طارق عزيز.. وجه متحضر لنظام آفل

 

الرؤية - الوكالات

 

مع رحيل طارق عزيز نائب رئيس وزراء العراق ووزير خارجيته الذي وافته المنية جراء نوبة قلبية حادة أثناء تواجده للعلاج بمستشفى الحسين بمدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، يكون أسدل الستار على حياة أحد أقطاب نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي آثار الكثير من الجدل خلال حياته وبعد مماته.

وولد عزيز في 28 أبريل 1936 في بلدة تلكيف شمالي الموصل لأسرة كلدانية كاثوليكية باسم ميخائيل يوحنا الذي غيره لاحقًا إلى طارق عزيز. ودرس اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة بغداد، ثم عمل كصحفي قبل أن ينضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي.

وفي أبريل 1980 تعرض طارق عزيز لمحاولة اغتيال أمام الباب الرئيسي للجامعة المستنصرية لكنّه أصيب في يده بشظايا القنبلة وأصيب العديد من طلبة الجامعة والمتواجدين أمام باب الجامعة، وبعد الحادث حضر صدام حسين إلى الجامعة المستنصرية وألقى كلمة على الطلبة، وأعلنت الحكومة العراقية في حينها أن محاولة الاغتيال مدعومة من إيران واتهمت حزب الدعوة بالقيام بتلك المحاولة.

كان عزيز سياسيًا عراقيًا ينتمي لحزب البعث العربي الاشتراكي، وشغل منصب وزير الخارجية العراقي (1983-1991) ونائب رئيس مجلس الوزراء (1979-2003).

وعرف عن الراحل قربه من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وكان ممثلً لرئيس الحكومة في الاجتماعات والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية.

وفي 19 مارس 2003، شاع أنّ طارق عزيز قد تم اغتياله عندما كان يحاول الوصول إلى كردستان ولكن سرعان ما تم تكذيب تلك الشائعات عندما عقد عزيز مؤتمرًا صحفيًا لتكذيب تلك الشائعات.

وذكرت شبكة التلفزيون الأمريكية (إيه بي سي) أن طارق عزيز توقف عن الظهور في بغداد منذ نهاية الماضي. وبعد سقوط بغداد واختفاء رموز القيادة، تم نهب منزل عزيز من قبل العراقيين وما لبث عزيز أن سلم نفسه للقوات الأمريكية في 24 أبريل 2003.

وفي ليلة 19 مارس 2003 نقل تلفزيون (سي إن إن) عن الجيش الأمريكي نبأ تسليم طارق عزيز نفسه للقوات الأمريكية في 24 أبريل 2003، وحمل الرقم 12 من قائمة المطلوبين. وأصدرت المحكمة الجنائية العليا في العراق، في (26 أكتوبر 2012)، حكما بالإعدام شنقًا حتى الموت بحق عزيز في قضية تصفية الأحزاب الدينية إلا أن الحكم لم ينفذ، وذلك بعد أن أصدرت، في (3 مايو 2011)، حكمًا بالسجن المؤبد بحقه في قضية تصفية البارزانيين.

 

حلقة ربط

وكان عزيز الرابط بين صدام حسين والعالم. والتقى عزيز، الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة، والمفاوض المتمرس، وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر في جنيف في التاسع من يناير 1991، قبل ستة ايام من انتهاء مهلة الأمم المتحدة للعراق للانسحاب من الكويت، التي غزاها الجيش العراقي قبل خمسة أشهر آنذاك. وعلى الرغم من أنّ الاجتماع استمر لمدة أطول بكثير مما كان متوقعا، إلا انه لم يؤد إلى حل للأزمة. وبعده قال عزيز "عندما يتعلق الأمر بالعرب، تلوحون بالعصا، وقد سئمنا سياسة المعايير المزدوجة". ورفض عزيز تسلم رسالة من الرئيس الامريكي في ذلك الوقت جورج بوش إلى صدام حسين، قائلا إنّ لغتها ليست لائقة للتواصل بين رئيسين. وعندما سئل عما إذا كان العراق سيهاجم إسرائيل حال وقوع حرب في الخليج، أجاب "أجل، بالتأكيد نعم".

وكان طارق عزيز المسيحي الوحيد في مجلس الوزراء العراقي. وولد شمالي العراق بالقرب من الموصل. وعندما كان في العاشرة، وانتقلت أسرته إلى بغداد حيث تلقى تعليمه. وعمل عزيز كمدرس للغة الإنجليزية. وانضم أيضا إلى حزب البعث وشارك في الدعاية البعثية بعد الانقلاب البعثي عام 1963 والذي دام عشرة أشهر. وعندما تولى البعث السلطة عام 1968 أصبح رئيس تحرير صحيفة الحزب ثم وزيرا للإعلام. وقبل ذلك لعب دورا كبيرا في صعود صدام حسين، وفي عام 1983 عينه صدام وزيرا للخارجية. وخلال حرب العراق مع إيران تمكن عزيز من ضمان تعاطف الغرب مع العراق. وبعد غزو الكويت في اغسطس 1990، عندما كان العراق في عزلة شبه تامة، تمكن من التفاوض والتوصل إلى اتفاق مع إيران. وفي اجتماعات مع الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار ووزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، استمر في تأكيد أنّ الكويت جزء من العراق، وأن أي مفاوضات يجب أن تشمل القضية الفلسطينية. ودافع عزيز عن سياسة صدام حسين الخاصة بإبقاء رهائن غربيين في المنشآت الاستراتيجية.

وأطلق على عزيز "الوجه المتحضر للنظام البعثي غير المتحضر". وبشاربه الكثيف، كان عزيز يشبه بصورة طفيفة الممثل غروشو ماركس. وكان عزيز دمثا وله حس فكاهة، ولكنه كان كثير الجدل أثناء المفاوضات. كما كان عزيز من المطيعين لصدام، وكان يثق في آرائه.

وقبل غزو العراق، زعم عزيز إنّه يفضل الموت على أن يكون أسير حرب لدى الولايات المتحدة. وكان عزيز متزوجًا من عراقية مسيحية ولديه ثلاثة أبناء.

وكانت وسائل إعلام عراقية ذكرت أنّ سلطات بلادها أعلنت أنها ستسلم جثمان طارق عزيز، إلى عائلته المقيمة في الأردن لدفنه هناك تنفيذا لوصيته، مشيرة إلى أن بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل الأول ساكو أبدى استعداده لإجراء مراسم دفن جثمان عزيز في حال طُلب منه ذلك.

تعليق عبر الفيس بوك