المشاركون في فعاليات البيئة البحرية بقرية التراث يبهرون زوار المهرجان بأغنياتهم المميزة

تزخر ذاكرة ربابنة البحر -المشاركين في فعاليات البيئة البحرية بالقرية التراثية لمهرجان صلالة- بالعديد من الذكريات والمغامرات الشائقة وملامح سنوات من السعادة والشقاء، وهو ما يجعل من القرية التراثية ملاذا لذكريات الغوص والإبحار بين أمواج بحر العرب والمحيط الهندي، مفروشة برمال فضية ناعمة نمشي عليها وكأننا بين أحضان شواطئ ظفار الجميلة، ولا تخلو من أحاديث البحر ومغامراته الشائقة ومصارعة أمواج الخريف من أجل شغف البحر وحب الصيد وكسب الرزق؛ لاستعراض سيرة أعوام مديدة لم يعرف أهل البحر فيها إلا تلك المياه الممتدة وطنا لهم وبيتا كبيرا لآمالهم، وعشقا راسخا في قلوبهم لهم حتى وإن قسا عليهم بين فترة وأخرى.

ولا يملُّ المشاركون في الفعالية من إبهار زوار المهرجان وهم يغنون اهازيجهم البحرية الجميلة بصوت واحد ويردون على بعضهم البعض بأبيات تلك الشلات والأهازيج البحرية الشجية ولا يأتي الغناء لمجرد الأبحار في عالم الذكريات وإنما ليحثهم على العمل فهم يرددون تلك الأهازيج وهم ينسجون شباكهم ويعملون بكل تفاؤل لملاقاة ذلك البحر الجميل والبحث عن الأمل والعمل الدؤوب الذي لا ينقطع بهم منذ ساعات الصباح الأولى.

وتعدُّ البيئة البحرية واحدة من المفردات التي تحاكي الانشطة المجتمعية للإنسان العماني في الماضي والحاضر؛ فالبحر مرتبط به منذ زمن الأجداد، وظل يُعبِّر عن بطولات وأمجاد منذ أيام سابقة. وقد ارتأت اللجنة المنظمة لمهرجان صلالة السياحي ان تجسد ذلك في بيئة تحاكي ذلك الواقع الجميل وتوفر كل الاحتياجات اللازمة لذلك البحر والرمل والسفن الشراعية والربابنة وغيرها من المفردات البحرية الجميلة لى جانب تجسيد أعمال ميناء (الفرضة).

ويلفت انتباه زوار هذا الركن بالقرية التراثية صوت الأهازيج وهي تتعالى بصوت الوالدة صنعة بنت بشير وهي تردد "فضولي جابلي كلمة.. ولايعرف معانيها" ويرد معها بقية الربابنة والنساء اللاتي يقمن بالأعمال النسائية كالغزل على الدواليب.

وتقول الوالدة صنعة بشير إنَّ هذه المهنة إرث عماني أصيل توارثناها أبا عن جد وتعلمناها وتعلمنا كل ما يرتبط بها بكل محبة وود لأنها تحمل معاني وقيمًا رائعة للعمل الجماعي. وقالت: هناك بعض الأهازيج ترتبط بتنفيذ بعض الأعمال.. مشيرة إلى أنَّ أعضاء فريق البيئة البحرية بالقرية التراثية في مهرجان صلالة السياحي هم اسرة واحدة تجسد ذلك الماضي القديم وتعرضه للزوار حتى تصل فكرته بشكل اصيل كما هو جوهر التراث العماني في كل ربوع هذه السلطنة الغالية.

وأضافت بأنَّ من أبرز الفعاليات التي نقوم بها هي عملية (الوشاعة) وهي عملية خياطة الشبك بمختلف أنواعه وهي عملية صعبة ومعقدة جدا، ولكنها بالنسبة لنا سهلة كسهولة شرب الماء ويضيف أثناء عملية الوشاعة يردد أهل البحر بعض الأغاني لايجاد عامل التسلية وروح العمل الجماعي كأغنية (فضولي) كما يشارك في عملية الوشاعة العنصر النسائي بعملية الغزل على الدواليب إضافة إلى عملية الطحن على أداة الرحى كما يشتهر أهل البحر بفن (الشبانية) وهو واحد من فنون المحافظة الجميلة يقام هذا الفن في الأعياد والمناسبات يقوم من خلاله الرجال الذين يحملون العصي وهم في مجموعتين متقابلتين بالتمايل إلى الأمام والى الخلف في طريقة تتماشى مع نغمة الإيقاع مكونين مساحة في الوسط يدخل فيها بين حين وآخر ثلاثة رجال يقومون بالقفز إلى الأعلى في طريقة دائرية كأنهم شخص واحد حسب نغمة الإيقاع.

وعن مكونات البيئة البحرية، تقول الوالدة صنعة بنت بشير إنها مثال مصغر لما كان عليه أهل البحر في السابق فهناك (الفرضة) وهي عبارة عن غرفتين صغيرتين تخزن فيهما البضائع فواحدة منهما تخزن البضائع القادمة من الخارج من الطريق البحري. أما الأخرى فتخزن فيها البضائع المحلية التي ستنقل الى الخارج ويضيف هناك أيضا الميناء الذي يحتوي على (السنبوق) وهي نوع من أنواع السفن حيث تقوم السنبوق بالذهاب إلى عرض البحر لنقل البضائع من (اللنجات) وهو نوع آخر من السفن ولكنه أكبر حجما؛ حيث لا يمكن أن يصل الى الشاطئ فتذهب اللنجات لاستلام البضائع منه لتنقلها إلى الميناء.

تعليق عبر الفيس بوك