حلم النهضة

مدرين المكتومية

هبّت نسايم احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الـــ45 ولاحت معها ذكريات أيام مضت كان أبطالها الآباء والأجداد، وآفاق عوالم أخرى يملك مفاتيحها الجيل الجديد المستشرف للمستقبل، الجيل الذي تتعلق الكثير من الآمال على عاتقه ليواصل تحقيق حلم النهضة الذي غرسه قابوس ومازال يحققه يومًا بعد يوم.

وعلينا عندما نتحدث عن اليوم الوطني أن ننتبه إلى معنى الوطن ومعنى الوطنية والاحتفال بيوم الوطن وذكراه الغالية، ولست ضد إظهار حبنا لعمان عبر المسيرات ورفع الأعلام فهذا عنوان لرسالة نبعث بها لوطننا أمام العالم كله، لكن متن الرسالة نفسها يحتاج إلى أن يُقدم كل منِّا جهده لأجل خدمة هذا الوطن الغالي، وأقل الإيمان هو التخفيف من حالة التذمر الدائم التي بات البعض يدمن عليها، فمن الملاحظ خلال الفترة الماضية ظهور جيل تتركز حياته في البحث عن السلبيات، وليت جهودهم تلك كانت من أجل علاج السلبيات ولكنها للأسف كانت مجرد بحث عن المزيد منالانتشار على وسائل التواصل، حتى باتت النظرة السوداوية والسلبية هي ثقافة المجتمع الحالي، وإن وجد الشخص الإيجابي فإنّ الاتهامات تلاحقه، حتى بات وباء السلبية مرضاً ينهش عظام المجتمع ويفكك قوته.

ما أطرحه لم يأت من فراغ بل جاء مما آراه من قبل الكثير ممن التقيتهم في الحياة العامة، الذين باتوا يبحثون عن الفارق ويجرون المقارنات بين عُمان وبلد آخر دون النظر لمجمل الأمر، ودون النظر لما كانت عليه عُمان في السابق قبل أن يشرق على صباحاتها فجر يوم النهضة المباركة، فهناك فجوة حقيقية بين الأجيال نعاني منها، ولم يعد للحوار مساحة بينهم، حيث يكاد الحوار أن يكونمفقودًا في زمن نحتاج فيه للحوار ولنقل الخبرات وللتذكير بما كان، فقد وصلنا لمرحلة أن الغالبية العظمى من الشباب أصبحوا لا يعيرون حديث الأجداد أي انتباه على سبيل المثال عن تاريخ عُمان وعن الحياة التقليدية التي عاشوا، وكأنهم يرغبون في التنصل منها، لكن من لا يعرف عن تاريخ وطنه شيئاً سيجهل كيف يعيش المستقبل، فلا ينكر أحد أن المستقبل دائماً يبنى ثوابت الماضي، فالدول المتقدمة التي لها حضاراتها بدأت خطواتها منذ زمن بعيد ولازالت تعيش على ذكرى التاريخ الذي رصده العالم المتعايش معه.

الإيجابية في حبنا لوطننا عمان وقائدنا المفدى هي أن يكون هناك دليل ملموس على صدق هذا الحب والانتماء، يمكن أن نبدأ من الآن لنخرج بفكرة مبدعة للاحتفال بالعيد الوطني الــ45، فنحن لسنا بحاجة لملايين من موازنة البلد تصرف في الأخير على اللافتات والأعلام والزينة التي ينتهي دورها بعد أيام قليلة من انتهاء الاحتفالات، لكننا بحاجه إلى الملايين التي تنفق عليها والتي يمكن أن تسهم في وضع بذرة مشروع ما يكون الجميع شريكاً فيه ولكل منّا دوره، كزراعة شجرة أو إقامة حملات تنظيف أو البذل لتكون عمان في العام القادم بدون أمراض أو بدون جرائم أو بدون أمية لنحصد نتيجته في العام القادم ونحن نحتفل بالعيد الوطني 46 ونحتفل بإنجاز عمل جماعي يكون لكل المواطنين شرف إنجازه، فنحن في نهاية المطاف نتحدث عن وطن نعيش على أرضه ومن خيراته فعمان ليست "شقة بالإيجار" نستبدلها ونرحل منها متى أردنا، فبعد عشر أو عشرين عاماً سيأتي جيل آخر يبحث ويقارن عن ما قدمناه كما نذكر ما خلده الراحلون قبلنا، ولنفكر ماذا سيقول الجيل الذي سيأتي بعد أربعين عامًا وهو ينظر لسجل الإنجازات التي قدمناها نحن، حتى لا نجعله يتفاجأ ويصدم بأن جيلنا قد كان إنجازه الأكبر تويترات وهاشتاجات وشير ولايك، وتعليقات ضخمة على حدث ينتهي الاهتمام به بعد دقائق من نشره، هل نرغب في أن يكون هذا هو إرثنا لعمان؟؟.

الإجابة قد لا تكون مجرد كلام وأغانٍ إذا ما استطعنا أن نخرج كشباب بعمل جماعي نفاجئ به أنفسنا في العيد الوطني القادم وفي كل أعيادنا الوطنية التالية.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك