النخيل.. وأمننا الغذائي

إيمان بنت الصافي الحريبي

تلازمَ غذاءُ الإنسان وأمنه منذ الأزل؛ حيث قال الحق سبحانه وتعالى في سورة قريش "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".. ويُعرَّف الأمن الغذائي -باختصار- بأنه حالة توافر الغذاء الكامل والصحي للفرد (والمجتمع) متى احتاجه. ويقوم مفهوم الأمن الغذائي على أسس الوفرة وسهولة الحصول على الغذاء وسلامة الغذاء ونوعية وجودة الغذا.

ويُعتبر النخيل شجرًا مباركا، حيث ورد ذكره في القرآن الكريم؛ نظرا لما له من أهمية غذائية وما يجود به من مُنتجات؛ حيث التمر والسعف والليف والكرب والخشب؛ إذ إنَّ هذه الشجرة ليست ذات قيمة غذائية وحسب، بل لها قيمة اقتصادية وصناعية كبيرة يمكن أن تقوم عليها صناعات جديدة؛ مثل: صناعة الورق...وغيرها؛ مما قد يجعلنا أهم مصدر للنفط الخام. ومع استمرار نمو أعداد النخيل وتطوير الصناعات القائمة عليها، سوف نتمكن من إنتاج الوقود الحيوي من التمور ومخلفاتها، وكذلك من منتجات النخل الأخرى، وسوف نكون في المقدمة في هذا المجال، إن وضعنا الأسس المستقبلية التي تضمن ذلك.

وعليه؛ وحتى نعظِّم الفائدة من هذه الشجرة، علينا أنْ نُضاعف من إمكانات البحوث والتطوير والتقنيات وتطوير النظم الهندسية المناسبة وخطوط الإنتاج الملائمة لصناعة التمور ومشتقاتها، وتشجيع جهود الجمعيات الزراعية وتزويدها بالتقنيات اللازمة والخطط التسويقية المناسبة، بجانب تشجيع أي شركة متخصصة ومتميزة في مجال تطوير وتصنيع آليات جديدة للاستفادة من النخلة ومنتجاتها، خاصة إذا ما علمنا أنَّ التمور لديها إمكانات تنافسية كبيرة أمام كثير من المنتجات العالمية التي تتربع على عرش القائمة كالكاكاو، والشكولاته، والسكر العادي.. كما أنه من المطلوب الاستفادة من عضويتنا في منظمة التجارة العالمية؛ وذلك لفتح أسواق المنتجات الزراعية.

كما أنَّ اللجان المشتركة، التي تربط السلطنة مع كثير من الدول، يجب أن يكون لها دور فاعل في هذا الخصوص، إضافة إلى دور الغرف التجارية والصناعية.. ومن ذلك كله يتَّضح أنَّ أمامنا مهمة كبيرة ومسؤولية أكبر تجاه احتضان زراعة النخيل والاهتمام بمنتجاته وتطوير الصناعات القائمة عليه؛ وذلك من أجل تحقيق الأمن الغذائي من خلال الإنتاج المحلي للحصول على عوائد اقتصادية مجزية.

ويُمكن كذلك اقتراح أن يتم إنشاء شركة زراعية متخصصة بتسويق منتجات النخيل من تمور...وغيرها، وتصنيعها داخل المملكة وخارجها، إنَّ مثل تلك الأمور التطويرية تساعد على حفظ حق المزارع، وتشجع على الإقبال على ذلك النوع من الزراعة الذي سوف يجعلنا مكانة زراعية متخصصة، خصوصاً وأنَّ هذا النوع من الزراعة والصناعات القائمة عليها ليس له منافس إقليمي أو دولي.. أو أن يتم إنشاء معهد وطني متخصص بزراعة النخيل والبحث والتطوير لمنتجات تلك الشجرة من تمور ومواد خادم أخرى. كما أنَّ ذلك المعهد يمكن أن يقوم في البداية على شكل كرسي بحثي يجلب له المتخصصون، ثم بعد ذلك يتوسَّع لكي يصبح معهداً له مكانته الوطنية والعالمية.

... إنَّ زراعة النخيل وتطوير المنتجات والصناعات القائمة عليها، باتت من الأمور التي يحسن الالتفات إليها؛ وذلك لتحقيق مركز الصدارة في هذا المجال الواعد اقتصادياً وأمناً غذائياً، فضلاً عن فتحه لفرص عمل متعددة، تشمل الزراعة والعناية بها والتسويق والاتجار والنقل والتصنيع...وغيرها من الفعاليات التي لا يمكن حصرها من خلال مقال. لذلك؛ فإنَّ القيام بدراسة بحثية شاملة -تأخذ في الحسبان كل المتغيرات ذات العلاقة- أصبح أمراً في غاية الأهمية، يليه التوجه إلى إخضاع تلك المنتجات للبحث والتطوير لاستخراج الكنوز التي تتواءم مع مكانة النخلة لاحتوائها عليها.

تعليق عبر الفيس بوك