ثقافتنا المرورية.. على المحك

خالد الخوالدي

كتبتُ الأسبوع الماضي مقالًا بعنوان "بلد المليون مطب"، وكانت رُدود القراء متباينة بين من يتحدَّث عن ضرورة إطلاق إقامة المطبات في كل شارع؛ مُبرِّرا ذلك لقلة الحوادث، فيما رأى الفريق الآخر تقنين إقامتها عند الحاجة الماسة وبشروط معينة، والفريق الثالث كان في ضيق شديد من كثرتها ومن دورها في تعطيل السيارات واستفادة ورش تصليح السيارات.. منوهين إلى أنَّ هذه المطبات تشكل مناظرَ غير حضارية، وتؤثر حتى على مستوى الاستثمار الاقتصادي والتجاري للسلطنة.

ووقفتُ مُتحيرا عند كلمة احترام الطريق، وقلتُ: هل نحن نحترم الطريق بالفعل، ونلتزم بأخلاق وآداب الطريق، ولدينا الثقافة المرورية التي تجعلنا نجعل للطريق شأنًا، وعدتُ هنا بالذاكرة لعدد من الدول التي زُرتها، والتي توزَّعت بين ثلاث دول إفريقية وثلاث دول آسيوية؛ وهنا أستثني دول الخليج العربي، ولا شك أنَّ الكثير منكم قد زار أكثر مني واطلع على دول كثيرة، واستمع إلى تجارب مرورية مُشرفة كالتي سمعتها في دول أوروبا، وحاولت أتذكر وبأقصى ما لدي من ذاكرة هل لديهم مطبات بالعدد الكبير الذي يُوجد لدينا أم لا، وحين تذكرت أنه لا توجد لديهم مثل هذه الأعداد الكبيرة من المطبات، قلت في نفسي: إذاً هي الثقافة المرورية، وهي المحك الذي يوجد لديهم ونفتقده معنا.

ويُمكن أنْ يُلاحظ أي واحد منا أننا نفتقد للثقافة المروية، وهو يقود سيارته في الطرق التي يُفترض أن تكون سريعة، ويلاحظ أنَّ هذه الطرق تتوقف بها الحركة المرورية دون أسباب من حوادث أو نقاط تفتيش أو دوَّارات؛ ليدرك أنَّ الثقافة المرورية هو مربط الفرس الذي نفتقده؛ فلو كانتْ لدينا الثقافة المرورية بما تعنيه من آداب واحترام للطريق لما احتجنا لمطبات ولا توقَّفت عندنا الحركة المرورية بسبب شخص نائم في خط التجاوز أو يتكلم بالهاتف أو مستمتع بالاستماع للموسيقى والغناء، وإذا ما وصل إلى رادار -وهي من الكثرة بمكان بحيث أنَّ الشخص لا يستطيع أن يرد نفسه حتى يصادفه رادار آخر- ضغط بقوة على الفرامل؛ تجنبا لأن تلتقطه كاميرا أحدها، وتناسى أنَّه هو أصلا لم يكن يسرع السرعة القانونية، وإنما كان يقود سيارته على راحته دون اهتمام بالبقية، وأن بتصرفه هذا يتسبَّب في زحمة شديدة خلفه، وأن هذا التصرف الأرعن قد يؤدي إلى حادث مروري تكون ضحيته أرواح بريئة، وهذا ما نلاحظه في طريق مسقط السريع، وفي خط الباطنة المزدوج...وفي غيرها من الطرق.

وفي النهاية، أذكر رسالة وصلتني بالإيميل حول موضوع المطبات؛ يقول فيها صاحبها: المسافة من بيتنا إلى الشارع 100م، وعدد المطبات التي به 4 مطبات، وزوجتي عندها عملية دسك، وأنا عندي عملية مفاصل، وبيتنا في الخوير، أريد أبيع بيتي وأنتقل إلى مكان ما فيه مطبات".

وخلاصة القول، أنَّه إذا لم تكن لدينا ثقافة مرورية صحيحة واحترام للطريق، فلن تجدي إقامة كاسرات السرعة والمطبات والرادارات ونقاط التفتيش، ولن نستطيع أن نجعل في كل طريق شرطي مرور يُنظِّم حركتنا المرورية؛ فالتنظيم والثقافة عادة وسلوك؛ إذا ما التزم بهما الإنسان في بيته، انعكس ذلك في الطريق وفي المقهى والملعب والشارع...وغيرها من مناحي الحياة، ودمتم ودامت عُمان بخير....!

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك