقية ومدنية صعبة تعيشها النساء في بعض المجتمعات، العربية منها بالتحديد، تعتبر المرأة العمانية محظوظة إلى حد ما، فكونها تشارك مناصفة في تشكيل الهرم السكاني أو قريبًا من المناصفة، أصبح ذلك ميزة ساعدتها لتكون ندًا لا يُستهان به لشقيقها الرجل، فكانت هذه الميزة ما مهّد لها الطريق على كافة المسارات، في التعليم والوظيفة والفرص المتاحة للتطوير الذاتي، وفي الحقوق المدنية والاجتماعية الأخرى، لكن هذه ليست إلا الصورة الوردية ربما لوضع المرأة في المجتمع العُماني، والتي قد تغدو أول المنخدعين بها المرأة ذاتها وذلك بالنظر إلى البربجندا الإعلامية المصاغة بعناية عن المرأة بناءً على معطى المناصفة بينها وبين الرجل في تكوين الهرم السكاني وفي مخرجات التعليم في السلطنة، والمتداولة بكل الحرص والتقدير وكأنّها صورة إيقونية عن المرأة العُمانية في المجتمع الرسمي، والتي يراد أن يكون لها أثرها الدعائي الذي يجمل ويلمع الصورة العامة ويزيدها بريقاً ولمعاناً لا أكثر ولا أقل.

لكننا في الحقيقة عندما ننظر عن كثب إلى وضع المرأة العمانية في المجتمع، نجد أنّ الصورة ليست بتلك الوردية أبداً، برغم أن هذا المجتمع والحق يُقال كان تقليديًا قد أتاح هامشًا واسعًا للمرأة في المشاركة حتى لو تمثلت أو تركزت هذه المشاركة في تقاسم مصاعب الحياة (في السابق) وتحمل الظروف القاسية سواء طبيعية أو اجتماعية، والتي كانت أكثر هيمنة في وقت مضى، فعلى مستوى الزواج والارتباط بشريك العُمر، يأتي هامش الاختيار واتخاذ القرار المصيري في هذا الجانب، الذي لم يعد في مصلحة المرأة مثلما هو متاح بسهولة للرجل والذي يتمحور اختياره وفق مميزات خاصة يتطلبها في شريكة حياته تصب جلها في خدمة تخطيطه لمستقبله، كون الشرط الأول الذي يلح على الشاب العماني أن تكون المرأة التي يتزوجها امرأة موظفة وذلك كعامل مساعد له في ظل ظروف معيشية آخذة في التأزم يوماً بعد يوم، وحسب معيار مادي بات مسيطرًا هنا فإنّ الخريجة مثلاً أكثر حظاً في مواءمة اختيار الرجل من ذات التعليم المتوسط، أما تلك المرأة التي لا تملك شيئاً من حظوظ الدراسة أو المؤهل أو الوظيفة فهي تبقى خارج دائرة الاختيار.. كان الله في عونها.

قد نخلص إلى أنّه مهما كانت هناك مكاسب متحققة للمرأة العمانية ومن حضور لافت على مستوى المشاركة في مجتمعها والمساهمة بأدوار ناشطة فيه، إلا أنّ هذا الحضور وهذه المساهمة ربما ما زال ينقصها الكثير من التضحيات إلى أن تستوفي شكلاً أوفى من المشاركة التي تقترب بها من التكامل مع مشاركة الرجل ومساهمته في المجتمع، فما تزال هذه المشاركات تأتي مُنعزلة، وهي تتم تحت وصاية المجتمع الذكوري ومباركته.

تعليق عبر الفيس بوك