مريدو الوزن المثالي "فرائس سائغة" تسقط في شباك "مراكز النحافة".. وفشل الوظائف الدماغية أبرز السلبيات

◄ البلوشية: نَعْت طرق التخسيس بـ"الطبيعية" لا يعني مأمونيتها

◄ د.جمانة صالح: مراكز النحافة مفيدة حال التقيد بالشروط الصحية

◄ الراشدية: "كسل" مرضى السمنة في تلقي العلاج يدفعهم إلى سلوك "طرق خطيرة"

◄ فشل وظائف الكبد والكلى والانتكاسة.. أبرز سلبيات أدوية السمنة

"هل تريد فقدان 10 كيلوجرامات في أقل من أسبوعين؟ هل تعانين من السمنة المفرطة في مناطق محدَّدة؟ الحل لدينا.. فقط اتصل بنا نصلك أينما كنت".. واحدة من الصيغ الإعلانية الدعائية لمراكز التخسيس وأدوية النحافة، التي باتت تعزف على وتر الوزن المثالي سواء للرجل أو المرأة؛ فالأمر لا يختلف كثيرا.. لكنَّ كثيرين من الراغبين في إنقاص الوزن لا يعنيهم اذا ما كان الأمر ينطوي على مخاطر صحية أو تداعيات نفسية، فقط يأملون في أن يتحولوا ذات يوم إلى ما يُشبه تلك الصور التي تدَّعي هذه المراكز أنها لأناسٍ خضعوا لبرامج التخسيس وجداول النحافة. أصحاب تجارب مع هذه المراكز وآخرون خاضوا محاولات مختلفة لإنقاص الوزن، تحدَّثوا لـ"الرؤية"، ورووا ما مرُّوا به من صعاب وتحديات، بل وانتكاسات. وفي المقابل، متخصصو التغذية والتثقيف الصحي أدلوا بدلوهم في هذا المضمار.

الرُّؤية - ردينة الشعيبيَّة

ماجد المحاربي -من بين العديد من الأشخاص الذين كانوا يعانون من السمنة، ثم التحق بأحد مراكز التنحيف- يقول: "أعتقد أنَّ مراكز التنحيف لا تعمل سوى لهدف تجاري بحت؛ والدليل أنها تقوم بتجهيز جدول واحد للجميع دون أن تشخص حالة الفرد أو تراعي الفروق الفردية، ومن واقع تجربتي مع أحدها، التحقت بمركز تنحيف، لكن لم أواصل البرنامج المعد لهذا السبب، واعتمدت على نفسي حتى وصلت لنتائج مرضية". ويضيف: "لا أنكر أن الفرد قد يخسر من وزنه عند التحاقه بهذه المراكز، لكن من المؤكد أن الجميع قادر على إنقاص وزنه إذا ما حاول جاهدا مع نفسه، من خلال تنظيم الوجبات وأنواعها، والتنسيق بين الأكل اليومي وساعات النوم والرياضة، مع الاستعداد لمواجهة الصعوبات والتحديات في كيفية التطبيق".

رأي آخر حول هذا الموضوع، يُصرِّح به إسماعيل المحاربي -الذي كان ذات يوم يعاني من السمنة، لكنه لم يلتحق بمركز للتنحيف- حيث يقول: لم ألجأ لمراكز التنحيف؛ لأنها مُكلفة ماديًّا وتحتاج متابعة مستمرة، وظروفي لا تسمح بذلك. ويرى المحاربي أن هذه المراكز مفيدة ومجدية رغم أن البعض يشتكي منها بزعم أنها مؤسسات ربحية، وهذا جانب لا يمكن إخفاؤه؛ لذلك من الأفضل أن يكون الالتحاق بها آخر الحلول. ويتابع: على المرء أن يبدأ باستشارة إخصائي تغذية في المركز الصحي والاستعانة بآراء مدربين رياضيين، وأن يخصص جدولاً يومياً يشمل نوع الوجبات ووقتا لممارسة الرياضة مع ضرورة المواظبة عليها، وكذلك الالتزام بالجدول المُعد، ولا شك أنه سيصل إلى النتائج المطلوبة، مشيرا إلى أنَّه التزم بذلك الأمر في حالته، واستطاع خسارة 60 كيلو جراما في أقل من سنة.

تجارب الأعشاب

التخسيس والنحافة ليسا فقط من خلال ممارسة الرياضة أو تعاطي الأدوية التي تساهم في حرق الدهون أو تقليل الشهية، بل إنَّ هناك طريقة استخدام الأعشاب الطبيعية، وما يُسمَّى بـ"خلطات التنحيف". وتقول (س) -التي جرَّبتْ هذه الوسيلة، لكنها أبدتْ ملاحظات عديدة عليها- إنَّ مَنْ يُعاني السمنة يبحث دائماً عن أسهل الطرق لإنقاص الوزن، وهذا ما حدث معي؛ حيث إنَّني استخدمت ما يُسمى بـ"خلطات التنحيف"، وحصلت عليها من إحدى تاجرات الإنستجرام؛ باعتبار أنها أعشاب طبيعية ومضمونة 100 في المئة، دون التأكد من حقيقة إذا ما كانت أعشابا أم لا. وتضيف: أثناء استخدامي لها كنت أشعر بأنَّ جسمي يفقد الكثير من الماء، وأعاني من حالات ضعف وغثيان وشحوب، وبالفعل فقدت جزءا من وزني في فترة قياسية، لكنها كانت تجربة قاسية للغاية؛ حيث إنَّ هذه الاعشاب تعمل على سد الشهية لفترات طويلة، مما يصيبني بحالات من الضعف العام، وعدم القدرة على القيام بأي مجهود؛ لذلك توقفت عن استخدامها بعد فترة وجيزة، وتزامن ذلك مع تحذيرات الكثيرين من المحيطين بي بعدم استخدامها لأنها تفقد الجسم عناصر مهمة مثل البوتاسيوم، لكن فور امتناعي عن استخدامها عاد وزني إلى ضعف ما فقدته.

مراكز التنحيف

وبالتوجه إلى أحد مراكز التنحيف، والتي تُسهم بدور كبير في مساعدة البعض على خسارة الوزن، التقت "الرؤية" أحد العاملين في المركز، والذي فضَّل عدم ذكر اسمه أو اسم المركز لأسباب خاصة.. وعند سؤاله حول مدى الإقبال على المركز وجاهزيته لذلك، قال إنَّ المركز يحظى بإقبال جيد جداً، فالكثير ممن يعانون من السمنة بشكل عام أو السمنة الموضعية، وكذلك الأشخاص المهووسون بالوزن المثالي، يقدمون إلى المركز لتلقي الوصفات المناسبة لما يريدون.

ويوضِّح أنَّ المركز يضع برامج لتخفيف الوزن تعتمد على جدول غذائي، ويتم وضع كل برنامج بعد إجراء الفحوصات الطبية على الأشخاص الراغبين، بجانب جدول رياضي لابد من تنفيذه.

ويزيد بأنَّ المركز يضم العديد من الأجهزة ذات التقنيات الحديثة والمنتجات الطبيعية التي تعمل على حرق الدهون، لكنه شدَّد على أهمية المتابعة المستمرة، حيث ما إن يُتم العميل جدولا ما، حتى ينتقل إلى مرحلة أخرى من العلاج، وفق جدول جديد.

رأي الأطباء

وفي الجانب المقابل من مراكز التنحيف، بدا أنَّ بعض الأطباء لديهم رأي آخر، وربما مُخالف لما سبق؛ إذ تقول إخصائية التغذية بدرية البلوشية: إنَّ انتشار مراكز التنحيف أصبح يمثل ظاهرة في المجتمع، لاسيما بعد أن غدتْ السمنة مُعضلة اجتماعية وصحية تأخذ أبعاداً متعددة، ولم تعد فقط تؤثر على الجوانب الصحية لمن يعاني منها، بل امتد تأثيرها إلى تأثيرات اجتماعية سلبية تتعلق بالمظهر العام والقدرة على القيام ببعض الأنشطة، فضلا عن التأثيرات الصحية غير الإيجابية.

وتضيف البلوشية يأنه فيما يبدو أنَّ العديد من هذه المراكز يعتمد على الإعلانات والصور البراقة لأجسام فقدتْ العشرات من الكيلوجرامات مع وضع صور قبل وبعد الالتحاق بالمركز، وهو ما يمثل نوعا من "البروباجندا"، لكن في الواقع أغلب هذه المراكز تتبع نظاما غذائيا (دايت) لا يحتوي إلا على البروتينات، وهو ما يصاحبه نقصان في الأملاح والماء من جسم الإنسان؛ مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الوزن.

وحول خلطات وأعشاب التنحيف، تقول البلوشية: هناك الكثير من الأعشاب التي تستخدم لفقدان الوزن، ويتم الترويج لها عن طريق الإعلانات والصور؛ سواء في التليفزيون أو المجلات أو مواقع التواصل الاجتماعي. وتوضح أنَّ هذه الأعشاب تعمل على تقليل الشهية والحد من امتصاص الجسم للدهون، علاوة على تحفيز عملية التمثيل الغذائي. وتزيد بأنه على الرغم من الدعاية المنتشرة لمثل هذه الأعشاب، إلا أنها لا تحقق النتائج المتوقعة، علاوة على أن وصف الأدوية بأنها "طبيعية" -والتي تركز عليها أغلب الإعلانات- لا يعني إطلاقاً أنها آمنة، لأنها قد تحتوي على مكونات ضارة لا يعلن عنها على الملصق، وتعمل على إنقاص الكثير من الوزن في فترة قصيرة جدًّا. وتؤكد أن الدراسات أثبتت أنَّ النساء قادرات على فقدان ما يتراوح من 5-10% من الوزن الأساسي في غضون عام كامل إذا اعتمدن على أدوية بتصريح من طبيب، ولفقدان نسبة أكبر عليهن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية باستمرار.

حالات صعبة

لكن الدكتورة جمانة صالح -الحاصلة على الدكتوراه في كيمياء الدهون بكلية الطب في جامعة السلطان قابوس- اتخذتْ منحا آخر؛ إذ تشجع من يعاني من السمنة على الالتحاق بمراكز التنحيف، لكنها خصَّت بالذكر أصحاب "الحالات الصعبة". وتقول الدكتورة جمانة إنه في حالة إنَّ القائمين على هذه المراكز مُتخصصون في المجال ويعتمدون على أسس علمية، فستتحقق الإيجابيات، لكن على مريض السمنة أن يُواظب ويلتزم بما تضعه هذه المراكز من برامج وجداول غذائية، وحبذا لو أتيح لمريض السمنة أن يتابع حالاته على أجهزة متخصصة مثل أجهزة قياس نسبة الدهون في الجسم، ونسبة الأنسجة العضلية، والخضوع لجلسات حمامات البخار لتنشيط الدورة الدموية وإذابة الشحوم.

بيد أن الدكتورة جمانة تأسف لانتشار هذه المراكز، مما أدى لاختلاط "الحابل بالنابل"، وتقول: أصبح انتشار مراكز التنحيف مشروعاً استثمارياً يهدف إلى الربح دون التقيد بالمواصفات السليمة، علاوة على أن البعض يتبع طرق خطيرة مثل الإبر الصينية أو استخدام أدوية عشبية لها آثار جانبية خطيرة. وتنصح الدكتورة جمانة مرتادي هذه المراكز بتوخي الحذر وعدم السعي وراء الإعلانات والصور البراقة، وضرورة تحري الدقة وأخذ الحيطة في هذه المراكز، والتأكد من وجود متخصصين ذوي كفاءة عالية في علاج السمنة خاصة في مجال العلاج الطبيعي؛ إذ إن السمنة مرتبطة بأمراض خطيرة أهمها أمراض القلب والمفاصل والكبد. وتقترح صالح أن تتبع هذه المراكز جهات صحية رسمية وأن يتم تكثيف الرقابة عليها، إذ لا تعدو حتى الآن سوى محلات تجارية مثلها مثل المحلات الأخرى المنتشرة في المراكز التجارية، ولا تخضع سوى للتفتيش الصحي من قبل البلدية.

وتؤكد الدكتورة جمانة صالح خطورة هذه الأدوية وما يسمى بخلطات النحافة، وتقول إن الخبراء يحذرون من انتشار أدوية التخسيس والتنحيف المستوردة غير معلومة المصدر أو مجهولة التركيبة، لما لها من آثار سلبية خطيرة قد تصل إلى الدماغ، علاوة على أن المراهم الموضعية التي تستخدم لحرق الدهون تعمل على زيادة درجة حرارة طبقة ما تحت الجلد؛ مما يُؤثر على الإنزيمات وأهم العمليات الحيوية للجسم.

وتشاركها الرأي مريم الراشدية إخصائية التثقيف الصحي؛ والتي تقول إنه لا يمكن الجزم بأن جميع مراكز التنحيف تعتمد على أسس غير علمية كما يتهمها البعض، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي ان نتجاهل مسألة انها البعض منها لا يطبق أسس علمية، وأن ذلك لن يتحقق إلا من خلال الرقابة المستمرة. وتؤكد الراشدية أن لهذه المراكز دور إيجابي في القضاء على السمنة في حال اعتمدت على الفحوصات الطبية ووضع برامج التغذية والرياضة مع مراعاة الفروق الفردية لا على الخلطات المنحفة والأدوية الضارة.

وتضيف الراشدية بأنَّ خلطات التنحيف خطر آخر يواجه مرضى السمنة؛ لأنهم يحاولون الوصول للوزن المثالي بأسرع الطرق وبغير جهد يذكر، وكل ما يأتي سريعاً يذهب سريعاً. ونلاحظ في مجتمعنا انتشار لخلطات التنحيف والتي يدَّعي تجارها أنها طبيعية ومضمونة، لهذه الأدوية والخلطات آثار سلبية منها فشل في وظائف الكبد والكلى.

وتزيد بأنه بات من الأمور المنتشرة في الأوساط الاجتماعية المخلتفة، استخدام وسائل تنحيف لإنقاص الوزن بوجه سريع وبطريقة تبدو غير صحية؛ لذا ظهرت أهمية تثقيف المجتمع وتوجيهه للطرق الصحيحة التي تضمن للمريض عدم حدوث آثار جانبية قد تؤدي لأمراض خطيرة، التي تنتج عن استخدام اعشاب مخلوطة قد تفرز مواد أخرى سامة. وحتى لا يلهث الفرد وراء الإعلانات الكاذبة، تؤكد الراشدية أهمية دور التثقيف الصحي في نشر الوعي والتحذير من طرق التنحيف الخاطئة. وتقول إنَّه يتعيَّن على المتخصصين في التثقيف الصحي تنظيم الفعاليات والحملات والمحاضرات الصحية التي تساهم في تزويد المجتمع بالمعلومة الصحيحة وتوضيح خطورة المواد المنحفة المتداولة والبدائل الصحية لها، حتى لا يقعوا فريسة في شباك التجار والمروجين لهذه المواد.

تعليق عبر الفيس بوك