في "شهد الذاكرة".. سعيد الكلباني يمزج ملامح مشواره الإنساني والمهني بتاريخ الوطن

مسقط - محمد قنات

صدر مؤخراً عن مؤسسة بيت الغشام للصحافة والترجمة والنشر والإعلان كتاب "جندي من مسكن: شهد الذاكرة" الذي يحكى عن جوانب مهمّة من سيرة الفريق أول سعيد بن راشد الكلباني تناولها منذ الطفولة وحتى التحاقه بالجيش جنديًا، وحتى تقاعده، باعتباره أول عماني يتولى قيادة الشرطة (المفتش العام للشرطة والجمارك) إلى أن صدر مرسوم سلطاني سامي بتعيينه مستشارًا.

ويتطرّق الكتاب محمد بن سيف الرحبي، سيرة الكلباني منذ أن جاء جنديًا من قريته مسكن، والتفاصيل التي شكلتها عادات وتقاليد المجتمع العماني. وجاء الكتاب عبر خمسة فصول بها كثير من الأحداث التاريخية، والحكايات وذكريات الماضي الجميل.

وفي مقدمته للكتاب، قال محمد الرحبي إنّ المفتش سعيد بن راشد الكلباني لم يخلع زيّه العسكري، "مهما بدا العمر يمضي بعيدًا عن تلك الميادين الضاجة بسواعد الرجال وهي تحمي الحمى، تشعر حين تجالسه بأنّ الجندي الذي حمل بندقيته قبل أكثر من نصف قرن لا يزال يتنفس رائحة المعركة في جبال ظفار، وأن العمر لم يمر بالرجل كثيرًا فمذاق الطفولة لا يزال طازجا بين يديه، كما هو العسل يسيل على ساعديه إذ يجني الشهد في جبال مسكن، ولا يزال عرقه يتقاطر في ميادين التدريب، متدربا أو مدربا، كما هو شهد الذاكرة، حينما كان يرتحل بين قريته والمناطق القريبة البعيدة على ظهر جمله، وحيثما القافلة تشد رحالها تقطع المسافات في تلك الأودية والسهول".

وأضاف الرحبي "عندما تجلس المفتش سعيد بن راشد الكلباني تدرك أنّه أكثر حضوراً بين جنبات روحه وأنّ المسميّات والرتب على تتابعها وتواليها لم تنل من تواضع هذا الإنسان وبساطته، حيث تقرأ في ملامح وجهه حروفاً من ذلك الزمن الجميل والانضباط العسكري لايزال يسكن قامته إلى جانب ثقته فى الخطوات التي أنجزها من خلال مشواره الوظيفي، وأنّ محبته للوطن التي تفيض بين جوانحه ليست قبعة يخلعها المرء حينما يحال إلى التقاعد كما أنها ليست صف نياشين أو اقتران النجوم والتيجان على كتفه، بل روح تتوقد حتى تفارق جسدها".

ويقول المفتش سعيد بن راشد الكلباني في مقدمة الكتاب " لا أعرف متى ولدت"، وهو الحال مع كل أقرانه في بلدته مسكن إحدى قرى ولاية عبرى بمحافظة الظاهرة في ظل عدم وجود مستشفيات تسجل في أوراقها شهادات الميلاد، مشيرا إلى أنّ يوم الميلاد كان يتحدد بتقريبه إلى حدث مثل يوم موت فلان أو زراعة نخلة أو أنه ولد في ذات اليوم الذي ولد فيه فلان أو قبله أو بعده.

ويشير محمد الرحبي إلى أنّ سعيد بن راشد الكلباني لم يشأ أن يترك اسم سيرة شخصية على عنوان كتابه لأنه يراه سيرة عامة تخص كل عماني، بل هي سيرة الإنسان والوطن، ويرى الرحبي أنّ الكتاب "لا يقدم حكاية إنسان إنّما حكاية بشر عرفوا معنى المعاناة وصعوبة العيش رغم المكانة الاجتماعيّة الكبيرة التي نبتت أغصانهم الصغيرة منها، كما تكتب بأحرف من نور كيف قام العمانيون بقيادة وإعادة تنظيم جهاز الشرطة بعد رحيل القادة السابقين من الجنسية البريطانية، ونجحوا في إحداث نقلة كبيرة جعلت من كلمة الشرطة موازية للوطنية الصادقة وهي تبني صروحها في كل ولاية عمانية لتخدم المواطن والوطن".



تعليق عبر الفيس بوك