مختصون: ندرة المحاصيل والظروف المناخية من أبرز عوائق التوسع في صناعات العصائر والألبان

◄ النوبي: تنمية الثروة الحيوانية أول طريق زيادة صناعات الألبان

◄ العبري: العراقيل الإدارية وراء عزوف المستثمرين عن إنشاء مصانع الألبان والعصائر

◄ الزدجالي: توظيف الموارد الطبيعية ينمِّي معدلات الإنتاج الحيواني والزراعي

◄ التوسع في إنشاء "البيوت المحمية" يوفر المحاصيل اللازمة لصناعة العصائر

أجْمَع مُختصون وخبراء في قطاع صناعات الألبان والعصائر، على أنَّ ندرة المحاصيل الزراعية والظروف المناخية من أبرز عوائق التوسع في هذه الصناعات.. داعين إلى إعادة النظر في القطاع بشكل كامل؛ من خلال توفير الدعم اللازم وتوظيف الموارد الطبيعية بشكل أكثر إيجابية.

وقال المختصون -لـ"الرُّؤية"- إنَّ غياب التسهيلات الحكومية في هذا القطاع تعدُّ كذلك من العوامل التي تعرقل نموه.. مُستشهدين بشركات ومصانع أعلنت إفلاسها، وأُغلقت نتيجة لغياب الدعم والمنافسة غير العادلة مع شركات أخرى خليجية تقدم منتجاتها دون أي ضرائب أو رسوم.. واقترحوا إنشاء بيوت محمية، وزيادة رقعة استزراع الحشائش، إضافة إلى تقديم تسهيلات فيما يتعلق بتوفير الأراضي لإقامة المشاريع الزراعية، علاوة على تخفيض الرسوم على هذه الأراضي والإعفاء الضريبي.

الرُّؤية - أسماء البجاليَّة

وقال خالد النوبي مسؤول الإدارة وتطوير الأعمال بشركة الصفاء للأغذية: إنَّ العجز في منتجات الألبان والعصائر المحلية، يكمُن في أسباب عدة؛ منها: نقص الثروة الزراعية والحيوانية، مع عدم توافر التسهيلات الكافية لهذين القطاعين، بما يضمن التوسع في أعماله.

وأضاف بأنَّ دور القطاع الخاص كذلك في هذا الجانب يشوبه التقصير؛ فلا بد من دخول شركات أخرى لإنعاش هذا القطاع وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي؛ وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي، عوضا عن استيراد هذه المنتجات من الدول الأخرى.. داعيا إلى أهمية حث القطاع الخاص على المساهمة في نمو القطاع لما له من دور في تحقيق الأمن الغذائي بالسلطنة.

وذكر النوبي جهودَ السلطنة -ممثلة في وزارة الزراعة والثروة السمكية- بالتعاون مع الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة؛ من خلال مشروع لإنتاج الألبان في محافظة ظفار، والذي يعد مشروعا ضخما؛ إذ تم البدء بدراسات الجدوى وتشكيل اللجنة الأساسية للمشروع.. موضحا أنَّ هذا المشروع طموح. لكنه في المقابل حثَّ القطاع الخاص على عدم التعويل على الحكومة في كافة الأمور، وأن يتحلى بالمبادرة وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع. داعيا الشركات العاملة في هذا القطاع إلى الاتحاد وتشكيل كيان كبير يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من صناعات الألبان والعصائر.

وسلَّط النوبي الضوءَ على أهمية النظر في حليب الإبل واستغلاله في تصنيع الألبان والأجبان والآيسكريم؛ لما له من أهمية غذائية عالية على مستوى العالم؛ حيث بدأ الكثير من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية في استيراد ألبان الإبل من الوطن العربي، وهو دليل على أهمية لبن الإبل وكثرة الإقبال عليه.. مشيرا إلى أنَّ هناك أسواقا إقليمية تبيع إنتاجها اليومي بالكامل من حليب الإبل.

وناشد النوبي بضرورة العمل على تربية المواشي لإكثار ولتعزيز واستغلال الثروة الحيوانية بالسلطنة واستخلاص الألبان وتصنيعها كمنتجات محلية من أجبان...وغيرها من المشتقات؛ لتغطية النقص الحاصل وعدم الاعتماد على استيراد منتجات من الخارج. وتابع بأنه من الضروري توعية مربي الماشية بأهمية زيادة الاستثمارات في هذا الجانب، علاوة على تأسيس مزرعة مواشي للألبان على سبيل المثال في صلالة ومزرعة أخرى في محافظة الداخلية، ومزرعتين في محافظة الباطنة، وجميعها تُكمل بعضها البعض لتغطية الاحتياجات في السوق المحلية.

ومضى النوبي قائلا: "وفيما يتعلق بالثروة الزراعية وتصنيع العصائر، فإنَّنا نُواجه تحديا من ناحية الجانب البيئي للسلطنة؛ فارتفاع درجة الحرارة وشح الأمطار والموارد المائية وإرتفاع نسبة الملوحه تعد أحد التحديات التي تواجهنا؛ وبالتالي لا نجد محاصيل زراعية متنوعة كالبرتقال والتفاح والمانجو بالجودة الكافية التي توفر القدرة على تصنيع العصائر؛ لأنها تحتاج إلى بيئة استوائية تساعد على زرعها في السلطنة.

وأوْضَح النوبي أنَّه إذا تمَّ التصنيع من خلال استيراد الفواكة، ستكون الكلفة عالية، إضافة إلى جودة الثمار، فإنها ستقل ولن تكون طازجها بالشكل المطلوب. غير أنَّ النوبي طرح الحل لهذه التحديات جميعها، وهو العمل على إنشاء البيوت المحمية التي حققت نجاحا ملحوظا في الكثير من الدول على مستوى العالم، وأيضا في بعض الدول المجاورة كالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت ومملكة البحرين.

وقال النوبي: على المستوى الشخصي، قُمت بالاطلاع على تجربة البيوت المحمية ووجدتها ناجحة، وهناك شركتان تعمل على البيوت المحمية بالسلطنة ولهم إنتاج جيد جدًّا؛ إذ يُنتجون أنواعًا مختلفة من المحاصيل، ومن الممكن أن يزيد القطاع الخاص استثماراته في هذا الجانب بشكل أكبر.

وأضاف بأنَّ القطاع الخاص بحاجة إلى مساعدة وتكاتف الحكومة للحصول على أرض زراعية لإقامة مثل هذه المشاريع، إضافة إلى مساندة القطاع الخاص ومشاريع الأمن الغذائي والمشاريع الحيوية من خلال منحهم المساحات المطلوبة لإقامة المشاريع، وتخفيض الرسوم على الأراضي والإعفاء الضريبي، ووضع التسهيلات بشأن طلب الأراضي لإقامة المشاريع بالسلطنة في مدة زمنية قصيرة، ووجود عمليات رقابية في الاستغلال الصحيح لهذه الأراضي، والتسهيلات الأخرى المرتبطة بإقامة الشروع.

وتابع القول: إضافة إلى إنشاء مصانع لاستغلال هذه الموارد، يحتاج القطاع الخاص إلى توفير الموارد المالية، ومن ذلك مساندة الجهات الحكومية كدعم وزارات التجارة والصناعة والإسكان والزراعة والثروة السمكية.. مشيرا إلى أنَّ التركيز على زراعات الفواكة وتربية المواشي يحقق النجاح المطلوب لنهضة وتطور هذه الصناعات.

وبيَّن النوبي أنَّ شركة الصفاء للأغذية تعمل على تعزيز الطاقة الإنتاجية القصوى من الدواجن لتغطية الطلب في السلطنة.. مشيرا إلى أنَّ الطاقة الإنتاجية للشركة تبلغ تقريبا 70 ألف دجاجة في اليوم الواحد. وأوضح أنه لزيادة الإنتاج إلى 100 ألف دجاجة في اليوم الواحد تقريبا، يتطلب الأمر وجود أراضٍ إضافية ومساحات للدواجن لاستيعاب كمية أكبر وزيادة الطاقة الإنتاجية بالشركة، لكن ونظرا لصعوبة الحصول على أرض بسبب قيود وشروط الجهات المعنية، عملت الشركة على تحقيق شراكة مع الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة لإنتاج ثلاثة أضعاف ما تنتجه شركة الصفاء الآن.

قلة المستثمرين

أمَّا سالم باعمر مدير الموارد البشرية بشركة ظفار للمرطبات والمواد الغذائية؛ فقد أكَّد أنَّ مدينة صلالة تتمتع بثروة حيوانية "جيدة جدا"، لكنه شكا من عدم وجود "مستثمرين حقيقين فعالين" يمارسون هذا النشاط بحيث يكتب له النجاح. وقال إن الشركة الوطنية للثروة الحيوانية في محافظة ظفار تعثرت بالرغم من الدعم الذي حصلت عليه من الحكومة، نتيجة عجز المساحات المزروعة بالأعلاف، مقترحا زيادة رقعة استزراع الحشائش، ما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي علاوة على تصدير الفائض.

وقال فيصل العبري مدير الموارد البشرية بشركة الوطنية للمياة المعدنية: إنَّ الثروة الزراعية بالسلطنة جيدة والمنتجات متوفرة، لكن يغيب الدعم من الجهات المختصة؛ فنجد أصحاب الشركات يفتقدون للحافز لإقامة مثل هذه المشاريع التي من شأنها أن تعمل على استثمار الموارد الطبيعية بالسلطنة؛ سواء على المستوى الزراعي أو الحيواني، واستخراج منتجات محلية تعمل على تغطية النقص وعدم اللجوء إلى الاستيراد من الدول المجاورة.

وأوْضَح العبري الأسباب الأخرى التي تجعل من أصحاب الشركات يشعرون بعدم التحفيز لإقامة مثل هذه المشاريع، وهي إجراءات طلب الأراضي لإقامة المشاريع التي تجعل الفرد ينتظر مدة زمنية طويلة للحصول على الأرض، وأحيانا قد يمنح أرضا لكن يكون موقعها غير مناسب إطلاقا، وغير مهيَّأ لإقامة أية مشروع، مقترحا أن تبادر الجهات الحكومية بإنشاء مصانع حكومية تقوم بتصنيع الألبان والعصائر المحلية.

الدَّعم الحكومي

المواطنون من جانبهم لم يختلفوا عن الآراء السابقة؛ إذ يؤكد المواطن عبدالحميد الزدجالي أنَّ أسباب ندرة أعداد المصانع المحلية المنتجة للألبان والعصائر بالسلطنة، تكمن في غياب الدعم المقدم من الجهات المعنية لهذه المنتجات، ومساندتها للمنتج المحلي العماني، إضافة إلى وجود المنافسة الخليجية والأوروبية؛ الأمر الذي تسبَّب في تراجع جودة المنتج العماني وأفقد المواطن الثقة في هذه المنتجات.

وأضاف: "الشركات تعاني من عراقيل مختلفة مع الجهات المعنية؛ من حيث عدم تقديم الدعم بإلزام الشركات الخارجية بدفع ضرائب على ما تبيعه من منتجات.. مشيرا إلى أنَّ سعر المنتج المحلي يقترب من سعر المستورد، رغم ان جودة المستورد أعلى، والسبب وراء ذلك أن الشركات الأخرى تتلقى الدعم من حكوماتها فيما لا تجد الشركات المحلية أي دعم يذكر.

وناشد الزدجالي بأهمية توظيف الموارد الطبيعية في السلطنة والعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية للثروة الحيوانية بما يضمن تصنيع الألبان ومشتقاتها، علاوة على تقديم الدعم اللازم من الجهات المعنية لتحقيق ما يطمح له المواطن واستغلال الموارد والثراوات المحلية للارتقاء بالمنتجات الوطنية وزيادة جودتها، بالإضافة إلى بذل الجهود من قبل وسائل الإعلام للترويج للشركات الغذائية المحلية.

تعليق عبر الفيس بوك