رسائل رمضانية(4)

عيسى الرواحي

الرسالة الثالثة عشرة: الغيبة كما ورد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تفطر الصائم وتنقض الوضوء، وللأسف الشديد فإنّ كثيرا من بيئات العمل مليئة بالقيل والقال، وذكر الناس والخوض في خصوصيّاتهم وأحوالهم، وذكر مساويهم؛ وعليه فعلى الصائم أن ينتبه لنفسه أنيخسر صيام يومه بسبب مجالس الغيبة، فينطبق عليه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش). والغيبة كما نعلم هي ذكرك أخاك بما يكره وإن كان فيه ما تقول، وقد ورد التحذير الشديد عنها في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم) (الحجرات:12)

والأسلم للصائم في مقر عمله أن يشتغل بعمله أو يشتغل بذكر الله تعالى إن كان في وقت فراغ؛ دون أن يخوض مع الخائضين سواء أكان متحدثا أم مستمعًا.

الرسالة الرابعة عشرة: شهر رمضان فرصة ثمينة للصائم لانطلاقة إيمانية دائمة دون توقف، فعندما يتوقف الصائمون المبتلون بالتدخين أو شرب المسكرات؛ فإن توفقهم فترة الصيام فرصة ثمينة لهم؛ للتوقف عنها نهائيا سائر الأوقات، كما أنّ الذين سيكون لهم عهد جديد في هذا الشهر الفضيل بالمحافظةعلى الصلوات في جماعة بما فيها صلاة الفجر، والمداومة على تلاوة القرآن الكريم؛ فإنّ ذلك فرصة ثمينة للثبات على ذلك ما بعد رمضان، ويقال إنّ من أراد أن يعرف قبول صيامه من عدمه؛ فلينظر إلى حاله بعد شهر رمضان، ولا ريب أنّ المؤمن الفطن يمتثل لقول الله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين)(الحجر:99)

الرسالة الخامسة عشرة: الدعاء مخ العبادة وهو سلاح المؤمن، وورد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله:(الدعاء هو العبادة) وقوله: (من لم يسأل الله يغضب عليه)والصائم أكثر حاجة إلى الدعاء في رمضان الفضيل، فهو أقرب إلى الله، ولعلّه أدعى إلى إجابة دعائه، وقد وردت آية الحث على الدعاء بين آيات الصيام، وفي هذا إشارة إلى أهميّة الإكثار من الدعاء في هذا الشهر الفضيل يقول الله تعالى:(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون) ( البقرة:186) ويقول الله تعالى في سورة أخرى:(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين)(غافر:60)، ولذا فعلى الصائم أن يكثر من الدعاء جميع الأوقات وفي هذا الشهر الكريم خاصة، وليحرص على اغتنام على الأوقات الأكثر إجابة كثلث الليل الأخير، وعقب الصلوات المكتوبة وعند الإفطار حيث يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد).

الرسالة السادسة عشرة: كل البشر يؤمنون بحقيقة الفناء، بيد أنّ المؤمن يؤمن بأنّ بعد هذه الحياة حياة أبديّة خالدية، ينال فيها جزاء ما قدمه من عمل في هذه الدنيا، وتلك هي الحقيقة التي لا مناص منها، ولا ريب أنّ كل لحظة تمر على الإنسان إنما تقربه من أجله المحتوم المجهول، ومن وصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتابة الوصية يبين فيها صاحبها ما عليه من واجبات وماله من حقوق أو التبرع المحض بجزء من ماله لا يتجاوز الثلث لمن أراد من أهله وأقربائه أو في مجالات الخير المتعددة، يقول الله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين)(البقرة:180)على أن هذه الآية الكريمة قد نسخت بالحديث النبوي الشريف ( لا وصية لوارث) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية) ويقول أيضًا: (ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيّت ليلة، إلا ووصيته تحت رأسه).

ولذا فإنّه لا ينبغي للمسلم الذي يؤمن بأنّ الموت يأتي بغتة أن يسوّف في مسألة كتابة الوصيّة، خاصة إذا كانت عليه واجبات وديون، وفي مثل هذه الحالة تكون الوصيّة واجبة عليه؛ لتوثيق حقوق الناس.









 

تعليق عبر الفيس بوك