"لاجئ".. حالة شخصيّة أم واقع سياسي مؤلم؟!

د. سعد بساطة

في القرن الواحد والعـشرين وبفضل سرعـة انتشار أنباء الميديـا باستخدامها الوسائل الأسرع مثل الشبكة العـنكبوتية وغـيرها؛ بتنا نسمع عـبارات متكررة.. ولعـلّ العـبارة الأكثر استخداما ًالآن بلامنازع هي: "لاجئ" بسبب أوضاع عـسكرية أو سياسية أوإنسانية..إلخ، وليس سببها الرئيسي الفيضانات أوالجراد أو البراكين.. بل براكين الغـضب، وهجمات الجراد الإنساني/ اللاإنساني، وفيضان مشاعـر الكراهية ضد الآخر!

أعـلم أنّ القارئ لايعـشق الأرقام؛ ولكن لابـد من العـودة لها..فعالمنايضم الآن أكثر من52 مليون لاجئ - رسمياً-من أصل تعـداد سكانه البالغ سبعـة مليارات؛ والمؤسف أنّ الجنسيّة الأكثر تعـرّضا ًلهذا المصير المحزن هم السوريون؛ (عـدد المهاجرين الخارجي: 4 ملايين، والداخلي: زهاء 5 ملايين) بنسبهما إلى عـدد السكان الكلي والبالغ قرابة الأربعة وعـشرين مليوناً!

اللاجئ بالتعـريف: هو الشخص الذي يهرب من بلده إلى بلد آخر خوفاً على حياته، أو خشيةالسجن والتعذيب، وبتعدد أسباب اللجوء تتشكل أنواع اللجوء نتاجالحرب، الإرهابوالفقر.

وأهم أنواع اللجوء:

اللجوء السياسي: يتم منحه للشخصيات المشهورة، والقادة المنشقين عن جيوشهم أو حكوماتهم،وللناشطين السياسـيين.

اللجوء الديني: هو أن يقوم الشخص باللجوء إلى دولة أخرى بسبب تعرضه للاضهاد بسبب معتقداته الدينية(أو اللادينية)!.

اللجوء الإنساني: السفر لدولة أخرى داخل أو خارج الوطن بسبب الحروب أو النزاعات الإثنية أوالعرقية، وهناك دول تعيد اللاجئين إلى بلدهم الأم بعد انتهاء هذه الصراعات، وأخرى تبقيهم على أرضها.

ولاننسى في معـرض التعـداد: اللجوء الغذائي أو الاقتصادىوهو الانتقال من دولة لأخرى بسبب الكوارث البيئية التي تسببها المجاعات.

لربما أكثر الدول شعـبيةً للجوء هي الاتحاد الأوروبي، وأقلّها دولة اسمها كانواتو فيها لاجئ واحد (بحسب إحصائيات الأمم المتحدة).

يُعـقد مؤخراً مؤتمر بالاتحاد الأوروبي لمناقشة وضع اللاجئين وتوزيعـهم عـلى دول أوروبا؛ وتبني هنجاريا حائطًا لمنع تدفق اللاجئين لبلادها من البلدان والمجاورة، ولاننسى المئات الذين لقوا حتفهمغرقا في البحر الأبيض المتوسط (صار اسمه القبر المتوسط) آملين الوصول لأوروبا!! ومؤخراً تتناقل الصحافة صور عشرات الجثث في شاحنة بالنمسا؛ كان تجار النخاسة الذين يعيشون من امتصاص دماء معـذّبي الأرض، قد كسبوا ألوف اليوروات من سوقهم كالقطعـانإلى حتفهم!

باستثناء فلسطين المحتلة كان لاجئو العـالمحتى2007 هم قرابة ثمانية ملايين نسمة؛ ولكنوبعـد غـزو أفغــانستان وبحسب أوضاع (ليبيا/ العـراق/السودان/اليمن/سورية) فالعـدد تجاوز الخمسين مليون لاجئ للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، ليصل إلى (51.2) مليون لاجئ ووفقاً للتقرير فإنّ الدول النامية تستضيف (86%) من مجموع اللاجئين على مستوى العالم.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أنطونيو جوتيريس"، في معرض تعليقه على التقرير، إنّ نزاعات جديدة تنشأ قبل أن يتم حل النزاعات القديمة، مضيفا أنّ (6.3) مليون شخص يعيشون كلاجئين منذ سنوات، بينهم على سبيل المثال (120) ألفًا من أقليّة "الكارين"، يقطنون منذ (20) عامًا، في مخيّمات على الحدود، بين ميانمار، وتايلاند.ولفت "جوتيريس" إلى أنّ تزايد عدد اللاجئين، يخلق مشاكل كبيرة، للمنظمات العاملة، في مجال الإغاثة.

كان الأفغان يشكـّلون أكبر عدد من لاجئي العالم، حيث وصل عددهم إلى أكثر من(2.5 (مليون لاجئ، بعـد اللاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم الخمسة ملايين، ثم الصوماليين الذي يبلغ عددهم (1.1) مليون. ولا يشمل التقرير النازحين داخل بلدانهم الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بـ (33.3) مليون نازح.

تم إنشاء منظمة "الأونروا " عـام 1948 من قبل الأمم المتحدة لغـوث وتشغـيل اللاجئين الفلسطينيين؛ والآن تعـنى بهذه الموضوعـات المفوّضية السامية للاجئين (UNHCR).

لطالما حاولت دول اللجوء أقلمة هؤلاء مع العـادات والثقافة المحلية فقد قرأت مؤخراً: أنّ دائرة المهجـّريـن التركية قد أعـدّت، كتابا باللغتين التركية والعربية، يضم قصص "نصر الدين خوجا"، المعروف بـ"جحا" في العالم العربي، بغيّة المساهمة في تعليم التركية للأطفال اللاجئين السوريين.وجرى إصدار الكتاب الذي تضم صفحاته رسوما كاريكاتورية، ومن ثمّ توزيعه على الأطفال في مخيمات اللاجئين.

للخروج من جو الميلودراما: الولايات المتحدة تزخر بالمهاجرين المكسيكيين- غـير الشرعـيين- وإليكم هذا السؤال الطريف:

س- لماذا لايوجد فريق رياضي يمثـّل المكسيك في الألعـاب الأولمبيّة؟

ج- لأنّ كل من يتقن السباحة أو الجري؛ يفر منها عـبر الحدود للولايات المتحدة..

بختام الحديث عـن الواقع العـربي: فالسوري يسمى "نازح" في البلدان العـربية الشقيقة؛ ولكنه يـُدعـى "الضيف السوري" في بلدان سحيقة البـُعـد مثل السويد وألمانية! وكان يقطع البحار التي عـبرها بالسفن فاتحـا ًأيام طارق بن زياد، أمّا الآن فهو يعـبر تلك البحار ذاتها هاربا بجلده وعـائلته لاجئا لايلـوي عـلى شيء؛ فهل من تعـليق؟!

SADBSATA@GMAIL.COM

تعليق عبر الفيس بوك