أطباق رمضانية رياضية شهية

أحمد السلماني

ليسمح لي القارئ الكريم أن أخرج عن إطار المقالات التي اعتدت أن أطرح في ثناياها مشكلة ما وتسليط الضوء على قضايا رياضية محلية تهم الشارع الرياضي ومحاولة وضع الحلول المقترحة أو الخروج برؤية أو الاهتداء إلى سبيل يمنح صاحب القرار طريقًا وباباً لحلها أو تجاوزها أو ربما عدم التعاطي معها في حالة عدم الاقتناع، واليوم لدي رغبة شديدة في أن اصطحب المتلقي بكريم متابعته لنتناول سويا بعض اللقيمات الرمضانية الرياضية الدسمة والفقيرة على حدٍ سواء.

البداية هي حالة السبات التي تعيشها الاتحادات الرياضية في أروقتها في الشهر الفضيل إلا من بعض الحراك البسيط هنا وهناك وهو للأسف امتداد لحالة البيات الوظيفي الرمضاني والكسل في مؤسسات القطاع العام في ظاهرة تعاني منها أجهزة الدولة في السنوات الأخيرة، رغم أن غالبية انتصارات المسلمين العسكرية وإنجازاتهم حدثت في الشهر الفضيل وقاعدته "الأجر والثواب من عند المولى سبحانه يتضاعف إذا رافق الصيام العمل" ومع ذلك فالاتحادات الرياضية ترى شهر رمضان سانحة للراحة بعد موسم طويل وشاق من العمل فلا بأس في ذلك ولكن لا بأس أيضاً من استقطاع بعض الوقت لمحاسبة الذات والوقوف على السلبيات والعقبات التي صاحبت دورة عملها وما تمّ تنفيذه ووضع خطط ومنهجية العمل للموسم الرياضي القادم.

الطبق الرمضاني الثاني هو الأندية التي حطت رحال الموسم المنصرم وأغلقت ملفاته ودخلت في سبات إلا أن بعضها حمل وفتح ملف التعاقدات الجديدة للموسم الكروي القادم والمزمع انطلاقه في منتصف أغسطس القادم في حين لا زال بعضها يغط في نومٍ عميق في تكرار لسيناريو كاد أن يعصف بها ودخلت في دوامة الأزمات داخل المستطيل الأخضر وفي أروقتها فأندية مثل ظفار والنهضة والشباب وفنجا وغيرها حتى في أندية الدرجة الأولى والثانية بادرت إلى إبرام تعاقدات جديدة باكرا فشكلت أجهزتها الفنية ورصدت حاجتها من اللاعبين وجل ما نتمناه على هذه الأندية أن توجه تعاقداتها بنهج منظم ومدروس وحسب رؤية فنية بحتة وعدم الانجرار وراء الأسماء الرنانة واتخام قائمتها بلاعبين هي ليست بحاجة إلى خدماتهم ولكن من مبدأ تشكيل "كتيبة نجوم" لطالما وللأسف الشديد جاءت بنتائج عكسية فضلاً عن الدخول في مغامرات تعاقدية غير محسوبة والنتيجة أزمات مالية وديون وضمور في الأداء في نصف المشوار.

الطبق الرمضاني الثالث هو الحراك الكروي الواسع للفرق الأهلية ببطولة شجع فريقك وفي مختلف ربوع وولايات السلطنة ليتجاوز عددها الألف وثلاثمائة فريق وهنا يبرز سؤال هام وفي اتجاهين، إلى أي مدى ستستفيد الأندية من هكذا مباريات من حيث اكتشاف وضم لاعبين جدد في قوائمها للعبتي كرة القدم والطائرة وفي الاتجاه الآخر هل شكلت الاتحادات الرياضية أجهزة فنية بالتعاون مع الأندية لمتابعة البطولة والبحث عن المواهب واللاعبين البارزين في اللعبتين لصقلها والأخذ بيدها في زمن عزت فيه المواهب ونحتاج ثم نحتاج إلى ضخها في ملاعبنا للرقي بكرة القدم والطائره معنا الوقت لا زال متاحا ويمكن تدارك ما فات.

طبقنا الرابع والذي بلا طعم هو أين باقي اللعبات من "شجع فريقك" أم الألعاب، اليد، الهوكي وحتى السباحة أليست هي فرصة للاتحادات والمنتخبات والأندية لاكتشاف المواهب ونشر اللعبات أتمنى من الوزارة الموقرة اكتمال الجميل وأن تسعى بقية الاتحادات للسعي في هذا الجانب.

الطبق الرمضاني اللذيذ هو وفي زمن ما جميل "زمن الطيبين" حيث لا كهرباء وجهاز تلفاز واحد في الحارة يعمل ببطارية سيارة فضلاً عن الاشتغال بالنت والحاسوب وجيل الآيباد حيث لم تكن اكتشفت واخترعت بعد كنا وفي ليالي رمضان نستعيض بكل هذا بـ"الألعاب الشعبية" التقليدية والتي في غالبيتها تعتمد على العامل البدني وشيء من الفكر فأين رحل كل هذا وأين اهتمام وزارة الشؤون الرياضية والجهات ذات الصلة بهذا الموروث المرتبط في زمانه بالشهر الفضيل لإحيائه وبعثه حيث يمارس حالياً في المهرجانات وأرى أن رمضان المبارك هو الأنسب لممارسة هذه النوعية من الألعاب التقليدية الجميل.

أشهى الأطباق هو ما يطبخ بمطابخ "كوبا أمريكا" ومكوناته اللذيذة حتى الآن هي منتخبات البيرو والأرجنتين بعد أن ضربا موعدا بتأهلهما للدور نصف النهائي على حساب بوليفيا وكولومبيا على التوالي وحتى كتابة المقال فإن السامبا البرازيلية ستحاول أن تستعيد شيئاً من هيبتها المسفوحة على حساب الباراجواي القوي ولكن اللافت للنظر هو تألق الأرجنتين في السنوات الأخيرة وسحبها للبساط من البرازيل سواء على مستوى المنتخبات أو اللاعبين أو المدربين فالمدرسة الأرجنتينية باتت مطلوبة في السنوات الأخيرة وما تواجد 6 مدربين أرجنتينيين من أصل 12 أي النصف لقيادة المنتخبات اللاتينية بكوبا أمريكا إلا دليل على تفوقهم ونجاحهم فأين نحن العرب وخاصة في السلطنة من الاستعانة بالمدرسة الأرجنتينية المتألقة عوضا عن الفرنسية التي لم تأتٍ بجديد، أتمنى الوقوف عند هذه النقطة.

بعد أقل من ساعتين من فراغي من كتابة المقال سيرفع أذان المغرب وسنباشر بأكل ما لذ وطاب من الأطباق لملء المعدة إلا أنّ الأطباق التي أوردتها هي"لذوي ألباب الرياضة" في بلادي أتمنى النهل منها.

تعليق عبر الفيس بوك