عمان.. روح الدين ونُبل الأدب

حمود بن علي الطوقي

أصبحت ثوابتنا العمانية التي غرسها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1970م محل افتخار لنا؛ ليس كعمانيين فقط بل حتى عند غيرنا من أشقائنا وأصدقائنا الذي يرون أنّ السياسة التي تنفرد بها وتنتهجها السلطنة تفرض على الآخرين احترامها وتقديرها؛ لأنّها سياسة مبنية على ثوابت وترتكز على قيم ومبادئ لا يمكن بأي شكل من الأشكال التخلي عنها؛ فهي ثوابت راسخة تترجم الفكر المستنير للنظرة الثاقبة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله- والداعية إلى تحقيق السلم والتعايش ونشر المحبة بين الناس.
بإمكاننا استلهام معاني ونبل هذه الرسالة أثناء متابعتنا لرسائل الشكر والامتنان؛ حيث يتسابق أجناس من البشر بمختلف جنسياتهم ليعبروا عن مشاعرهم الصادقة عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن حبهم وإعجابهم بالمواقف العمانية الداعية إلى السلم والتعايش، ويعتبرون أنّ النهج العماني فرض احترامه بين الأوساط الرسميّة والشعبيّة؛ مما يجعلنا كعمانيين نفتخر بهذه السمعة الطيبة والاعتزاز بأننا عمانيون.
؛ولن يكون المشهد غريبًا عندما تشاهد الأشقاء في اليمن وفلسطين يرفعون العلم العماني، وصور القائد المفدى وهم يثنون على أخلاق وكرم ونبل العمانيين. استحضرت وأنا اكتب هذا المقال لقاء صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في ال 28 من شهر يناير الماضي عندما التقى سموّه بأعضاء اتحاد الصحافة الخليجية، حيث ذكر سموّه الثوابت العمانية وموقف السلطنة تجاه القضايا التي تهم الشأن الأمّة العربية والإسلامية، فهو موقف ثابت يدعو إلى تبادل الاحترام وعدم التدخل في شؤون الغير.
وتحدث سموه أنّ علاقة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه اليمن الشقيق هي جزء من المنظومة العربية وأنّ استقرار اليمن أمر لابد منه.
هذا الموقف كان حاضرًا وأنا أتابع موقف السلطنة تجاه عاصفة الحزم، فلا بد أن تكون الأجواء العمانية مفتوحة كما كانت الأجواء العمانية مفتوحة إبّان حرب الخليج الأولى والثانية، وذلك لدور السلطنة المهم في تنقية وتهدئة الأجواء بين الأشقاء، فنحن دوما نعمل على رأب الصدع بين الفرقاء وننزع فتيل التوتر عن المنطقة ونسعى دوما لفتح باب الحوار بين كل الأطراف المتنازعة.
أعجبنا بشجاعة الطيار العماني الذي أصرّ أربع مرات وهو فالجو على الدخول والهبوط في مطار صنعاء وكسر الحصار، وعدم الاكتراث أو الخوف من تحذير بعضهم التحالف، فهذا الموقف كان جزءا من واجبنا كدولة عربية شقيقة في فتح كل القنوات من أجل إسعاف المصابين وتقديم المساعدة لعبور المئات من مختلف الجاليات المتواجدة في اليمن من خلال المنافذ العمانية.
وعندما تهبط أول طائرة عمانية في مطار صنعاء من بين كل دول العالم وتكسر الحصار ودون أن تخضع للتفتيش من قبل ما يُسمى تحالف عاصفة الحزم فذلك أمر يدعو للفخر، وأن حكمة سلطان البلاد جعلت من سلام عمان سلام اﻷقوياء وليس الضعفاء..
نعم هذه هي عمان التي تعمل بصمت وتحتفظ بعلاقات طيبة مع كافة الدول.لذا على العالم أن يتعلّم من مواقفنا الثابتة منذ عهد أجدادنا، وأن يحسن الظن بأهل عمان كما فعل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، عندما بعث إليهم يدعو أسلافنا للإسلام فاستجابوا طوعًا دون حرب أو قتال، ونعموا بنعمة الهداية.
تمثل عمان بمواقفها ونهجها مدرسة في الأخلاق والمعاملات، فالكرم والجود وحسن الضيافة ﻷي ضيف يقدم عليها بغض النظر عن معتقده أو جنسه ولونه.. فقط معيارنا هو احترام النفس البشرية وأن الناس سواسية عملا بمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف..
نفتخر دائمًا في عمان بتمسّكنا بالدين اﻹسلامي الحنيف ومطلب الاجتهاد في تطبيقه، وأن الناس أجناس تتعدد آراؤهم وتختلف وجهات نظرهم دون تمييز. فالتعايش والتسامح ورفع راية الوحدة بين المسلمين والحرص على وحدة الصف أبرز القيم العمانية الأصيلة.وكل المؤشرات تؤكد أنّ بلادنا والحمد لله دولة متميزة لأنّها رسمت خارطة طريق ومنهجًا في تعاملها مع الآخر..

هكذا نحن في عمان تعلمنا حب الوطن وكرامة المواطن، وأنّ المخلص لله سيخلص لوطنه ودينه وعقيدته وسينبذ الفرقة والشقاق. ونجزم أنّ هذه المبادئ جعلتنا ننأى بأنفسنا عن الفتن والمشاكل فقد
تعلمنا من فكر جلالة السلطان أننا أبناء عمان دولة واحدة وشعب واحد لا ندعي الكمال ولكننا حتمًا نتميز بأخلاقنا الممزوجة بروح الدين واﻷدب فنحن نحب الكل ويحبنا الجميع لأننا وضعنا في الاعتبار أن المذهبية والطائفية ليست طريقًا للنجاح والفلاح ولكنها طريق للدمار والهلاك..
هذه هي عمان وهذا هو شعبها الوفي الذي نزع يده عن الصراعات حتى تبقى صفحتنا التاريخيّة ناصعة البياض.

تعليق عبر الفيس بوك