اليونان تتفق مع ألمانيا على تقديم مقترح إنقاذ جديد بعد رفض الشروط التقشفية.. والرأي العام الأوروبي يرفض تقديم مساعدات إضافية لأثينا

عواصم- الوكالات

قال مسؤول بالحكومة اليونانية إنّ رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس تحدث هاتفيا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الإثنين واتفقا على تقديم مقترح يوناني بخصوص اتفاق المساعدات في قمة الاتحاد الأوروبي المقررة اليوم الثلاثاء.ولم يكشف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه عن مزيد التفاصيل عن الاتصال الهاتفي الذي جاء بعد يوم من استفتاء رفضت فيه أغلبية كبيرة من اليونانيين شروط اتفاق إنقاذ دولي.

فيما قال متحدث باسم وزارة المالية الألمانية أمس إن خفض الديون أداة كلاسيكية لصندوق النقد الدولي لكن أوروبا تميل إلى الإصلاحات الاقتصادية كأفضل سبيل للوصول إلى استدامة الدين.وقال مارتن ياجر "هناك احتمالان. يمكنك أن تقول أنه سيكون هناك خفض للدين هذه أداة. إنها أداة كلاسيكية يستخدمها صندوق النقد الدولي ومن ثم فإن هذا ليس بالأمر غير المعتاد".وأضاف "إلا أنه في أوروبا وافقنا بشكل مشترك خلال السنوات الماضية على أن نسلك مسلكا مختلفا... وهو تطبيق إصلاحات اقتصادية لخلق ظروف تسمح باستدامة الدين. هذا الأمر نجح جدا في جميع البلدان التي وافقت على برامج المساعدات باستثناء اليونان". ووافقت أوروبا على "خفض" ديون مستثمرين في الأسهم اليونانية قبل سنوات لكنها رفضت خفضا مماثلا للقطاع العام. وأضاف متحدث باسم الحكومة الألمانية أن برلين ما زالت مقتنعة بأن صندوق النقد الدولي ينبغي أن يكون جزءا من أي حل لليونان.

واستقال وزير المالية اليوناني أمس مزيلا بذلك عقبة كبيرة أمام أي اتفاق يمكن التوصل إليه في اللحظات الأخيرة لإبقاء اليونان في منطقة اليورو، بعدما صوت اليونانيون بأغلبية كبيرة ضد الشروط التقشفية التي تضمنتها خطة الإنقاذ المالي التي قدمها دائنوها.وكان يانيس فاروفاكيس الذي يطرح نفسه كاقتصادي ماركسي والذي أثار حفيظة الشركاء في منطقة اليورو بأسلوبه غير التقليدي ومحاضراته المتغطرسة دعا إلى التصويت بالرفض في الاستفتاء متهما مقرضي اليونان بالإرهاب.وقال فاروفاكيس في بيان "علمت بوجود رغبة محددة لدى بعض المشاركين في مجموعة اليورو وعدد من الشركاء بألا أحضر اجتماعات المجموعة وهي فكرة يرى رئيس الوزراء أنه قد يكون من شأنها مساعدته على التوصل لاتفاق."

وتشير تضحية فاروفاكيس بعد وعده اليونانيين بأنّه سيظفر باتفاق أفضل خلال يوم من الاستفتاء إلى أن رئيس الوزراء اليساري أليكسيس تسيبراس عازم على محاولة التوصل لحل وسط أخير مع الزعماء الأوروبيين.

ومع استمرار إغلاق البنوك ونفاد الأموال في ماكينات الصراف الآلي وقرب تلاشي التعاطف مع أثينا بين حكومات الاتحاد الأوروبي يبقى مصيراليونان إلى حد بعيد في أيدي البنك المركزي الأوروبي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وعقد مجلس حكام البنك المركزي اجتماعا عبر الهاتف أمس الاثنين لاتخاذ قرار بشأن مدة مساعدة بنوك اليونان على الوفاء بالتزاماتها بعد رفض أغلبية اليونانيين لشروط الإنقاذ المالي التي ساعد البنك المركزي في وضعها.

ويتحول الرأي العام في أكبر اقتصاد في أوروبا بشكل سريع ضد تقديم أي مساعدات أخرى لليونان. وقال زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية الذي يقود الحزب الديمقراطي الاشتراكي إن تسيبراس هدم آخر جسور الحلول الوسط مع منطقة اليورو.

وبعد خمس سنوات على بداية الأزمة المالية وارتفاع نسبة البطالة صوت 61.3 بالمئة من اليونانيين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي التي رفضتها حكومتهم اليسارية هذا الشهر ليزجوا بذلك باليونان في براثن المجهول.وقال تسيبراس في خطاب تلفزيوني "لقد اتخذتم قرارا غاية في الشجاعة"، بينما تجمع مؤيدوه في ميدان سينتاجما وسط العاصمة اليونانية للاحتفال بتحديهم للمؤسسة السياسية والمالية الأوروبية.وأضاف تسيبراس "التفويض الذي منحتموني إياه ليس تفويضا لقطع العلاقات مع أوروبا ولكن تفويضا لتعزيز موقفنا التفاوضي سعيا إلى حل قابل للتطبيق". وقال عدد من الخبراء بسياسة البنك المركزي الأوروبي إن البنك المركزي سيرفض طلبا من الحكومة اليونانية لزيادة سقف المساعدة السائلة الطارئة التي يقدمها البنك المركزي اليوناني وسيبقي الحد دون تغيير وهو ما من شأنه التضييق على البنوك تدريجيا لكنه سيعطيها فسحة بسيطة لمدة أيام قليلة.

وقال مسؤول يحضر اجتماعات مجموعة اليورو إن "الرسالة الأولى لأثينا هي أنه لا أحد يريد أن يرى فاروفاكيس مجددا بعد أن وصفنا بالإرهابيين". ولم يتضح ما إذا كان اولوند أو شخصيات من كبار صناع سياسة الاتحاد الأوروبي أوصلوا تلك الرسالة إلى تسيبراس خلال اتصالات هاتفية بعدما اتضحت نتيجة الاستفتاء.

وفي رسالة احتفال على مدونته بمناسبة تصويت اليونانين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي قال فاروفاكيس إن اليونانيين لقنوا أوروبا درسا في الديموقراطية ويجب أن يطلبوا الآن شروط إنقاذ مالي أفضل. وأضاف أنه "من الضروري إذا يتم استثمار رأس المال الكبير الذي ستحصل عليه حكومتنا بفضل التصويت الرائع بالرفض على الفور في تصويت بنعم لصالح حل ملائم واتفاقية تشمل إعادة هيكلة الدين وتقليل التقشف وإعادة التوزيع لصالح المحتاجين وإصلاحات حقيقية". لكن مسؤولين بالاتحاد الأوروبي قالوا إنه سيكون من الصعب تقديم شروط أيسر لليونان لأسباب ليس أقلها أن اقتصادها عاد إلى الكساد منذ فوز حزب تسيبراس بالسلطة في يناير.

أما وزير المالية الأسباني ميشيل سابان فدعا الحكومة اليونانية لتقديم مقترحات للتوصل إلى اتفاق للإصلاح مقابل التمويل مع الدائنين قائلا إن أساس الحوار لا يزال قائما.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي إن الاجتماعات الرفيعة المستوى لمنطقة اليورو المقرر أن تعقد اليوم الثلاثاء يجب أن تحل أزمة ديون اليونان بشكل حاسم.وكتب رينتسي على صفحته على فيسبوك بعد يوم من الاستفتاء "اجتماعات الغد يجب أن تطرح طريقة حاسمة لحل هذا الأمر العاجل". وقال رينتسي إن الاتحاد الأوروبي بحاجة أيضا لإصلاح نفسه ولأن يؤكد على "القيم" وليس فقط الأرقام والمعايير.

من ناحية أخرى قال وزير الاقتصاد الاسباني لويس دي جويندوس إن اليونان ينبغي أن تبقى جزءا من منطقة اليورو حتى بعدما رفض اليونانيون شروط حزمة الإنقاذ الجديدة.وأضاف أن أسبانيا منفتحة على التفاوض حول اتفاق إنقاذ مالي ثالث لليونان وأنه سيكون من الأهم التركيز على إجراءات لتعزيز النمو بدلا من خفض ديون اليونان.وقال جويندوس "نحن ملتزمون تماما باستقرار العملة الموحدة" مضيفا أن أعضاء منطقة اليورو يعملون على إبقاء اليونان في المنطقة.

وفي السياق، قال تشينغ قوبنغ نائب وزير المالية الصيني إن الصين واثقة من أن الاقتصاد اليوناني سينهض باجتهاد كل الأطراف، لكنها لم تقل ماإذا كان رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس قد يحضر اجتماع قمة للقوى الصاعدة في وقت لاحق في هذا الأسبوع في روسيا.وقال تشينغ إنه يعتقد أن أزمة الديون اليونانية "ستُحل بشكل ملائم". وقال للصحفيين في أول تعليق رسمي للصين على الاستفتاء اليوناني "أعتقد أن اجتهاد كل الأطراف سيُغير الوضع الاقتصادي لليونان". وأضاف إن الأزمة الاقتصادية "ستُعالج بشكل ملائم". وقال "مسألة ماإذا كانت ستُعالج بشكل ملائم أم لا لن يكون لها تأثير على اليونان وشعبها فحسب ولكن سيكون لها أيضا تأثير مهم على العالم". وسُئل عما إذا كان تسيبراس قد يحضر قمة مجموعة بريكس التي تعقد هذا الأسبوع لخمس من الاقتصاديات الناشئة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا قال تشينغ إن قرار دعوة دول أخرى من عدمه يعود لروسيا بوصفها الدولة المضيفة.

فيما قال رئيس وزراء مالية منطقة اليورو إن الأمر يعود للسلطات اليونانية في أن تتقدم بخطط جديدة بعد رفض الناخبين شروط برنامج الانقاذ في نتيجة استفتاء وصفها بأنها "مؤسفة للغاية" بالنسبة لمستقبل اليونان.وقال وزير المالية الهولندي يورين دايسلبوم في بيان بعد أن صوت اليونانيون بأغلبية ساحقة لرفض شروط برنامج الانقاذ "من أجل انتعاش الاقتصاد اليوناني لا يمكن تفادي تطبيق إجراءات وإصلاحات صعبة . سننتظر الآن مبادرات السلطات اليونانية. مجموعة اليورو ستناقش الموقف يوم الثلاثاء السابع من يوليو".

تعليق عبر الفيس بوك