أصحاب الأعمال: الدوام المسائي وإعادة توزيع المهام ونظام المناوبات أهم الإجراءات للتغلب على انخفاض إنتاجية العمال في نهار رمضان

 

 

اللواتي: كثير من الشركات والمصانع تحتفظ بمخزون من الإنتاج لتعويض الفرق في رمضان

الجهوري: يمكن تكليف العمال بالمهام الميدانية بواقع ساعتي عمل وساعة راحة بالتناوب

الناعبي: شركات المقاولات تنجز التشطيبات الداخلية في نهار رمضان تسهيلاً على الصائمين

بعض أصحاب الأعمال يلجؤون إلى نظام الدوام المسائي لتجنب إرهاق ساعات الصيام

الناصري: الصيام ليس مبررا للتكاسل عن العمل وتكبيد الشركات خسائر مادية

الرشيدي: الحل في تغييرمواعيدبعض الأعمالإلىفترةمابعدالإفطارلضمان زيادةالإنتاجية

الإسماعيلي: ينسى المتكاسلون عن العمل أن المسلمين خاضوا غزوة بدر في نهار رمضان

 

المعمري: لا نغفل أهمية الوعظ الديني في التأثير على نفسية العمال وتحفيزهم لزيادة الإنتاج

 

 

 

أكد عدد من أصحاب الأعمال والمختصون على تأثير تقليل عدد ساعات العمل في شهر رمضان على انخفاض إنتاجية العمل، لكنهم في الوقت نفسه أشاروا إلى إمكانية تعويض ذلك التأثير من خلال تنظيم أوقات العمل بدرجة أكثر فعالية واللجوء إلى الدوام الليلي في بعض الوظائف وتوزيع المهام على عدد أكبر من الموظفين لضمان سرعة الإنجاز بأقل مجهود، إلى جانب إمكانية إعادة توزيع الأعمال بحسب ما تحتاجه من جهد بدني أو ذهني كما يحدث في مجال المقاولات على سبيل المثال، بحيث يمكن تكليف العمال بأعمال الإنشاءات الميدانية في غير رمضان والاكتفاء بأعمال التشطيبات الداخلية خلال نهار رمضان، بحيث لا تتعطل وتيرة العمل وفي الوقت نفسه لا تزيد الضغوط على العمال في أوقات الصيام.

 

الرؤية - أحمد الشماخي

بداية، قال حسين بن أحمد جواد اللواتي الرئيس التنفيذي لمصنع الأحذية الواقية إن شهر رمضان يشهد انخفاضا في الإنتاجية بشكل عام مقارنة بباقي شهور العام، نتيجة تقليل عدد ساعات العمل، ويقدر معدل الانخفاض في الإنتاجية بنسبة تصل إلى 30 %، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه لا يصنف ذلك في باب الخسارة لأن كل شركة أو مصنع يحتفظ بمخزون من الإنتاج لتفادي الخسائر المتوقعة. ويرى اللواتي أن عامل ارتفاع درجات الحرارة من أكثر العوامل التي تحد من إنتاجية العامل في رمضان على وجه خاص، حيث إن أغلب المصانع لا يوجد بها تكييفات مما يزيد من شعور العامل بالتعب، كما يعزو اللواتي قلة الإنتاجية في العمل إلى طبيعة الموظف ويقول: هناك فرق بين الشخص الذي يعمل لمدة 8 أو 6 ساعات بشكل منتظم وفعال سواء كان صائما أو غير صائم، وبين الشخص المتكاسل الذي يقل إنتاجه في رمضان بدرجة أكبر، ولتفادي الخسارة المتوقعة والتأثير على حجم الإنتاجية في رمضان، قد يلجأ البعض من أرباب الأعمال إلى إيجاد حل يرضي جميع العمال وذلك بالعمل في الفترة المسائية على سبيل المثال.

 

وقال علي بن محمد بن سليمان الجهوري صاحب مؤسسة الأفنان الوطنية إن الزبائن يقبلون بدرجة أقل على المنتجات الإلكترونية في رمضان، بذلك فإن تأثير شهر رمضان على إنتاج العمال في المعدل الطبيعي خصوصا وأن طبيعة العمل ليست ميدانية لذلك يكون مستوى الإنتاج والعمل مثل باقي الشهور، وكذلك يعتمد على طبيعة الزبائن وأولوياتهم في ارتياد مراكز التسوق والمواد الاستهلاكية أكثر من المواد الإلكترونية والفنية لذلك يكون حجم المبيعات لدينا أقل على سبيل المثال مقارنة بمنتجات أخرى.

العمل بنظام المناوبات

وأضاف علي الجهوري أن معظم العمالة بالشركة مسلمين وتحديد ساعات العمل مناسب للجميع في شهر رمضان، حيث يبدأ الدوام في رمضان من الساعة 9 صباحا وحتى 1 مساء وفي الفترة الثانية من الساعة 8 وحتى 12 صباحا. ويقترح الجهوري أن يكون العمل للموظف الميداني بواقع ساعتي عمل وساعة راحة وبشكل متواصل على أن يكون العمل بنظام المناوبات، ومن المعلوم أن درجات الحرارة المرتفعة في الصيف مع الصيام تؤدي إلى انخفاض طاقة الفرد مما يقلل من الإنتاجية.

 

وقال ناصر بن حمدان بن سعيد الناعبي صاحب شركة مقاولات إن الإنتاجية في مجال الإنشاءات في شهر رمضان المبارك أقل عن باقي الشهور وذلك لإقتصار العمل على العمالة غير المسلمة وتبقى العمالة المسلمة في بعض الأعمال البسيطة والخفيفة أو تعمل لساعات أقل مما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية العمل. وبشكل عام فإن مستوى الأداء بشكل عام قبل رمضان يكون أكثر إنتاجية نظرا للعمل والمتابعة في الأعمال الميدانية والإدارية بينما يقتصر العمل خلال الشهر الفضيل على الأعمال الإدارية. ويعزو الناعبي تأثر إنتاجية الفرد إلى تقليل ساعات العمل وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر سلبا على المؤسسة من الناحية المادية بحيث تبقى الأجور على ماهي عليه والإنتاجية أقل من باقي الشهور.

وعن الحلول والإجراءات المتبعة لتفادي قلة الإنتاجية قال إنه لا توجد حلول جذرية لمواجهة الانخفاض في مستوى الإنتاج لكن هناك بعض الإنشاءات في مرحلة التشطيبات التي لا تحتاج إلى أعمال بدنية عالية وتحتاج إلى جهد أقل فنحاول التركيز عليها، وفي نفس الوقت تبقى الأعمال الأخرى تسير بوتيرة بطيئة نسبيا لذلك أجد أن هذا هو الحل الأنسب الذي استطعنا أن نعمل عليه خلال الشهر الكريم ومع ذلك تبقى الإنتاجية أقل نسبيا.

الصيام ليس مبررا

ومن جانبه، قال حمد بن سليمان بن سالم الناصري موظف في إحدى الشركات إن العمال في شهر رمضان يعملون بكل ضمير ويبذلون مجهودا كبيرا في شهر رمضان، ولابد للصائم أن يشعر قليلا بالتعب أثناء أداء عمله ولكن ليس من المفروض التقاعس والتراخي عن المهام الوظيفية لأن ذلك يسبب الخسائر المادية، لذلك لابد من مواصلة العمل وعدم تبرير التقاعس بالصيام. ويرى حمد الناصري أن تقليل ساعات العمل وأثرها على إنتاجية الموظف غير مهمة وإنما المهم في ذلك أن يكون الفرد قادر على أداء عمله أي أنه لا يعتمد على عدد ساعات العمل بل على قابلية الشخص للبذل وإنجاز العمل. كما يقترح الناصري لتقليل ضعف الأداء الوظيفي في نهار رمضان تنفيذ حملة توعوية لتغيير المفاهيم الخاطئة التي يعتقدها معظم الناس في أن شهر رمضان هو شهر عبادة فقط وإنما هو شهر عبادة وعمل واجتهاد وليس شهر كسل ونوم.

وقال عمر بن راشد الرشيدي  طالب بالكلية التقنية إن العمل خلال نهار رمضان أمراشاق على الصائمين العاملين في مختلف القطاعات، لما تتطلبه أعمالهم من مجهود مضاعف خلال نهار رمضان في وقت تشهد فيه درجات الحرارة ونسبة الرطوبة ارتفاعا ملحوظا. ويضيف عمر الرشيدي إن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسبة الرطوبة خلال هذه الأيام من شهر رمضان يؤديان إلى انخفاض إنتاجية العمال في القطاعات المختلفة، مما يتسبب في تأخر تنفيذ بعض المشاريع والأعمال، لذا نلجأ إلى تغيير مواعيد العمل إلى فترة ما بعد الإفطار لزيادة الإنتاجية ومراعاة ظروف الصوم بصفة خاصة، وأحياناً ما يحدث لي كسل ذهنى في وقت الصيام وأعمل جاهداً على التحسين من قدراتي على العمل والعكس صحيح في غير شهر الصيام.

نظام الدوام الليلي

ويعتبر الرشيدي العمل في شهر رمضان مجهدا مقارنة بالعمل فى الأشهر الأخرى، وذلك نتيجة لاحتياج العمل الى القيام بمجهود ذهني أكثر من المجهود البدني، وتقليل ساعات العمل في شهر رمضان يساهم في تقليل الجهد على العاملين كما أن درجات الحرارة في سلطنة عمان عالية ولا تسمح بالعمل لساعات طويلة خلال فترة النهار. ويذكر الرشيدي أن من بين الوسائل التي تتبع من أجل زيادة الإنتاجية في الأداء اللجوء إلى الدوام الليلي لتيسير الأعمال وتفادي الخسائر، وتطويع التطور التكنولوجي الذي يسهم في إنجاز الأعمال بسرعة فائقة دون بذل مجهود، إضافة إلى توزيع العمل على أكبر عدد من العاملين لتقليل ساعات العمل في نهار رمضان.

 

وأشار محمد بن علي بن جمعة الإسماعيلي طالب في جامعة السلطان قابوس إلى أنه بطبيعة الحال يتميز شهر رمضان المبارك عن غيره من الشهور بأنه موسم عبادة وخضوع لله تعالى، فإذا نظرنا إلى أداء المجتمع في الطاعات والقربات نجده يزداد بشكل كبير جدا، ولا ضير في ذلك باعتبار تضاعف الأجور وتزايد البركات في هذا الشهر الفضيل، وذلك لا يعني تعطيل المصالح الدنيوية، وإذا ما وجدنا تقصيرا من الموظفين والعمال، فلا نرد ذلك إلى حجة الصيام فمستوى الإنتاج الوطني يمكن أن يُدار في شهر رمضان باتباع طرق عديدة تعين الرئيس ومرؤوسيه على أداء العمل بأكمل وجه.

 

وأضاف محمد الإسماعيلي أنّ المشكلة تكمن في الممارسات والعادات الخاطئة التي نتبعها في هذا الشهر الفضيل، وسوء تنظيم وإدارة الوقت والتغذية وممارسة الرياضة، حيث نجد عشوائية في قضاء تلك الأمور. وتابع أن تقليل ساعات العمل يأتي حفاظا على جهد وإنتاجية العمال في شهر رمضان، وذلك يخدم العمل وإنتاجيته بشكل أفضل، فعندما يُتاح للصائم عدد ساعات قليلة لتخليص وإنجاز معاملاته، يبادر أولا بأول لينهيها بشكل أفضل، فالصائم غير منشغل أثناء ذلك الوقت بالأمور الجانبية كالأكل والشرب والحديث العام، فنفس الصائم مهذبة ونقية لتخلص في جميع أعمالها الدنيوية والأخروية، فالصوم إذا تم على حقيقته يدفع صاحبه للإتقان والإخلاص.

 

 

تأثير درجات الحرارة

 

وتابع أنه من الطبيعي أن تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على الإنسان، فما بالك إن كان صائما، حيث يوصى بتقليل ساعات العمل عند ارتفاع درجات الحرارة في الأيام العادية خوفا على سلامة العمال، فالإسلام حريص كل الحرص على رعاية الإنسان في السراء والضراء، ولكن يجب ألا نتخذ ذلك ذريعة لترك العمل أو التخاذل في أدائه، فمعركة المسلمين الفاصلة في تاريخ الإسلام "معركة بدر الكبرى" كانت بقيادة الرسول عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان وأثناء ساعات الصيام.

 

واقترح الإسماعيلي من أجل مواصلة العمل في نهار رمضان بشكل طبيعي أن يتم التركيزعلى حسن تنظيم وإدارة الوقت، وترك الكسل والخمول والضجر، والشعور بأن رمضان فرصة لمضاعفة الأجور والحسنات الأخروية، وما الإخلاص في العمل إلى أحد طرق ذلك. وأضاف: لا أرى أي شيء يبرر للمرء تقليل إنتاجيته بالعمل في شهر رمضان المبارك، بل على العكس تماما، فكم من الآثار الإيجابية التي نجدها في منتجات الأعمال خلال هذا الشهر الفضيل، وكم من المؤسسات الغربية التي تفتخر بإنتاجية عمالها المسلمين خصوصا في شهر الصيام.

 

وقال يونس بن علي بن سالم المعمري باحث اجتماعي: الإنتاجية مرتبطة بقدر العمل الموكول إلى المؤسسة، فالمؤسسات الحكومية و الخاصة تتفاوت في مقدار الأعمال الموكولة لها، و بناء عليه أرى أن الإنتاجية عند الموظف لا تقل في رمضان، وإنما تقل ساعات وحجم العمل فقط. ويؤكد المعمري أن درجة الحرارة العالية تؤثر في العاملين بالمهام الميدانية، و لا أشك أنها تجعل الموظف أكثر شعورا بالإرهاق من غيره، بينما الموظفين الذين يعملون في مكاتب أو مؤسسات مغطاة و مكيفة فلا أتوقع أن عليهم تأثير عميق من درجة الحرارة، أما تقليل ساعات الدوام فأرى أنها خطوة جيدة لزيادة مساحة التفرغ للعبادة المسجدية لدى الموظفين، و أيضا لتوفير جزء من الطاقة ليتمكنوا من ذلك. وعن الإجراءات التي تكفل ثبات مستوى الإنتاجية في رمضان يقول المعمري إن من أهمها السير على الخطط و المناهج الموضوعة سلفا، و عدم التغاضي عنها، وربما يمكن تحديد جائزة وحافز للموظف المتميز في رمضان ليعطي دافعا أكبر للإنتاجية، ولا أُغفل أهمية المدخل الديني الوعظي والعلمي في التأثير على نفسية الموظف باتجاه زيادة الإنتاج.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك