عيد العرش المجيد بالمغرب

طارق الحسيسن

يشكل الاحتفال بالذكرى السادسة عشرة لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، والتي يخلدها المغاربة يوم 30 يوليو من كل عام في جو من الافتخار والاعتزاز والتلاحم؛ مناسبة لاستحضار تاريخ المملكة الحافل بالأمجاد والمحطات التاريخية الزاهيةّ، كما أنّه تجسيد لأواصر الولاء الدائم والبيعة الوثقى والتلاحم العميق بين الشعب والعرش.

إنّ هذا العيد الخالد يشكل في كل سنة دفعًا قويًا لمواصلة السير إلى الأمام تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتكريس مظاهر التقدم والازدهار التي جسدتها مختلف الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالته من أجل بناء مغرب ديمقراطي تترسخ فيه دولة الحق والقانون ويحظى فيه المواطن بسبل العيش الكريم.

إن حلول هذه الذكرى الغالية يتزامن والمملكة المغربية تعيش أوراشا ضخمة وإصلاحات عميقة في شتى المجالات أهمها استكمال مشروع إصلاح العدالة وتوسيع فضاء الحريات وحقوق الإنسان، لا سيما وأن دستور 2011 وضع استقلال القضاء في صلب منظومته؛ مؤكدا حرص جلالة الملك على ترسيخ المسار الديمقراطي والتوجه نحو تعزيز دولة الحق والقانون والرعاية الاجتماعية الشاملة والحقوق الثقافية وحرية الصحافة والتعبير، وإشراك كل القوى الحية في إدارة الشأن العام. وقد امتدت هذه الإنجازات إلى المستوى الاقتصادي الذي شهد في السنوات الأخيرة حركة تنموية متسارعة بالموازاة مع إصلاح اقتصادي شامل قائم على تعزيز البنيات التحتية، والاستثمار في مشاريع الطاقة وترقية النشاط الفلاحي وتعزيز البنيات السياحية وجعل المملكة المغربية قطبا اقتصاديا عالميا في مجالات الصناعة والتكنولوجيا.

وأيضًا منها أهمية الانخراط في العلاقات الدولية والمساهمة الفاعلة فيها. تواصل الدبلوماسية المغربية تحت قيادة جلالة الملك بذل الجهود والمبادرات في سبيل إحلال السلام والأمن الدوليين، والمساهمة الفاعلة في الاستقرار في عدد من مناطق التوتر، في ظل المصداقية وحكمة الموقف التي توسم بها سياسة المملكة الخارجية، كما يستمر سعينا الحثيث إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع مختلف الشركاء في مختلف بقاع العالم في إطار تضامن مغاربي عربي إسلامي وإفريقي متين منفتح على بلدان الساحل والصحراء مع الحفاظ على الوضع المتقدم في أوروبا والتعاون المثمر مع دول القارتين الأمريكية والآسيوية.

إنّ احتفالنا هذه السنة بعيد العرش المجيد يأتي في غمرة العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية وسلطنة عمان الشقيقة؛ هذه العلاقات التي تقوم على أسس متينة قوامها وشائج من الأخوّة والاحترام المتبادل وما يربط الشعبين الشقيقين من أواصر تاريخية عميقة على كل المستويات، وما يجمع بينهما من مصالح وآمال مشتركة في مستقبل ينعم فيه الشعبان بالمزيد من الرخاء والتطور والعيش الكريم؛ في ظل الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظهما الله. فعلى المستوى السياسي تتميز العلاقات بين بلدينا الشقيقين بتطابق وجهات النظر بخصوص عدد من القضايا الدولية، بفضل تبصّر وحكمة قيادة بلدينا، والتي جعلت السياسة الخارجية تقوم على مبادئ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الدول وخياراتها ونبذ العنف وإعلاء قيم الحوار والتسامح؛ لذلك ليس من الغريب أن توسم سياسة بلدينا بالمتوازنة والدافعة إلى قيم السلام بين الشعوب، وتحظى بتقدير متواصل من طرف المجتمع الدولي.

وانطلاقا من هذه القناعة الراسخة شهدت السنوات الأخيرة مرحلة نوعيّة وهامة في علاقاتنا الثنائية من خلال حركية ملحوظة لنسق التعاون، ودفعًا غير مسبوق لسنة التشاور السياسي، والتنسيق والتعاون المثمر بين البلدين، وتؤطر العلاقات بين البلدين عددًا من الاتفاقيات، ومذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون تغطي مختلف القطاعات الممكنة للتعاون، ومن المنتظر أن يتم إغناء هذا الإطار القانوني بعدد من الاتفاقيات الجاهزة للتوقيع بين البلدين، والتي ستعطي لا محالة دعمًا جديدًا لعلاقات التعاون وستفتح آفاقًا جديدة للتواصل بين الشعبين الشقيقين.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أبارك للجالية المغربية المقيمة بالسلطنة هذا العيد، وأتمنى لها مزيدًا من التقدم والهناء بهذه الأرض الطيبة المعطاءة، كما لا يفوتني أن أعبّر عن خالص شكري وامتناني لكل الأفراد والمؤسسات التي بادرت إلى تقديم تهانيها لنا بهذه المناسبة المجيدة.

تعليق عبر الفيس بوك