"النفط والغاز": نزيف أسعار الخام سيتواصل في غياب البوادر الإيجابية لتحسن المؤشر السعري

اليوان الصيني أصبح لاعباً رئيسياً في تحديد ملامح اتجاه أسعار النفط

تراجع معدل الإنتاج وزيادة الصادرات في أغسطس وكوريا تعود لقائمة المستوردين

توقع بانخفاض الطلب على النفط في الأسابيع المقبلة مع بدء موسم صيانة المصافي

الرؤية - نجلاء عبد العال

أوضح أحدث تقارير وزارة النفط والغاز أن أسعار النفط الخام لأغلب النفوط المرجعية حول العالم، شهدت خلال شهر أغسطس 2015 انخفاضاً ملحوظاً بالمقارنة مع أسعار التسوية لشهر يوليو 2015، وذلك لكل من نفط عمان في بورصة دبي للطاقة، ونفط بحر الشمال في جلسات تداول بورصة انتركونتننتال بلندن وكذلك غرب تكساس الأمريكي في جلسات تداول بورصة نيويورك للسلع خلال الشهر.

وبلغ سعر التسوية الرسمي لنفط عُمان تسليم شهر أكتوبر 2015م معدلا وقدره 47.88 دولار أمريكي منخفضا 8.45 دولار مقارنة بسعر تسليم شهر سبتمبر 2015م. فيما بلغ متوسط سعر نفط غرب تكساس 43.24 دولار منخفضا 7.95 دولار مقارنة بتداولات شهر يوليو، في حين بلغ متوسط سعر نفط بحر الشمال "برنت" معدلاً وقدره 48.4 دولار منخفضاً 8.5 دولار مقارنة بتداولات شهر يوليو 2015.

وتحت عنوان "تحليل السوق العالمي" أكدت الوزارة أنّ خسائر أسواق النفط العالمية تعمقت خلال تداولات شهر أغسطس 2015م، وألقت حالة التراجع التي تمر بها الأسواق بظلالها على معظم جلسات تداولات الشهر، حيث أغلقت معظم الجلسات على انخفاضات وصفت بالحادة في بعض الأيام. وقالت الوزارة في التقرير: "يبدو أن نزيف الأسعار في أسواق الخام سوف يتواصل مع عدم ظهور أي بوادر إيجابية لتحسن مؤشر اتجاه الأسعار في المدى القريب على أقل تقدير".

وحول أداء خام النفط العماني خلال تداولات شهر أغسطس شرح التقرير أن دائرة الخسائر التي منيت به أسواق النفط العالمية اتسعت خلال تداولات الأسبوع الأول من أغسطس 2015 م. وأغلق النفط في اليوم الأول من شهر أغسطس بتراجع أسعار النفط لنحو 4% من الإغلاق السابق، وذلك إثر ضعف البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إذ هوت أسهم شركات الطاقة الأمريكية مع تراجع أسعار النفط وزادت بيانات المصانع الصينية من المخاوف بشأن تراجع النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وتابع التقرير أن الأسواق استمرت في خسائرها وذلك بعد صعود العملة الأمريكية الدولار (والذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط العالمية) بفعل توقعات تظهر تحسنا في سوق الوظائف الأمريكية والتي تعزز احتمال أن يرفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة، وهو ما يتوقع كثيرون أن يبدأ في سبتمبر 2015 م. والجدير بالذكر أنه بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، عاود النفط الارتفاع مقترباً من 50 دولاراً للبرميل في ثاني أيام التداولات، وجاء الصعود مدعوما بانتعاش الأسهم الصينية الذي ساعد أسواق السلع الأولية في تحقيق مكاسب، إلا أن الأسعار هبطت مجددا واستمرت حتى نهاية إغلاق تداولات الأسبوع الأول. ويعزى ذلك التراجع إلى ظهور مؤشرات جديدة على تنامي تخمة المعروض ومراهنة المستثمرين على انخفاض الأسعار وتباطؤ الطلب في الصين، وأيضا ظهور بيانات توضح زيادة أكبر من المتوقع في مخزونات البنزين الأمريكية.

وحسب ما جاء في تقرير وزارة النفط والغاز فقد أدى غياب خطة واضحة لمنظمة الدول المصدرة للنفط -أوبك-، مع البيانات التي تشير إلى زيادة الإنتاج الإيراني إلى تأجيج المخاوف بشأن إمدادات المعروض، حيث صرح وزير النفط الإيراني أن بلاده تتوقع أن يرتفع إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يوميا فور رفع العقوبات وبواقع مليون برميل في غضون ستة أشهر.

وفي بعض جلسات الأسبوع الثاني، وكذلك الأسبوع الثالث، ظهر بعض التحسن في أسعار النفط شهدته الأسواق بفضل صعود أسعار البنزين والديزل في الولايات المتحدة نتيجة لعطل في وحدة لتقطير الخام تبلغ طاقتها 240 ألف برميل يوميا بمصفاة شركة بي.بي في انديانا، وأيضاً بفعل انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي وانخفاض مخزونات الخام الأمريكية.

إلا أن حالة التذبذب الحرجة استمرت لتعصف بأسعار العقود الآجلة للنفط الخام في باقي جلسات تداول الأسبوع الثاني والثالث لشهر أغسطس 2015؛ حيث شهدت أسعار النفط ضغطاً قويا ليهبط بأكثر من 4% وذلك بعدما خفضت الصين ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم قيمة عملتها يوم الثلاثاء 11 أغسطس 2015، مما أثار الشكوك بشأن الطلب العالمي على النفط، في حين أظهرت توقعات جديدة أن المنتجين غير الأعضاء في أوبك أقدر مما كان متوقعا على مواصلة ضخ كميات كبيرة رغم تدني الأسعار.

وتفاقمت توقعات تخمة المعروض في الأسواق العالمية بعد زيادة أسبوعية جديدة لعدد منصات الحفر في الولايات المتحدة بما يشير إلى نمو الإنتاج، وبالإضافة إلى هذا، فمن المنتظر أن ينخفض الطلب على النفط في الأسابيع القليلة القادمة مع بدء دخول المصافي موسم أعمال الصيانة السنوية، حيث من المخطط أن تغلق عدة مصافي أوروبية لأعمال الصيانة في سبتمبر وأكتوبر لهذا العام ومن بينها منشآت تديرها رويال داتش شل وشتات أويل وتوتال.

ويبدو أن اليوان الصيني قد أصبح لاعباً رئيسياً في تحديد ملامح اتجاه أسعار الخام، فضعف سعر صرف عملة اليوان من شأنه أن يقلص قدرة بكين على شراء الواردات المقومة بالدولار مثل النفط، الأمر الذي سيضر بالطلب على الوقود . إلى ذلك فقد سجل اليوان الصيني أدنى مستوى له في أربع سنوات يوم الأربعاء 12 أغسطس 2015م، بعد أن سمحت بكين له بمزيد من الهبوط من أجل دعم اقتصادها المتعثر بينما جاء الناتج الصناعي للبلاد دون التوقعات. وذكرت وكالة الطاقة الدولية بأنه على الرغم من أن تباطؤ الطلب من الصين ساعد في خفض أسعار النفط في وقت يزيد في المعروض من منتجين كبار في الشرق الأوسط، إلا أن نمو الطلب على الخام في أماكن أخرى يتسارع في ذات الوقت، ولكن بوتيرة أقل.

الجدير بالذكر، أن سعر الخام الأمريكي الخفيف اقترب من أدنى مستوياته يوم الخميس 13 أغسطس 2015م، متأثرا ببيانات تشير إلى زيادة كبيرة في مخزونات نقطة التسليم الرئيسية لعقود النفط بالولايات المتحدة وهو ما أدى إلى نشر المخاوف من جديد بشأن تخمة المعروض العالمي . من جانب آخر، أكدت بيانات أن اقتصاد اليابان ثالث أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم انكمش في الربع الثاني من هذا العام مما ساهم سلبًا في هبوط أسعار النفط.

الجدير بالذكر أنّ النفط فقد ثلث قيمته منذ يونيو 2014م، بسبب ارتفاع الإنتاج الأمريكي وضخ كميات قياسية من الخام في الشرق الأوسط ومخاوف من انخفاض الطلب في الاقتصادات الآسيوية. ويحذر المحللون بأن انهيار أسعار النفط (وهو الثاني هذا العام) بعد تعافيها يدق جرس الإنذار داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بما في ذلك بين بعض الأعضاء الخليجيين، لكن مندوبين أبلغوا وكالة رويترز أنّه ما من مؤشر حتى الآن على تغيير سياسة المنظمة برفع الإنتاج لحماية الحصة السوقية. وانضمت البورصات وأسواق العملات العالمية إلى موجة الهبوط الواسعة النطاق خلال الأسبوع الثالث من الشهر وزادت من وتيرة الخسائر يوم الجمعة بيانات أظهرت انكماش نشاط القطاع الصناعي الصيني في أغسطس 2015م، بأسرع وتيرة في حوالي ست سنوات ونصف. ومع زيادة الضبابية بخصوص نمو الطلب من ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم والتوقعات بزيادة كبيرة في فائض مخزونات الخام في الخريف القادم يقول التجار إن معظم المتعاملين في النفط لا يرغبون في مقاومة موجة الخسائر.

وقد انتعشت معظم تداولات الخام في ختام جلسات الأسبوع الأخير من الشهر مدعومة بعودة المستثمرين إلى الشراء بعد موجة مبيعات قوية، لكن استمرار وفرة المعروض والمخاوف من استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين يبقيان أسعار الخام قرب أدنى مستوياتها منذ بداية تداولات هذه الفترة. إلا أنّ العقود الآجلة لخام برنت والنفط الخام الأمريكي زادت من مكاسبها لأكثر من أربعة دولارات للبرميل في اليوم الأخير من الشهر حيث قفزت الأسعار لأكثر من 3 دولارات أمريكية للبرميل بعد ظهور بيانات تظهر تراجع إنتاج النفط الأمريكي وبعدما صرحت منظمة أوبك إنها مستعدة للتحدث مع المنتجين الآخرين بشأن هبوط الأسعار.

تداولات الخام العماني

وبلغ متوسط تداول العقود الآجلة في شهر أغسطس 2015 خمسة آلاف وثمانمائة و ثلاثة وأربعين (5843) عقدا في اليوم مقارنة مع 7 آلاف وستمائة وواحد وثمانين (7681) عقدا في شهر أغسطس من عام 2014، مسجلا بذلك انخفاضا بنسبة 23.93%.

أما عن الكميات الإجمالية المنتجة من النفط الخام والمشتقات ومعدل الإنتاج الشهري واليومي خلال شهر أغسطس 2015، فبين التقرير انخفاض معدل الإنتاج اليومي لشهر يوليو (31 يوم) بنسبة 1.22% مقارنة بمعدل الإنتاج اليومي لشهر يوليو (31 يوم) 2015، أي بمقدار اثني عشرة ألف برميل يوميا، في الوقت الذي ارتفعت فيه الكميات المصدّرة من مزيج نفط عمان بمقدار 6.83% مقارنة بتصدير الشهر الماضي (يوليو 2015م)، أو ما يعادل أربعة وخمسين ألف برميل يومياً.

وكعادتها، واصلت أسواق الطاقة الآسيوية هيمنتها على صادرات النفط الخام العماني في شهر أغسطس 2015م. وسجلت نسبة استيراد الصين زيادة بنحو 10% عن شهر يوليو 2015م المنصرم، لتسجل حصة الصين من الصادرات العمانية نسبة قدرها 80.99% خلال شهر أغسطس 2015م متصدرة بذلك على باقي وجهات تصدير النفط العماني. والملاحظ خلال الشهر تراجع حصص كل من اليابان وتايلاند بشكل ملحوظ في حين تم شحن ما نسبته 1.98% من مزيج النفط العماني إلى كوريا وذلك للمرة الأولى منذ شهر فبراير 2015.

تعليق عبر الفيس بوك