التعليم في البيت أولا...

مدرين المكتومية

مع عودة أبنائنا الطلاب إلى المدارس بعد إجازة الصيف، يعود النقاش مرة أخرى حول إدارة أزمة التعليم في بلادنا. ومع احترامي للكثير المنظرين هنا وهناك، أجد أن هناك دورًاأساسياً مغيباً ومسكوت عنه للآباء والأمهات في تعليم أبنائهم. فنحن نعلم جميعًا أنه قد ساد خلال العقود الأخيرة فهم معلب لعملية التعليم يتمثل في مسؤولية المدرسةعن تعليم الأبناء بشكل كامل وإقصاء العوامل الأخرى. وفي الحقيقةأنّ دور المدرسة والبيت (الأسرة) تكاملي ولا ينفصل كلاهما عن الآخر وعلى كل أن يقوم بدوره على الوجه الأكمل. فلا يمكن للمعلم أن يصلح مهارات طفل غير موجودة أصلاً ولم يتم تعزيزها في المنزل.

وللأسف فإنّ العديد من الآباء والأمهات ألقوا بدور التربية للعاملة الآسيوية التي بدورها أخذت مكان الأم في كثير من شؤون المنزل، حتى باتت محركاًأساسياً في كل صغيرة وكبيرة، وهو ما جعلنا ننسىأن دورهالايتجاوز الخدمةوالمساعدة في شؤون المنزل وتقديم العون وليس رعاية الأطفال وتربيتهم، فتداخل المهام سبب الكثير من الأخطاء التي دفعت ثمنها الكثير من الأسر، فمنهم من خسر أطفاله ومنهم من تعلق طفله بالخادمة ومنهم من اكتسب عادات العاملة الوافدة وسلوكيات ليس لها دخل في الدين، فقد أشارت الإحصائيات الرسمية إلى أنّ القوى العاملة الوافدة التي تعمل بالقطاع العائلي (العاملون لدى الأسر والأفراد وعلى نفقتهم الخاصة) شهدت ارتفاعاً بنسبة 0.9% حيث بلغ عددها 238.444 عاملاً في نوفمبر 2014 مقابل 236.237 عاملاً مسجلين في أكتوبر 2014. وهو رقم ليس بهين خاصة وأن الأسر تركت لهم مساحة كافية للتحكم حتى في حياة الطفل وتربيته.

والأمر الأكبر من ذلك هو انتظار الأسرلاستئناف الدراسة بالمدارس بفارغ الصبر، آملين في المعلمأن يقدم لهم طفلا متكاملا دون أن يكلفوا أنفسهم بمتابعته والمساعدة في تربيته ولو قليلاً، العديد من الأسر تناست واجباتها تجاه أبنائها وذلك لأسباب استطيع أن أطلق عليها أسباب العصر الحديث وهي انشغالاتهم بالوظيفة وأمور ثانويةأخرى حتى بات الأب والأم يعودان للبيت، دون أن يفكران في سؤال أبنائهم عن واجباتهم المدرسيةأو مراجعة دروسهم والأدهى من ذلك أنّه عندأي استدعاء لولي الأمر بالمدرسة في أغلب الأسر تذهب العاملةأو المربية عوضًا عن والد الطفل أو والدته، لتقابل أساتذة الطالب أو الطالبة وهو أمر مخزٍ فعلاًأن نصل لهذه المرحلة من الإهمال، الأمر الآخر أن الطفل الذي يتربى تحت يد خادمة لا تتأمل عائلته أن يكون باراً بهم في يوم ما أو أن يحمل بداخله عاطفة تجاههم لأنهم لم يكلفوا أنفسهم تقديم أبسط الحقوق له، فالأب والأم يعتقدان أنّ السعادة مرتبطة بتقديم وتوفير الجوانب المادية متناسين الاهتمام بالجانب النفسي والمعنوي للطفل.

خلاصة الأمر ونحن في مطلع العام الدراسي الجديدأن على الأسر أن تبذل جهدا كبيرا في التقرب من أبنائها والعمل على إيجاد وقت كافٍ للجلوس معهم وتعليمهم وتهذيبهم والعمل على أن تكون هناك علاقة بينهم وتواصل دائم حتى لا يخسروهم للأبد، والمسؤولية الأساسية تقع على عاتق الأم والأب بالدرجة الأولى، أما الخادمة فدورها يقتصر علىالمساعدة والتحضير، أما التربيةفيجب أن تنبع من قيم ومبادئ إسلامية وأعراف عمانيةثابتة، وعلى الأسر أن تبذل قصارى جهدها لتربية أبنائها التربيةالسليمة والصحيحة التي تعينهم في تسيير حياتهم مستقبلاً.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك