موسم أوروبي جديد (2-2)

حسين الغافري

تحدَّثنا في المقال السابق، ومن خلال نظرة بسيطة على بداية قرب انطلاق دوريات أوروبا الكبرى، والاستعدادات التي تشغل الإعلام بشكل عام، وتلك الأخبار المتداولة عن الصفقات الأوروبية الكبرى، والتي لا تزال مؤملًا فيها أنها لربما لن تكون بتلك الأرقام القياسية والأسعار الكبيرة؛ نظراً لغياب النجم الحقيقي الفعلي، والذي من الممكن أن يصنع الفارق، وهي ميزة تتواجد بميسي ورونالدو قبل كل شيء، وإجمالاً بدأت الأسعار المليونية للاعبين حديث عابر لم نتعوده قبل عشر أعوام ماضية، ونراه اليوم يحدث بشكل متداول، ولو أن اللاعب لا يستحق تلك الأموال المدفوعة من أجله.

السوق تغيَّرت فعلاً والبذخ أصبح متضاعفا عشرات المرات عما قبل. ومن جانب آخر، تبدو مسألة المجازفة في البذخ "الزائد" -ولو أن الأرقام أصبحت فلكية أصلاً- لم تؤتِ النتائج القوية من ناحية أو إنها لم ينسجم من خلالها النجوم في أجواء جديدة، على سبيل المثال خفوت نجم أوزيل في آرسنال على عكس البيئة والتألق المعروف الذي كان عليه في كبير العاصمة الإسبانية مدريد، ولكنه انتقل بواحدة وضعت قيمته كصفقة آرسنال الأولى مادياً. أيضاً الأرجنتيني الآخر دي ماريا الذي فقد بوصلته وظل ملازماً لدكة البدلاء في مانشستر يونايتد ومعه الكولومبي فالكاو الذي لم يسجل سوى ثلاثة أهداف فقط في موسم أنجليزي كامل!

في إيطاليا

أكثر ما يُبهج النفس هو الصحوة الإيطالية التي حدثت العام الماضي من خلال السيدة العجوز ووصوله إلى المباراة النهائية لدوري الأبطال بعد سنوات عجاف غابت فيها إيطاليا عن المنافسة الحقيقية على البطولة الأعرق؛ وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد. ممكن أن نقول إنَّ وصول يوفنتوس أمر إيجابي يظهر أندية إيطاليا على أنها قادرة على التواجد مجدداً ضمن أندية الصفوة رغم أنه سوق يوفنتوس أصبح مفتوحاً وأخذت الأندية الكبرى تتسوق من خلاله كانتقال تيفيز وبيرلو وقرب خروج فيدال وليورنتي، وكذلك احتمالية خروج بوجبا هذا العام أو العام المقبل.. لكنَّ يوفنتوس أظهر قدرات كبيرة في سياسة جلب اللاعبين بطرق ناجحة وتواجده ضمن أقوى عشر أندية ماليًّا يظهر تلك السياسة الناجحة والناجعة على اعتبار أنه النادي الإيطالي الوحيد في ذلك التصنيف. قطبا ميلان أيضاً ظهروا بأن مرحلة السبات لا تليق بهم وتواجدهم خارج بطولة دوري أبطال أوروبا بات مخيفاً. ومن أجل ذلك شاهدنا صفقات كبيرة حدثت في ميلان كإنتقال كوندوجبيا من موناكو إلى إنتر ومونتويا من برشلونة إلى إنتر وكذلك ميرندا ونجوم أخرى لا تزال على رادار الأفاعي. أيضاً باكا من إشبيلية إلى ميلان وكذلك أدريانو من شاختار وماوري من بارما...وغيرهم صفقات ميلانية قوية بتواجد المدرب ميهالوفيتش نجم إنتر السابق وخبير بالدوري الإيطالي. ولا ننسى تواجد روما المستمر في المقدمة بمعية نابولي وتعزيز تشكيلتهما بلاعبين جدد يتيح المجال إلى طفرة كروية تخلق تنافسا كبيرا في دوري إيطاليا والتي عُرِفت وتعرّف على أنها "جنة كرة القدم".

في إنجلترا

"الشو" في أندية إنجلترا مُنصبٌّ بشكل كبير في مدينة مانشستر.. فريقا المدينة يعملان بنسق متصاعد للغاية في سوق اللاعبين. مانشستر يونايتد أبرم حتى الآن عدة صفقات كبيرة في مراكز متنوعة ولكنه -بنظري- لا يزال يحتاج إلى مُدافع صلب قيادي بدرجة ممتازة ومهاجم قناص خصوصاً بعد فشل فالكاو ودي ماريا في خط المقدمة ومعهم روبن فان بيرسي.. أيضاً مسألة حراسة الفريق لا تزال مقلقة؛ فخروج الحارس الإسباني بات وقتيا لا أكثر بعد رفضه تجديد عقده؛ مما يجعل خروجه مجاناً في يناير المقبل، إن لم يتم استثمار أمواله خلال فترة الانتقالات الصيفية. أيضاً مان سيتي سرق الأضواء بصفقته الكبيرة في الواعد ستيرلينجح وهي -وكما وصفتها- "مغامرة غير محسوبة".. الأرقام الكبيرة لا تشفع لستيرلينج في فريقه السابق ليفربول! ولكن -وكما قلت أيضاً- بات مطالباً بأن يظهر قيمته الكبيرة في أرضية الميدان، وقد يخرس كل الأصوات التي تلوم السيتيزن فيه. تشيلسي وآرسنال يعملان بهدوء.. آرسنال يبدو أنه مستقر في السوق ويعمل على تصعيد بعض المواهب الصغيرة وإتاحة المجال لها كما جرت العادة، أما البلوز فالفريق مكتمل وهو بطل الدوري الممتاز ومستقر مع "السبيشل ون". يبقى أن نشاهد الريدز كيف سيكون شكله ووضعه بعد خروج أسطورته "جيرارد"!.

.. في فرنسا وألمانيا، تبدو سيطرة العملاقين بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان ستكون مستمرة للعام المقبل وللأعوام المقبلة كذلك؛ نظراً للقدرات المالية الهائلة للناديين، رغم عدم استبعاد مشاكسات قد تحدث من أندية الدوريين الكبيرين الأخرين، ولكن حقيقة فالنفس العميق قد لا يملكه غيرهما بالختام. باريس سان جيرمان ورغم أنه مكتظ للغاية بالنجوم إلا أنَّ إعادة ترتيب الأوراق والنجوم.. مستمرة، والتفكير بالأبطال أصبح الشغل الشاغل بعد أن أمسك بالدوري الفرنسي كما يجب، وهو الأمر الذي يؤرق الإدارة القطرية للنادي الباريسي. بايرن ميونيخ كذلك لا يزال يعمل بجد متصاعد من خلال تنفيذ طلبات الفيلسوف الإسباني جوارديولا. قرب انتقال فيدال إلى النادي البافاري وكذلك التعاقد من كوستا من شاختار ليكون بديلاً قوياً للفرنسي ريبري! المجال مفتوح للبايرن ليحقق البوندسليجا العام المقبل بصفوة من النجوم العالمية التي يملكها ولو أنَّ مشاكسات دورتموند وبقية الأندية لن تخلو من إثارة الدوري الألماني إلا أنَّ الفوارق لا يمكن إخفاؤها ودورتموند سيحتاج وقتا لربما بعد حقبة كلوب. حقاً نحن على مواعيد كروية كبيرة في كل دوريات العالم وتستحق أن تكون محل اهتمام المتابعين باستمرار.. أسابيع وأيام وتعود المستديرة للدوران في دوريات كبار القارة العجوز لتبدأ معها الإثارة التشويق كما كان... لننتظر.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك