الوطن أكبر ممَّا يقولون

د. محمد الشعشعي

تُثار بين الفينة والأخرى مسائل أو ظواهر أو تداولات، ويزيدُ انتشارها في قنوات التواصل الاجتماعي، وقد تأخذُ مساحةً كبيرةً من النقاشات الجادة أو غير الجادة في أغلب الأحيان؛ فهذه القنوات -وبما تحمله لنا من معلومات صادقة- قد تُؤثر في البعض وتجعلهم يتعاملون أو حتى يتفاعلون مع ما يُثار من مسائل أو تداولات على الساحة.

لأنَّ البعض يرى أنَّ من زجَّ به في شائعات وأخبار قنوات التواصل الاجتماعي فقد وصل إلى الشهرة المبتغاة التي تجعله مُؤهلا للحصول على أطماع الدنيا وظيفية كانت أو مادية أو حتى أنه يكسب سمعة وشهرة، أو أن يتداول اسمه في الشارع العام؛ لهذا يعتقد القاصرون أو الذين يضلهم السبيل أنَّ لجوءهم إلى طرق ملتوية أو دخولهم في نزاعات مشتعلة أو مكهربة بالتماسات طائفية أو دينية مذهبية أو حتى قبلية؛ فيحصلوا على نتائج ذلك الطموح، لكنَّ الواقع أنَّ النتيجة قد لا يحمد عقباها؛ لأنَّ الدخول في هذا المثلث الطائفي الخطير عواقبه وخيمة، ولن يكون هناك لين أو هوان في التعامل مع الذين يسعون لشتات الأمه لمآرب شخصية أو مادية، وسوف يتدخَّل المجتمع أو الشَّعب بحزم وصرامة مع الذين يحاولون زرع فتيل الفتنة؛ فالمواطن حريص على تآلف هذا النسيج الذي يُميِّز التربة العمانية عمَّا سواها من بقاع العالم.

فمُثلث الطائفية والمذهبية والقبلية، كلُّ من حاول العبث به أو المساس بمكنوناته، كمثل الذي يعبث بالأسلاك الكهربائية؛ فمُجرَّد أن يقترب منه يتحول إلى فحم، مخلفًا رمادًا وشمطًا؛ فالمجتمع -ذلك الكيان الكبير، والمتآلف والمتناسق- أبى ألا يقبل أيَّ تدخل، بل ظل دائما شامخًا عالي الهمة، صارمًا في قطع يد الفوضى كما تقطع النار الحديد فيا من يبتغى شهرة أو سمعة على حساب ذلك الوطن الكبير نقول لك لن تنال مُبتغاك الضال الذي تريد، ولن نرضى بها على حساب مكنونات عمان وثرواتها أو وحدة صفها وتعاضد لحمتها؛ فمن أنت بالله عليك حتى نضحِّي لك بكل هذا؟!

ويا من يتشدَّق بالفتاوى ويَصْعَد على المنابر بفكره الضال الخال من المعرفة الدينية والخاوي من الفقه البين بأحكام الدين والدنيا، بالله عليك قيِّم نفسك قبل أن يقيِّمك الآخرون، ولا تضل وتضلل الناس معك، واعلم أنَّ المجتمعَ واعٍ ولن يقبلها، وسيرفضها رفضا مطلقا؛ فتفشل ويفشل طموحك المبني على الضلالة العمياء.

ولنا من التجارب العشوائية التي مرَّت بالبلاد بعضٌ من الحكم والأمثلة والعضات. والوطن وإن أرخى الخطام لهولاء لينضح ما في أوانيهم من أفكار مضللة وكلمات جياشة لقصد التأثير على أكبر شريحة من المجتمع لنيل حصاد اللمعة والشهرة، لكنَّ ذلك اللمعان سرعان ما يتحول إلى صدأ قابع خلف القضبان، وما خفي كان أعظم مما يعتقد المطبِّلون والمنجِّمون.

... يظلُّ الوطن عاليا، وتظل عُمان الأم الحبيبة التي تحتضن الجميع الذين يحرصون على سلامتها ونقاء كيانها الطاهر كطهارة الثوب الأبيض الخالي من الدنس.

تعليق عبر الفيس بوك