محافظة ظفار تكثف جهودها لاستقبال موسم الخريف.. وتوقعات ببدء الموسم مبكرا هذا العام

الرُّؤية - إيمان بنت الصافي الحريبي-

تستعد محافظة ظفار، خلال الأيام المقبلة، لاستقبال موسم الخريف الموسمي، الذي ينتج عن رياح موسميّة تهبُّ من نصف الكرة الجنوبي، ومن أبرز مميزات هذا الموسم استمرار تساقط الرذاذ، وتكتسي الجبال في محافظة ظفار غطاء أخضر في ظاهرة مناخية استثنائية في السلطنة.

وقال الخبير البيئي الدكتور محاد بن عيسى شماس، إنه حسب محطات قياس كميات الهطول المطري خلال موسم الخريف بمحافظة ظفار لعام 2014م، يُعتبر مستوى خريف العام الماضي جيدة مقارنةً بالعام 2013م. وفي الخريف الماضي حيث تدفقت بعض العيون المائية الواقعة في المناطق الجبلية، والتي غالباً لا تتدفق إلا خلال مواسم الخريف الممطرة.

وعمَّا إذا كنا سنشهد تباشير خريف مبكرة هذا العام، قال إنه حسب تقارير الأرصاد الجوية الهندية، فإنه من المتوقع قدوم الخريف هذا العام في الهند مع بداية شهر يونيو، وهذا مؤشر جيد لبدء موسم الخريف في المحافظة في وقته أيضاً إن شاء الله؛ لأن المحافظة تتأثر بمناخ الأمطار الموسمية العالمي.

وعن المراحل التي يمر بها الموسم، أوضح شماس أنَّ "نجوم الخريف" هي سبعة نجوم ومدة كل نجم 13 يوماً، يبدأ الخريف بنجم النعايم في المرحلة الأولى من الخريف، وتكون بداية أمطار الخريف في الغالب قوية. ومن ثم المرحلة الثانية منتصف الخريف، التي تبدأ مع نجم بلع، وتكون الأمطار في الغالب متوسطة الغزارة. وينتهي الخريف بنهاية نجم المناصف؛ حيث يتناصف النجم إلى خريف ونصف صرب (الربيع)، وفي الغالب تكون الأمطار متوسطة إلى قوية.

وعن قلة الأمطار في المحافظة بعد انتهاء موسم الخريف، يعلق الخبير البيئي محاد شماس بأنَّ الهطول المطري يختلف بين سنة وأخرى نتيجة تأثر المحافظة بالمناخ العالمي؛ فهناك سنوات مطيرة وأخرى جافة، وسنوات جيدة الغزارة. وحسب إفادة كبار السن في المنطقة، فقد كانت تحدث مثل هذه الظاهر المناخية؛ فعام 1951م سُمي بسنة الجفاف لأنَّ في ذلك العام لم تتساقط أية أمطار في عموم المحافظة، حتى أثناء فصل الخريف لم تهطل المطر. بينما كانت هناك سنوات مطيرة في المحافظة مثل عام 1948م و1959م، و1966م، و1977، و1983، و1989م، و1996م، و2002م.. وغيرها من السنوات. وحسب الدراسات، فإنَّ محافظة ظفار يضربها منخفض جوي عميق أو عاصفة استوائية كل 5، أو 7 سنوات. والتفسير لهذه الحالات، هو التغيرات المناخية السنوية، نظراً لتأثير المناخ العالمي على كوكب الأرض.

وزاد حول وضع الغطاء النباتي معلقا بأنه لم يتعافَ في المحافظة بعد، وعزا ذلك إلى أنه نتيجة استمرار انتهاج الجهات المختصة في الحكومة مبدأ السوق أولاً (business as usual)، ولا يزال الغطاء النباتي يتأثر تأثيراً مباشراً بالأنشطة البشرية المختلفة، ومنها الرعي الجائر لقطان الإبل. وأثبتت الدراسات أنَّ مساحات الغطاء الأخضر تنحصر سنوياً نتيجة لاستمرار التصحر في المحافظة. وحسب دراسة شماس، 2007م، فإن غابة مياه الضباب تأثر على تغذية الخزانات الجوفية، فكلما نقصت مساحات الغابة الضبابية في الأرياف قلت بالتالي التغذية السنوية للأحواض الجوفية والعيون المائية، والعكس صحيح.. والخطوات التي يجب أن تتخذ لاستمرار الغطاء النباتي في الريف هي بإنشاء هيئة مكافحة التصحر في محافظة ظفار لسن التشريعات اللازمة لمكافحة التصحر وحماية المراعي والغابات في محافظة ظفار من التصحر، والعمل على إعادة الغابات الطبيعية وتنميتها وصولاً لاستدامة المناطق الرعوية والغابوية في الجبل.

وفي السابق كان المواطنون في الريف يستفيدون استفادةً كبيرة من أمطار الخريف في زراعة الكثير من المحاصيل الموسمية، كمحصول الحنطة والفاصوليا والخيار والطماطم..وغيرها من المحاصيل الزراعية، التي يعتمد عليها المواطنون اعتماداً أساسياً في معيشتهم. وفي الوقت الراهن، يرى المتابع اهتمام قلة من المواطنين بزراعة المحاصيل الموسمية أثناء فصل الخريف. وتساهم هذه الأنشطة الزراعية الموسمية في تنويع مصادر الأمن الغذائي في المحافظة.

ضباب الخريف

وعن مشروع تجميع الضباب وما إذا كان نجح المشروع في تحقيق الاستفادة فعلياً من ضباب الخريف، قال: إنَّ ظاهرة الضباب الطبيعية تنشأ عبر تجمع قطرات مائية عالقة في الهواء نتيجة تكاثف بخار الماء قرب سطح الأرض، حيث تختلف درجة البخار باختلاف كثافته فكلما زادت كثافة البخار كان الضباب أشد كثافة.

حصاد الضباب إلى جانب كونه مورداً مائياً قليل التكلفة؛ فهو أيضا يُسهم في تغذية المخزون الجوفي في حال استقطابه بواسطة الأشجار، كما أنه يقلل من الضغط على المخزون الجوفي في حال الاعتماد عليه لري الأشجار في منطقة تعرف بشكل عام بشح أو قلة مياهها.

ونتيجة لتعرض الأشجار في تلك المنطقة لرعي الإبل الجائر بسبب تزايد أعداد الإبل تدهور الغطاء الشجري؛ وبالتالي يذهب معظم الضباب مع الريح طالما لا توجد أشجار كبيرة تستقطبه، لذلك حرصت الوزارة على الاستفادة من هذا المورد المائي.

وفي سياق متصل، قال: تقوم النباتات في جبال ظفار بدور مهم بالنسبة لرعي الماشية ومعترضة للمياه الضبابية للرياح الموسمية (المعروفة محلياً بالخريف) مانعة لها من التحرك للداخل إلى الصحراء مما يجعل منها مساهمة في التساقط الأفقي في المنطقة المعروف بتجميع/اصطياد مياه الضباب، ومع ذلك فقد فقدت المنطقة خلال الـ40 سنة الماضية مناطق كبيرة من غطائها النباتي بحيث تبعثرت الغابات الظليلة كنتيجة لضغوط الرعي الزائد من الماشية لاسيما الإبل.

وملخص القول أنه وخلال فترة هبوب الرياح الموسمية، تكون محافظة ظفار ذات طبيعة جذابة للغاية، حيث ينجذب السياح إلى ينابيع المياه الدافئة والجبال التي يحيط بها الضباب، بعيداً عن حر الصيف ببقية أنحاء منطقة الخليج

وتحسين الوظائف الإيكولوجي لنظام المراعي والغابات في الريف أكثر قيمة من استمرار استهلاك السلع والخدمات المرتبطة بالنظام الإيكولوجي في الجبل. حيث إن نوعية النباتات الرئيسية التي تغطي الجبل في المنحدرات الشديدة الانحدار نحو البحر عبارة عن نباتات أدغال وغابات وارفة الظلال، وتسود فيها أشجار المشط/السغوت. ويدعم النظام البيئي لإقليم ظفار ما يزيد على 750 من أنواع النباتات البرية منه حوالي 50 نوعا مستوطنا.

تعليق عبر الفيس بوك