وادي بني خالد - العمانية
تعد سلطنة عمان من الدول الخليجية التي تهتم بتربية الإبل حيث أغلب أهل البادية العمانية يهتمون بالإبل سواء كتربية لتغذية السوق باللحوم أو كمشاركة ميدانية في فعاليات السلطنة المختلفة كسباقات الإبل وهي رياضة محلية تتابع بشغف من قبل الجمهور وتعد تربيتها اعتزازاً وفخراً لارتباط المواطن العماني بهذا الموروث منذ القدم.
وتعتبر علاقة الإنسان العماني بالإبل علاقة قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ويلقب الجمل "بسفينة الصحراء" دليلاً على تحمله المشاق وقدرته على تحمل العطش، فضلا عن أنه يقطع مسافات طويلة ويجوب المناطق والقرى قديمًا.
واستخدمت الإبل قديما في نشر الدعوة الإسلامية في جزيرة العرب وخارجها، كما كانت تسمى (بالقوافل) لأغراض تجارية، وقد احتلت الإبل مكانة مرموقة عند الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم حيث قال ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت).
وتحظى الإبل في السلطنة عمان باهتمام كبير فقد أولت حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - اهتماما كبيرا بالإبل من خلال إنشاء العيادات البيطرية. كما أنشئت الهجانة السلطانية والتي تعنى بالإبل في السلطنة ويوجد الاتحاد العماني للهجن وهاتان المؤسستان من أبرز المؤسسات الحكومية التي تهتم بالإبل في السلطنة كموروث حضاري وكصناعة رياضة تحقق دخلا كبيرا لدى المهتمين بالهجن من خلال عرضها للبيع بسبب النتائج المتقدمة التي تحرزها في المسابقات المختلفة.
وتحتل الإبل مكانة لدى مربي الهجن وخاصة لدى أهل البادية ويفتخر العماني بالإبل حتى أنه يكنى محليًا بــ "راعي فرحة" و"راعي سمحة" وغيرها من الأسماء المنسوبة للإبل لما لها من دلالات على أهمية الإبل العمانية في تاريخ الإنسان العماني وأصالته المرتبطة بها.
ومن الألقاب التي تلقب بها الإبل : "العيس والشملال واليعملة والوجناء والناجية والشمردلة والهجان والكوماء والحرف، والصبور" وأسماء الإبل الأصيلة كثيرة منها: "ضَبعان، وعَرفان، وشَعلان، وغَزلان، وأم طويلع، وأم رموش، والخطلة، ونورا" وغيرها . كما أن هناك أسماء محلية تطلق على الإبل منها "سمحة وفرحة والشاهينية وسراب" وغيرها من الأسماء .
وهناك تصنيف للإبل حسب الأعمار فمثلا سن الحجائج أعمارها تكون أقل من 3 سنوات، واللقايا أعمارها تكون من 3 - 4 سنوات، واليداع أعمارها تكون من 4 - 5 سنوات، والثنايا أعمارها تكون من 5 - 6 سنوات، وسن الحول أعمارها تكون من 6 سنوات فما فوق . ويقال لمن عمره ستة أشهر من الإبل "حوار"، ولمن عمره سنة "مخلول"، ولمن عمره من سنة إلى سنتين "مفرود"، ولمن عمره من سنتين إلى ثلاثة: "حِق" (بكسر الحاء)، ولمن كان عمره أربع سنوات "جِذع" (بكسر الجيم)، ولمن عمره من خمس إلى ست سنوات "ثني"، و"الناقة الفاطر" هي الناقة التي وضعت أكثر من خمس مرات وتعتبر كبيرة العمر .
سلالات الهجن
وتهتم الهجانة السلطانية بسلالات الهجن العمانية الأصيلة ورعايتها واتباع الوسائل العلمية في التلقيـــح والتوليـــد المتوفـــرة في مركـز تحســين سلالات الهجن وتحتفظ بسجلات للهجن تدوّن فيها أنواع الإبل، وأنسابها، وبيانات كاملة عنها لتكون مرجعًا وثائقيًا صحيحًا وتُعدُّ خطط السباقات السنوية وبرامجها، والاستعداد للمشاركة في الاستعراضات الخاصة. كما أنها تقوم بالمشاركة في السباقات المحلية، والإقليمية، ورصد نتائج السباقات وتشجع رياضة الهجن بالسلطنة من خلال سباقات الهجن الأهلية وتتابع التطورات التي تستجد في مجال الهجن محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وقد أولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- اهتمام ساميا من لدن جلالته بتراث الإبل العمانية الأصيلة وتمثل ذلك في مكرمة سامية سنويا حيث يقام مهرجان سنوي لسباقات الهجن بتنظيم من شؤون البلاط السلطاني ممثلا في الهجانة السلطانية وبالتعاون مع الاتحاد العماني لسباقات الهجن يشمل فعاليات وأنشطة متنوعة منها سباقات الهجن لجميع الفئات العمرية للنوق وكذلك مسابقة المزاينة والمحالبة بولاية ثمريت بمحافظة ظفار ومسابقتي المزاينة وركض العرضة بالفليج بولاية بركاء والسباق الختامي لكأس جلالة السلطان لسباقات الهجن ويحصل الفائزون في هذه المسابقات على جوائز قيمة.
وفي عام 2006م تم إشهار اتحاد منفصل لسباقات الهجن باسم "الاتحاد العماني لسباقات الهجن" وقد كان لذلك دور كبير في انتشار هذه الرياضة وإقبال المواطنين على اقتناء أفضل النوق وتربيتها. ولدى الاتحاد العماني لسباقات الهجن برامج وأنشطة حيث يقيم العديد من السباقات في مختلف محافظات وولايات السلطنة من أهمها سباق الهجن السنوي بمحافظة ظفار وفي محافظات شمال وجنوب الباطنة وشمال وجنوب الشرقية والظاهرة والداخلية.
كما يُقيم الاتحاد سنوياً السباق الختامي لسباقات الهجن بميدان سباق الهجن بولاية صحار حيث تشارك فيه مختلف محافظات وولايات السلطنة ويتخلل هذا السباق معرض للمنتوجات والمعروضات البدوية حيث تعرض جميعها في القرية التراثية المصاحبة للسباق .
وسباقات الهجن في السلطنة تتابع بشغف كبير من ملاك ومربي ومحبي رياضة الهجن ويهتم بها الجميع كما هو الحال في دول الخليج العربية الأخرى باعتبارها أحد أهم الموروثات الحضارية والثقافية التي ارتبطت تاريخياً بحياة أهل الخليج منذ القدم.
وقد تطور الاهتمام بها حتى أصبحت موردا اقتصاديا هاما لكثير من مربي الإبل من خلال النتائج التي تحصل عليها الناقة أو الجمل ونتائجها المتقدمة ويتنافس ملاك الهجن لشرائها بأسعار عالية جدا .
وتقام سباقات الهجن بأنواعها المختلفة في السلطنة خلال الأعياد الدينية والوطنية والمناسبات الشعبية المختلفة، وكثيراً ما تكون مصحوبة باستعراضات من الفنون الشعبية المغناة وغير المغناة كفنون "الطارق والهمبل والتغرود" وغيرها من الموروثات البدوية المحلية.
المزاينة والمحالبة
ويقول علي بن عامر الهشامي أحد المهتمين بتربية الإبل أن هناك عدة أنواع لمسابقات الإبل منها: مسابقة المزاينة وهي اختيار أجمل ناقة من خلال تقييم الناقة حسب معايير وعناصر محددة منها الرأس والبدن واللون والطول والعرض من خلال لجنة متخصصة للتحكيم و(سباق العرضة) وهو سباق كل ناقتين تمشيان سويًا ويسمى عرض حيث يُقدم عروض كشخصين واقفين متماسكين أو شخصين جالسين منفردين وكل واحد بناقته وكذلك سباق الركض (المارثون) وهذا الأكثر شعبية وتقدم من خلاله جوائز قيمة للمشاركين، كما أن هناك مسابقة للنوق (المحالبة) وغالبًا ما تشتهر به محافظة ظفار ولها محبوها ومتابعوها وأيضاً لجنة خاصة بتقييم هذه المسابقة .ويوجد في أغلب ولايات السلطنة ميدان رياضي مخصص لسباق الهجن والمعروف باسم (المركاض) وفي كل ولاية لجنة مخصصة تسمى لجنة الهجن ويرأسها سعادة والي الولاية أو من ينوب عنه وبأعضاء ممن لديهم الاهتمام بهذه الرياضة .كما أن هناك لجنة تحكيم مخصصة في سباقات الهجن المختلفة وتشرف على أعمال متعددة منها عدد الأشواط والسن القانونية المسموح بها لدخول السباق وكذلك الإشراف على النتائج وطريقة تحكيمها من خلال السباق الذي يُقام في الميدان .
كما تقدم جوائز كبيرة لسباقات الهجن في السلطنة تصل إلى توزيع مركبات ذات قيمة عالية للفائزين في المراكز الأولى فضلاً عن المبالغ النقدية التي تقدم للمتسابقين والحاصلين على المراكز المتقدمة في السباق بإشراف من الهجانة السلطانية وكذلك من الاتحاد العماني لسباقات الهجن.
وتنقسم سباقات الهجن إلى عدة أنواع هي "العرضة" بمسافة خمسمائة متر، وسباق "المسافات"و"الماراثون" الذي تتحدد مسافته حسب الفئة العمرية للإبل باستخدام الراكب الآلي أو البشري لمسافات تصل لأربعين كيلومترًا في بعض السباقات .كما أنّ هناك تعاوناً بين دول الخليج العربية في سباقات الهجن حيث تقام سباقات عالية المستوى بمشاركة من هجانة دول المجلس ويتم من خلالها توزيع جوائز قيّمة وعالية مما يدّل على الاهتمام الكبير التي توليه هذه الدول بالإبل كصناعة ذات مردود اقتصادي كبير .