اليونان.. بين البقاء أو الرحيل

فايزة الكلبانيَّة

اعتدنا في اجتماعات الدول الخليجية والعربية -بشكل عام- أن نترقَّب النتائجَ والتوصيات لعلَّ وعَسَى أن تكون كما يعوِّل عليها الكثيرون؛ بحيث تحظى بصلاحيات مشتركة وموحَّدة بين مختلف الدول، أو تفعيل ما هو مُترقَّب من قرارات لزيادة أشكال التلاحم والترابط والتسهيلات بين الدول العربية او الخليجية؛ ومنها -على سبيل المثال- توحيد العملة، وصلاحيات عبور الحدود، وإجراءات الدخول والخروج، وعدد من المشاريع المشتركة؛ مثل: الربط الكهربائي وسكة الحديد بالسلطنة...وغيرها من الامتيازات الأخرى؛ ضاربين المثل بـ"الاتحاد الأوروبي"، وما يضمه من نشاطات عدَّة وتسهيلات بين الدول الأعضاء تتمثَّل في كونه سوقًا موحدًا ذا عملة واحدة هي "اليورو"، الذي تبنت استخدامه 19 دولة من أصل 28 من الدول الأعضاء. كما له سياسة زراعية مُشتركة وسياسة صيد بحري موحَّدة...وغيرها؛ فالأغلبية يرون أنَّ تجربة الاتحاد الأوروبي هي التجربة الرائدة، ولكن: هل فعلا تجربة الاتحاد الأوروبي محصنة ضد المعوقات والتحديات؟

للأسف الشديد كلُّ الدلائل التي نلمسها ظاهرة مؤخرا تشير إلى أنَّ بالاتحاد الأوروبي عددا من عوامل الضعف؛ من أبرزها: مشاكل "الديون"، بينما كادت الديون الإيطالية على وشك أن تُودي بالاتحاد الأوروبي يومًا ما.. وها هو السيناريو يُعيد نفسه اليوم، ولكن هذه المرة يقع العبئ الأكبر أمام الديون اليونانية، و"التي تقف بين أمران كلاهما مُر"، إذا قرَّرت البقاء ضمن منظومة الاتحاد سيكون موقفها صعبًا جدًّا، وإذا قرَّرت الخروج من منظومة الاتحاد فستكون العواقب عليها وخيمة أيضًا.

وفي طبيعة الحال، وكما كان للأزمة الاقتصادية العالمية، وأحداث "الربيع العربي" مؤخرا...وغيرها من الأحداث الاقتصادية التي تحدث في دول الجوار أو دول العالم الخارجي، إلا أننا -نحن الدول العربية والخليجية- نتأثر بشكل أو بآخر؛ فاليوم وبالرغم من بعد المنطقة العربية عن اليونان التي تتمركز حولها الأزمة الاقتصادية التي تتطاير شرار مؤثراتها بالعالم، إلا أن الأكيد أنَّ دول الخليج لن تكون بمعزل عن نزيف الخسائر الذي سيشهده العالم في حال أعلنت اليونان إفلاسها وقرَّرت الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو قرر الأوروبيون طردها.

وبالفعل فإنَّ "الاتحاد الأوروبي" اليوم أمام تحدٍّ حقيقي؛ فعدم مقدرة اليونان على تجاوز أزمة ديونها، سيهدد بتصدُّع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنَّ معظم الدول الأعضاء بالاتحاد تعاني من التحديات والمشاكل الاقتصادية. وجُل ما نخشاه في حال أعلنت اليونان إفلاسها، ذاك التأثير الذي ستشهده المنطقة العربية والخسائر بالمليارات التي ستتكبدها البنوك والشركات الاستثمارية. ومن المتوقع أنْ يتعدَّى التأثير قطاع الأسهم والبنوك والاستثمار ليطال قطاع النفط خسائر أخرى تتمثَّل في تراجع الطلب على النفط مجدداً بسبب الركود؛ حيث يرى الخبراء الاقتصاديون والمحللون أنَّه ستعاود الأسعار التراجع إلى ما دون الخمسين دولارا، وعندها فإن عوائد النفط ستتراجع العام الحالي بعشرات وربما مئات المليارات في كافة دول الخليج.

faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك