"التنمية الاجتماعية".. منظومة من البرامج لمساعدة المستفيدين من خدمات الوزارة

مسقط - العُمانيَّة

يعكسُ مشهد التنمية الاجتماعية في السلطنة الخطوات المتقدِّمة التي تستهدفُ تحقيق الرخاء والاستقرار وتحسين نوعية الحياة للمواطن؛ باعتباره الوسيلة والغاية لمجمل عمليات التنمية، وقد شهدت منظومة البرامج والخدمات التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية تنوعا واسعا على المستويين النوعي والكمي، والتي تهدف في مجملها إلى مساعدة فئات معينة ممن تتعرض لظروف اجتماعية ومعيشية تجعلها أقل قدرة على التحمل والتكيّف مع الظروف الحياتية؛ مما يتحتم معه تقديم الدعم والمساندة لهم ليتمكنوا من العيش الكريم.

ولأجل تقديم أفضل الخدمات لجميع المستفيدين من أسر الضمان الاجتماعي في جميع محافظات السلطنة، دشنت الوزارة نظام الضمان الاجتماعي "تكافل"، والذي يمثل نقلة نوعية في تقديم بيانات شاملة ودقيقة عن جميع الحالات المستفيدة من الضمان الاجتماعي، ويسهم في نقل الضمان الاجتماعي إلى نظام إلكتروني أكثر تطور؛ تماشيا مع إستراتيجية التحول للحكومة الإلكترونية، كما يظهر استمرار الوزارة في توقيع الاتفاقيات مع شركات القطاع الخاص في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية لتمويل منح دراسية وتنفيذ مشروعات للفئات المستهدفة من أبناء أسر الضمان الاجتماعي والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات الأخرى التي تشملها منظومة برامجها وخدماتها.

ويسعى برنامج الرعاية الإيوائية إلى تقديم خدمات الحياة الأساسية للأطفال الأيتام ومجهولي الوالدين وأبناء الأسر المفككة؛ من خلال برامج الرعاية المؤسسية في مركز رعاية الطفولة، والذي يسعى كمؤسسة اجتماعية إلى تقديم العديد من الخدمات والبرامج للأطفال الملتحقين به من عمريوم، فضلا عن توفير الإقامة في بيوت مستقلة للأطفال الذكور من عمر 14 سنة إلى حين الانتهاء من الدراسة والاندماج في المجتمع، كما لم تغفل الوزارة في هذا الصدد عن برنامج الاحتضان والأسر البديلة، وتشكيل فرق عمل متخصصة بغرض المتابعة المستمرة للأطفال والأسر الحاضنة بصفة دورية وتبيان مدى وفاء الأسرة الحاضنة بالتزاماتها.

كما تكللت جهود الوزارة تجاه فئة المسنين بإنشاء دائرة تعنى بشؤونها ووضع إستراتيجية شاملة لها وإشراك جمعية رعاية المسنين بحكم معرفتها عن قرب باحتياجاتها، والتعاون والتنسيق مع الجهات الأخرى الشريكة في تقديم الخدمات لها، فضلا عن الخدمات التي تقدمها الوزارة لهم كصرف أجهزة تعويضية ومعينات طبية وفق اللوائح المعمول بها، وتنفيذ مشاريع موارد الرزق لتحسين دخل أسرهم، وإيجاد أسر بديلة لرعايتهم، وإيمانا من الوزارة بحق المسنين فقد تبنت بالتنسيق مع المؤسسات الأخرى "المشروع الوطني للرعاية المنزلية للمسنين"، والذي يهدف إلى تحسين نوعية الحياة لكبار السن بما يتناسب واحتياجاتهم ومتطلباتهم الفعلية في بيئتهم وداخل نطاق أسرهم والتي منها الخدمات الاجتماعية والنفسية والصحية والتغذوية.

كما لا تفوت الإشارة إلى صدور المرسوم السلطاني رقم (18/2014) بإنشاء المديرية العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة؛ لكي تتولى إعداد الخطط والبرامج الوطنية الخاصة بهذه الفئة، ومتابعة تنفيذها بما في ذلك برامج الرعاية والتأهيل المختلفة والبرامج الرامية إلى دمجها في المجتمع بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، والإشراف الفني على جميع مراكز رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للوزارة والمراكز الأهلية والخاصة، وكذلك مراجعة واعتماد خططها وبرامجها، إلى جانب البرامج والأنشطة التي تقدمها الجمعيات الأهلية الموجهة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة، ووضع المعايير اللازمة لضمان جودة الخدمات والبرامج المقدمة لهم كمعايير الهندسة التأهيلية للمباني والمنشآت العامة ووسائل النقل والمواقف والمرافق العامة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، والنهوض بهؤلاء الأشخاص، وتعزيز دورهم ومكانتهم في المجتمع، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وتسهيل متطلبات تلك المشاركة...وغيرها من المهام والاختصاصات الموكلة لها.

وفي هذا الصدد، تجدُر الإشارة إلى ندوة "سياسات التعامل مع الإعاقة وآفاقها في الدول العربية في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة". وقد حظيتْ بمشاركة خليجية وعربية من المخططين والمعنيين بمجال تقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة لتسليط الضوء على الجانب المعياري للاتفاقية والبروتوكول الملحق بها وقيمتها المضافة، مقارنة مع الصكوك والاتفاقيات الأخرى والمبادئ والالتزامات العامة التي تنص عليها والحقوق التي تضمنتها ودور منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والدول والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والأفراد آزاء هذه الاتفاقية...وغيرها من الأهداف، إلى جانب تنفيذ الوزارة برنامجا تدريبيا للتوعية بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لنشر الوعي ببنود الاتفاقية وإعداد مدربين وطنيين قادرين على التعامل مع التزامات تنفيذ الاتفاقية.

وسعياً لتطوير آليات عمل وزارة التنمية الاجتماعية ومسايرة لنمو وتقدم المجتمع وتقديم أفضل الخدمات، فقد دشنت حزمة من برامج المسؤولية الاجتماعية، كبرنامج "تكامل"، ويُعنى بتنظيم العلاقة بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص تحقيقاً لمبدأ الشراكة المجتمعية، كما يركز البرنامج الثاني "تكيّف" على تقديم الرعاية اللاحقة للحالات التي قضت فترة في السجن وتم إخلاء سبيلها، وأيضا الحالات المتعافية من الإدمان الناتج عن تناول المخدرات والمؤثرات العقلية ؛ بهدف رعايتها وتأهيلها، وإعادة دمجها ومساعدتها على التكيف في وضعها الطبيعي وتمكينها من المشاركة في أنشطة المجتمع، ويقصد بالبرنامج الثالث "تقدير" قيام المؤسسات ذات العلاقة الحكومية والخاصة والأهلية بتقديم الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسيةلحالات المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة في منازلهم ومحيطهم العائلـي والاجتماعي.

كما يعمل البرنامج الرابع "تواصل" على تفعيل وتنشيط البرامج التوعوية التي تقدمها الوزارة للمجتمع من خلال الملتقيات والمحاضرات والندوات والدراسات والمشاريع والبرامج الإعلامية الهادفة إلى التوعية وتثقيف المجتمع بمختلف القضايا الاجتماعية والحياتية، إلى جانب برنامج "نصل إليك" وهو عبارة عن استمارة إلكترونية متوفرة على موقع الوزارة (ww.mosd.gov.om)، وتحتوي على ثلاث استمارات فرعية، تُعنى الأولى بطلب استفسارات عن الخدمات وأهداف الوزارة، والثانية لتقديم مقترحات من قبل المستخدمين لتحسين أو إضافة خدمة أو تقديم مقترح، بينما الاستمارة الثالثة معنية بتقديم البلاغات عن الحالات التي تشملها مظلة خدمات الوزارة، أو ظاهرة اجتماعية معينة.

ولما تشكله قضية الإساءة والإهمال من الخطورة في الوقت الحاضر على صحة الأطفال الجسدية والنفسية على المدى القريب والبعيد، وإيمانا من الوزارة بأن جميع الأطفال لهم الحق في الحماية جاء اهتمام الوزارة بتسليط الضوء على قضية الإساءة وأسبابها وآثارها وطرق العلاج والوقاية منها، وتشكيل لجان حماية الطفل، والتي تضم في عضويتها الجهات ذات العلاقة كوزارات التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة، وشرطة عمان السلطانية والادعاء العام. كما أنشئت دائرة الحماية الأسرية لتوفير الحماية للحالات المعرضة للإساءة والعمل على إعادة تأهيلهم وأسرهم للاندماج في المجتمع، وإيجاد تشريع وطني لحماية الطفل من كافة أشكال الإساءة بصدور قانون الطفل بموجب المرسوم السلطاني رقم 22/2014م.

وتولي الوزارة أهمية لدراسة الظواهر وتحليلها بهدف وضع الخطط اللازمة للقضاء عليها إن كانت سلبية أو الاستفادة منها، وتعزيزها إنَّ كانت إيجابية، ومن هذا المنطلق فإنَّ التعرف على الظواهر يجب أن يتم عن طريق دراسة شاملة لجميع المؤشرات والدوافع الفردية والاجتماعية المرتبطة بالظاهرة، وكذلك جميع الخبرات المكتسبة والوسائل والنظم المخططة للضبط والسيطرة على السلوك المرتبط بالظاهرة، والتأكيد على اهتمام الوزارة بالبحوث والدراسات في معالجة الظواهر السلبية ودعم الظواهر الايجابية، مع العمل على نشر نتائج هذه الدراسات للمهتمين والمختصين واصحاب القرار بهدف تطبيقها على أرض الواقع بعد مناقشتها.

ومن عناوين تلك الدراسات: واقع ظاهرة الطلاق في المجتمع العماني، وجنوح الأحداث في المجتمع العماني، وبرامج الرعاية الاجتماعية وأثرها على أسر الضمان الاجتماعي في السلطنة، والآثار الاجتماعية والاقتصادية للعمالة الوافدة على المجتمع العماني، وأثر عاملات المنازل على خصائص الأسرة العمانية في محافظة مسقط، إلى جانب استعراض دراسة أثر المستوى الثقافي والاجتماعي للأم على النمط الاستهلاكي للأسرة في السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك