مناورات اللحظة الأخيرة بين إيران ومجموعة {5+1}

ناصر أبوعون

على الرغم من نقاط الخلاف التي أجّلت التوقيع على اتفاق إيران مع ( مجموعة 5+1) بشأن برنامجها النووي والرحلات المكوكية للإيرانيين على مدار 12 عامًا من أجل التوصل إلى ( اتفاق دائم وعادل، ورصين ) ولذلك توافق الطرفان على ( تجاوز المهلة المحددة بـ 30 يونيو 2015 للتوقيع على الاتفاق النهائي ) بغية التوصل إلى اتفاق جيد للغاية . وقد تكون مسقط - على الأرجح هي المحطة الأخيرة لحفل التوقيع النهائي - غير أنّ القوى المحافظة داخل إيران سابقت الزمن وأقرّت قانونًا يحظر على الوكالة الدولية للطاقة الذرية « الوصول إلى كافة الوثائق العلمية والمواقع العسكرية أو الأمنية والمواقع الحساسة غير النووية » وينص القانون على « الحفاظ على حقوق وإنجازات البلاد النووية » في إشارة إلى الاحتفاظ بالقدرة على تخصيب اليورانيوم والإبقاء على جميع المنشآت النووية مفتوحة .

وفي رسالة مسجلة نشرت على موقع يوتيوب الجمعة « من شرفة الفندق حيث تجري المحادثات النووية في فيينا » قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنّه عند الساعة الحادية عشرة ورغم بعض الخلافات التي لا تزال قائمة، لم نكن يومًا أقرب من التوصل إلى اتفاق دائم » ، محذرا أنه رغم ذلك، فإن الاتفاق ليس أمرا مؤكدا، وذكر إن « التوصل إلى اتفاق يتطلب الشجاعة لتقديم تنازلات، والثقة بالنفس لتكون مرنًا، والنضج لتكون منطقيًا ».

وفي تصريح لموقع " المانيتور " ، قال ظريف إن إيران اتخذت قرارا استراتيجيا بالتعامل والتعاطي مع مجموعة 5+1 لحل القضية النووية إدراكا منها لأهمية الأمر ليس لها فحسب بل لدول المنطقة والعالم ومن هنا واصلت إيران جهودها الرامية للتوصل إلى اتفاق نووي . وحول الخطوط الحمراء التي حددها قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد على خامنئي وإمكانية التوصل لاتفاق في ظل هذه الخطوط الحمراء، أشار ظريف إلى أن توجيهات القائد في هذا المجال هي تأكيد لمواقف سابقة حيث دخلت إيران المفاوضات ومنذ البداية بهذه المواقف . وشدد وزير الخارجية الإيراني على أن دعم قائد الثورة الإسلامية للفريق النووي المفاوض أمر ضروري .

وحول مواقف وزير الخارجية الأمريكي في المفاوضات النووية قال ظريف إن جون كيري يتصرف بشكل معقول حيث يعلم بأن على أمريكا الاختيار بين فرض الحظر على إيران أو التوصل معها لاتفاق نووي شامل، وعملية التوصل لاتفاق نووي تنجح أو تفشل عندما تقرر الولايات المتحدة رفع الحظر أو إبقائه .

وإذا كانت طهران أعلنت عن تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعاون والتوافق عل خطة لجدول العمليات سيجري الإعلان عنه قريباً . فمن جهتِها أكدت الوكالة أنها باتت على تفاهم أكبر مع إيران في شأن بعض المسائل العالقة . من جهته أكد مساعد وزيرِ الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن العودة بلا اتفاق أفضل من اتفاق لا يراعي خطوط بلاده الحمراء .

وكما توقعنا وتوقع جميع المحللون فإنه سوف يتم الاتفاق على تمديد سريان الاتفاق المؤقت مع طهران حتى 7 يوليو وحسب ما قال مصدر في الوفد الأمريكي فإن ذلك يهدف إلى توفير مزيد من الوقت لصياغة الوثيقة النهائية .

والحقيقة أن هناك نوعًا من الالتقاء بين إيران والمجموعة الدولية في نقاط كثيرة إلا أنّ نقاط الخلاف تنحصر في نقطتين هما : أنّ المجموعة الدولية تريد ( أن تكبح البرنامج النووي الإيراني لـ 10 سنوات على الأقل، وهو أمر ترفضه طهران جملةً وتفصيلا . كذلك يشكل رفع العقوبات عقدة بالغة الأهمية، لأن إيران تأمل في تدابير فورية، أما مجموعة 5+1 فتريد رفعا تدريجيا ومشروطا لهذه العقوبات .

كما تنوي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم تقرير بشأن المسائل المثيرة للجدل المتعلقة ببرنامج طهران النووي، قبل نهاية العام الجاري، حسبما نقلت قناة " برس تي في " الإيرانية عن المدير العام للوكالة يوكيو أمانو الذي قال إنّ ذلك الأمر يحتاج إلى رغبة من إيران في التعاون بهذا الشأن . وكان أمانو أشار بعد محادثاته مع القيادة الإيرانية في طهران الجمعة الماضي إلى أن إيران مستعدة للتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل المساهمة في إزالة عدم التفاهم في المسائل المتعلقة باحتمال وجود مكون عسكري في نشاط

وقراءة الخطوط العريضة للاتفاق تبيّن أن الاتفاق قد يُثار الجدل حوله في ثلاث نقاط حيوية : الأولى تتمثل في ( افتقار الاتفاق إلى الثبات والديمومة الزمنية ) ، أمّا الثانية فقد أشار إليها الباحثون بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وهي أن ( الاتفاق يفتقر إلى شرطٍ يلزم إيران بتفكيك بنيتها التحتية النووية ) وتوحي بأن إدارة أوباما تراهن على تنامي ودية القيادة الإيرانية خلال الأعوام العشرة القادمة . وأخيرًا فإنّ ( الاتفاق لا يستلزم شفافيةً تامة وصريحة من قبل إيران ) إذا ما أخذنا في الحسبان حجم البرنامج الإيراني المتبقي والذي سيجعل أعمال التفتيش معقدة ومرهقة للغاية .

وإذا كان بعض الباحثين رأى أنّ هذا الاتفاق يسمح لدول (5+1) بـ ( تفتيش الصناعات الصاروخية ) ، ومراقبة تصنيع الصواريخ الباليستية مثل صواريخ شهاب بذريعة أنها قادرة على حمل رؤوس نووية، والدخول إلى مواقع إيرانية مشتبه بها بما تصبح معه إيران مكشوفة للغرب، وبحسابات الربح والخسارة - فإنّ إيران هي الطرف المتفوّق والمستفيد الأكبر من هكذا اتفاق لأسباب عديدة أهمها :

أولاً - نجحت القيادة الإيرانية في انتزاع ( رضا شعبي ) ، ( حاضنة شعبية ) تحتفل بالاتفاق وتقف خلفه وتراه متوازنا ويميل إلى صالح إيران .

ثانيا - انتزعت إيران عبر هذا الاتفاق اعترافًا دوليًا بحقها في تخصيب اليورانيوم، وتطوير برامجها النووية مستقبلا .

ثالثا - نجحت إيران في ترسيخ فكرة ( المظلومية ) عالميًا وإقناع الغرب بأن العقوبات كانت ظالمة ويجب رفعها .

رابعًا - اتخذت إيران من الاتفاق بوابة للدخول إلى الساحة الدولية لأداء دور إيجابي على سائر الأصعدة .

 


Nasser_oon@yahoo.com

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك