عُمان.. حسن الجوار وعالميّة العلاقات

علي بن بدر البوسعيدي

اختارت الدبلوماسية العمانية بقيادة - جلالة السلطان حفظه الله ورعاه - أن تعمل دومًا بصمت، وأن تتخذ من مبدأ لا ضرر ولا ضرار نهجًا في تعاملها وتعزيز أواصر المحبة بين الأشقاء والأصدقاء، مسترشدة ومستلهمة في ذلك حكمة صاحب الجلالة ونظرته الثاقبة للأمور، فقد آلت عمان على نفسها أن تتخذ مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الآخرين، مع العمل على توطيد دعائم السلام ونزع فتيل التوتر عن المحيط الإقليمي والعالمي.

وتتميّز عُمان بعلاقات واسعة وجيّدة مع كل دول العالم لا سيّما الدول التي تربطها بها علاقة صداقة أو حسن جوار سواء كان ذلك على مستوى المحيط الإقليمي أو العالمي. وتعد العلاقة بين بريطانيا أو المملكة المتحدة وعمان علاقة ضاربة في القدم وذاتإستراتيجيّة وطيدة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة التي تراعي مقدرات الطرفين ومكتسبات الأمّة. وكما يقول روبرت أليستون وستيوارت لاينغ مؤلفا كتاب بعنوان "ثابتة مدى الدهر: تاريخ العلاقات بين بريطانيا وعُمان من 1650 الى 1970" واللذين عملا في الماضي سفيرين لبريطانيا في دول شرق أوسطية عدة ولاسيما سلطنة عُمان أن بريطانيا لم تحتل في يوم من الأيام عمان احتلالا كولونيالياً أو تجعل منها محمية مثلما فعلت مع أجزاء أخرى من الجزيرة العربية والخليج أو في القارتين الآسيوية والأفريقية، بل كانت العلاقة بين البلدين علاقة الند للند وتعمّقت في شكل خاص بعد معاهدة عام 1800 وبفضل المساعدات والحماية التي وفرّها آل بوسعيد لطرق الملاحة بين الشرق والغرب ودورهم في التجارة العالمية.
أيضًا تعد العلاقات العمانية/ الأمريكية إحدى أقدم العلاقات بين الطرفين. وكما يقول الدكتور محمد بن سعد المقدم رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السُلطان قابوس أن هذه العلاقة بدأت في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وكانت عُمان من أوائل الدول العربية التي تقيم علاقات اقتصادية مع الولايات المتحدة حيث تمّ إبرام اتفاقية بين البلدين في عهد السيد سعيد بن سلطان، وأرسل السيد سعيد مبعوثًا خاصًا هو أحمد بن النعمان الكعبي على ظهر السفينة" سلطانة" الذي يعد أول دبلوماسي عربي لدولة عربية لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من تسارع تلك العلاقات وتميّزها خلال العهد الميمون لمولانا المفدى صاحب الجلالة،وإضافة إلى أنّ سجل بلادي عمان الحبيبة خال من الملاحظات المعروفة؛ نظرًا لما يتمتع به الشعب العماني الأبي من أخلاق وتعاون مع كل دول العالم؛ إلا أنّه وللأسف الشديد يعاني العمانيّون عندما يتقدمون بطلب تأشيرة دخول للعديد من الدول الغربية، وأحيانًا تطول الفترةالزمنية التي تصدر فيها الموافقة النهائية للتأشيرة من عدمه، وربما تكون الحوجة ماسة إليها لمرافقة مريض مثلا أو الالتحاق بالدراسة هناك وهذه أمور لا تحتمل التأخير، هذا بجانب إجراءات التفتيش المشددة والمساءلة في المطارات..نتمنى ألا ندخل في مأزق التعامل بالمثل مع بعض الدول.. والله المعين.

تعليق عبر الفيس بوك