رسائل رمضانية (5)

عيسى الرواحي

الرسالة السابعة عشرة: من أكبر أسباب حوادث السير في شهر رمضان المبارك هو إما السرعة الزائدة التي تجعل الصائم يُسابق الوقت؛ لأجل الوصول إلى منزله قبل موعد الإفطار، وإما بسبب النوم عندما يخرج الصائم من مقر عمله مرهقا متعبًا أو حتى من منزله صباحا بسبب كثرة السهر؛ وهنا وجب التذكير بضرورة الالتزام بقواعد المرور، وعدم قيادة السيارة في حال الإرهاق والتعب، وأخذ القسط الكافي من الراحة قبل قيادة السيارة، والمرء أهون عليه آلاف المرات أن يتأخر ساعات عن منزله بدل أن يحدث له ما لا تحمد عقباه بسبب العجلة والسرعة الزائدة.

الرسالة الثامنة عشرة: زيارة الأرحام والمرضى والجيران والأصدقاء ينبغي أن تكون حاضرة في جدول الصائم، ففي فضل صلة الرحم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأ لَهُ فِي أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» وفي فضل زيارة الجيران والتودد إليهم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «خَيْرُ الأَصحاب عِنْدَ اللَّهِ تعالى خَيْرُهُمْ لصـاحِبِهِ، وخَيْرُ الجيران عِنْدَ اللَّه تعالى خيْرُهُمْ لجارِهِ» وفي فضل زيارة المريض يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَادَ مَرِيضاً، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ»: قِيلَ يَا رَسُولَ الله! وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «جَنَاهَا» وفي فضل زيارة الصديق ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ، عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخاً لِي فِي هَذِهِ القَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لاَ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي الله عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ».

وهذه الزيارات ينبغي أن تكون دائمة مستمرة سائر الأوقات، فتلك هي أخلاق الإسلام، وتلك هي أخلاق الصائم، وبأمثال هذه الأخلاق تنتشر المحبة والوئام بين أبناء المجتمع الواحد، وهذا هو شأن المجتمع المسلم، فالمؤمنون في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

الرسالة التاسعة عشرة: العشر الأواخر من رمضان هي أعظم ليالي رمضان وأثمنها، ففيها ليلة خير من ألف شهر يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}[القدر:1-5]

فحري بالصائم القائم أن يتحرى هذه الليلة المباركة بقيام هذه الليالي العشر وخاصة الليالي الوتر، ويكثر فيهن من القيام والدعاء وتلاوة القرآن، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما ترك الاعتكاف في هذه الليالي وهو يقود أمة، فكيف بنا نحن نتعلل بكثرة الأعمال وعدم وجود الوقت؟! وإذا كان الصائم ليس له حظ من قيام الليل في رمضان فمتى سيكون ذلك؟ ومن المؤسف حقاً أن يصل الحال بكثير من الصائمين في هذه الأيام والليالي وقد فتروا عن العبادة واغتنام الفضل، وهناك من يحيي هذه الليالي في المقاهي والملاهي والملاعب وعبر الشاشات والقنوات.

الرسالة العشرون: الاستعداد لعيد الفطر السعيد، وشراء مستلزمات العيد أمر لابد منه، ولكن على الصائم ألا يهدر من أيام رمضان ولياليه في الأسواق؛ فتلك أوقات غالية ثمينة أولى باستغلالها في أمور الطاعة والعبادة، وكم هو رائع ما تقوم به كثير من الأسر من شراء حاجيات العيد قبل حلول شهر رمضان الفضيل؛ ولا تعرف السوق في رمضان إلا ما كان ضروريًا ولا بد منه، وبالمقابل كم هو مؤسف واقع أسواقنا في ليالي رمضان خاصة بعد مرور النصف الأول من الشهر الفضيل؛ حيث الازدحام الشديد من الجنسين إلى وقت متأخر من الليل.

ولو أنّ أغلب النّاس قاموا بشراء حاجيات العيد قبل حلول رمضان ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ لكان ذلك خيراً لهم، وأوفر لأوقاتهم الثمينة؛ ولما شهدنا الاختناقات المرورية واكتظاظ الأسواق في أواخر رمضان إن لم يكن في أغلب لياليه.

تلك عشرون رسالة رمضانية كاملة سقتها إليك أخي القارئ الكريم عبر ثنايا هذه الجريدة الغراء بما فاض به القلب وخطه القلم، وكما ذكرت قبل بدء سياقها فهي نصح وتذكير للكاتب أولاً ولكم ثانياً، سائلاً الله تعالى أن يتقبل منّا ومنكم الصيام والقيام وصالحات الأعمال، وأن يرزقنا دخول الجنان من باب الريان إنّه سميع مجيب.

تعليق عبر الفيس بوك