الإعلام الإلكتروني.. "عولمة" فوضى المعلومات للإفلات من ضوابط "الحرية المسؤولة"

 

 

◄ سنجور: "سلاح ذو حدين".. والحذر في التعامل معه مطلوب

◄ البوسعيدي: كل مستخدم يحدد ماهية الوسائل التي يستخدمها

◄ السعدي: افتقاده للصبغة القانونية يزيد أضراره السلبية

◄ أبوزاهر: خلق جيلا جديدا لم يعد يتفاعل مع الإعلام التقليدي

◄ الحجناني: واقع إعلامي جديد يمهد لـ"سلطة مطلقة" للإعلام

 

مسقط - راشد البلوشي

 

اتفق الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، على أن الإعلام الإلكتروني خلق فضاءً جديدا انتقل بالآلة الإعلامية إلى مستوى السيادة المطلقة.. إلا أنهم عابوا على التجربة افتقارها للرقابة أو المساءلة؛ مما يجعل منها سلاحا ذا حدين؛ سيما مع تنامي أعداد مستخدمي التكنولوجيا الحديثة؛ وهو ما يضع المسؤولية المجتمعية أمام منعطف الخطر حال أفلتت تلك الوسيلة الإعلامية الجديدة في فضاءاتها الواسعة دون إخضاعها لسلطة مباشرة تضع لها شروطا ملزمة وقوانين محدِّدة.

ويرى حمود بن محمد السعدي مستشار متقاعد من وزارة الخارجية، أنَّ الإعلام الإلكتروني أو كما يطلق عليه البعض "الإعلام الحديث"، أصبح جزءًا من الواقع.. فوسائل التواصل الاجتماعي التي يدخلها البعض في إطار الإعلام الإلكتروني تحمل بين جنباتها إيجابيات وسلبيات؛ كونها تعمل في إطار شخصي، وليس لديها صبغة قانونية مؤثرة في العمل الإعلامي. وفي نظري أن لها تأثيرا كبيرا، وأن عدد متابعيها يتضاعف يومياً، فقد باتت تخلق خلق رأيا عامًّا؛ شأنها في ذلك شأن الإعلام المرئي والمسموع، وأقرب مثال "كتاب الملح"، و"قائمة الأسعار"، حيث بدا خلال ما دار على الشبكة العنبكوتية من جدال حيال هذين الكتابين، مدى التأثير الفعال لهذه الوسائل، كما أظهرت حجم المتابعة الذي تحظى به من كل أطياف المجتمع.

وتشير ناديه أبوزاهر -من الجمهورية الجزائرية- إلى أنَّ الإعلام الإلكتروني يتميَّز بسرعة الانتشار والوصول إلى إكبر عدد من الجمهور وبأقصر وقت ممكن وأقل تكلفة.. وأنه بات يُشكل نافذة مهمة جدًّا لنشر المعلومات والحصول عليها؛ وبالتالي ظهر جيل جديد لم يعد يتفاعل مع الإعلام التقليدي بقدر ما يتفاعل مع الإعلام الإلكتروني، والذي يُسمَّى بـ"الجيل الشبكي" أو "جيل الإنترنت".. وتضيف: أدى هذا الزخم التكنولوجي إلى ظهور شبكات التواصل الاجتماعي كـ"تويتر" و"فيسبوك"؛ حيث جعل من الفرد مؤسسة إعلامية ينشر مواده الإعلامية فيها، ووصلت الآن إلى درجة عالية من التعقيد والتشابك، وتحولت إلى أداة في المشاركة في الوثائق والمستندات وخدمة الباحثين، ومصدر مهم للأخبار والمعلومات، بل ومكان للتسوق ومسرح لوسائط الإعلام المتعددة من نصٍّ وصورة وصوت ولقطات فيديو.

فالإعلام الإلكتروني (والكلام لا يزال لأبوزاهر) الذي لاحت بوادره منذ السبعينيات، أصبح الآن يضاهي الصحف والوسائل التقليدية، بل ويتفوق عليها بعدة ميزات؛ أهمها: أنه امتلك فئة الشباب بشكل واسع والذي أثر بالسلب على حجم متابعة وسائل الإعلام التقليدية في الطبقة الكلاسيكية أو الجيل السابق.

 

ويقول عبدالله بن هلال بن مسعود السنيدي: إن برامج التواصل الاجتماعي أصبحتْ من الأشياء المهمة في حياة الإنسان في الوقت الحالي؛ ليكون مطلعا على كل ما يدور حوله من أحداث في مجتمعه المحلي، ومن تلك الوسائل: تويتر وفيسبوك، والتي باتت تمثل أداة ربط بين مستخدمي برامج التواصل لما يدور في العالم؛ إذا من خلال برامج التواصل الاجتماعي أصبح الشخص مُطَّلعا على ما يدور حوله من أخبار لمجتمعه المحلي والإقليمي وحتى العالمي متى ما أراد.

ويضيف السنيدي: إن حرية اقتناء هذه الأجهزة أو البرامج مثل حرية اقتنائك لملابسك؛ بحيث يكون شكل أو نوع الجهاز مثل ملابسك، ويكون استخدامك للبرامج مثل شخصيتك الحقيقية.. موضحا: أعتقد أنَّ الدول المنفتحة على العالم تسيطر على هذا الانفلات الإلكتروني.

 

فوضى إعلامية

ويرى د.سعود بن عبدالكريم بن سنجور، أنَّ برامج التواصل الاجتماعي جزءٌ من الإعلام الإلكتروني، والتي أعتبرها إعلاما "فوضويا" بلا حسيب ولا رقيب على أداء الشخص إلا نفسه.

وقال سنجور: إنَّ هذه الوسائل كالسلاح ذي الحدين، إن لم تستخدمها بحذر، فهي مرتع للمستخدم السيئ لإطلاق الشائعات، وكذلك وسيله لزرع بعض الفتن من خلال أشخاص بلا هوية أو هويات بلا أشخاص، بينما في الجانب الآخر إذا أحسنت استخدام هذه الوسائل؛ فهي تقرب لك البعيد، وتجمع لك شمل الأخوة والأحبة والأصدقاء.

بينما قال الدكتور وليد الطراروة -من دولة الكويت- إنَّ العولمة هي مفهوم تقني اخترق الحواجز ليصل لكل بيت؛ حتى أصبح العالم قرية صغيرة من عالم الحوسبة الضخمة إلى الجوال العجيب.. والغريب أنَّ التواصل الاجتماعي استفاد من الثورة المعلوماتية، وغير في سلوك البشر؛ حيث ظهرت برامج وشركات..وغيرها لتستفيد من وجود شغف الناس وهوسهم في قضاء ساعات دون أن يتمكن أحد منهم من السيطرة على علاقته مع جواله.

وتابع الطراورة: أثبتت شبكات التواصل أنَّ العالم العربي أتت له فرص ذهبية وظَّفها القائمون عليه ضد بعضهم البعض، والعجيب أنّه حتى أفراد الأسرة الواحدة باتوا يخرجون إلى العشاء (على سبيل المثال) على شرف "الواتساب"، وتويتر الطبق الرئيسي، والحلو يوتيوب.

ويقول عبدالرحمن أحمد داود البلوشي -من المملكة العربية السعودية- حول الإعلام الإلكتروني: يتميَّز بحرية أوسع؛ حيث يشهد العالم اليوم تطورات سريعة فـي ميدان الاتصال، انعكست بصورة كبيرة على ميدان الإعـلام بشكل خاص، جمع بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال.. ويضيف: لقـد فتـح الإعلام الجديد بابًا واسعًا لحرية الإعلام لا يمكن إغلاقه، ووسيلة سهلة لإيصال واستقـبال المعلومات ونشـرهـا إلى جميع أنحاء العالم؛ مما دفـع المستخدم لاقتنائها فـي وقـت كـان استعماله يقتصر على وسائل الإعلام التقليدية. ويوضح: الإعــلام الإلكترونـي أعطـى مستخدميه فرصا أكبر للتأثير بلا قيود ولا رقـابة إلا بشكل نسـبي محــدود، وتأثيره لم يتصوره محللو وخبراء الاعـلام.

وأضاف البلوشي: تأثير وسائل الإعـلام الإلكتروني ينمو بشكل متزايد وغير مسبوق، رغـم أنَّه ليس له مصدر محـدَّد ولا مكان معلـوم، وقـد لا ينصُّ على الحقيقة المطلوبة، والتي في كثير من الأحيان ينقصها الدقـة والمصداقية واعتمادها علـى مصدر "يقولون"، وبالمقابل المعلومات الصادرة عــن المؤسـسـات الإعـلامية التقليدية -المطبوعـة والمسـموعـة والمرئية- دون شـك هـي الأكـثر مصـداقية ومصـادرها مـوثـوقة.. ويتساءل البلوشي قائلا: هل ستستفيد المجتمعات من الإعلام الالكتروني؟. وفي الوقت ذاته يجيب على سؤاله قائلا: أقول نعم؛ الاستفادة كبيرة، فهذه الوسائل نعمة من نعم الله اذا استغلت اســتغلالا صحيحا، سيمكنك إنتاج مادتك الإعـلامية ونشرها بكل يسـر وسـهـولة أو يمكنك إنتاج مادتك الإعـلامية بالصوت والصورة ونشـرهـا، وأيضًا مـن ضمن المميزات قلة التقييد الإعلامي في النشر الإلكتروني، وسرعة الوصـول للمادة الإعلامية فــي أي وقت وأي لحظة تريدها. وبالمقابل، هناك عُيوب تظهر جليًّا في الإعلام الجديد؛ منها: تدني مستوى المسؤولية؛ حيث كل ما يُنشر قد لا يكون صحيحًا، وقد يكون فيه هدف تشويه أو إثارة ضجة؛ وبذلك بدلًا من أن تكون ذات فائدة ستكون وبالًا على المجتمع، إضافة إلى انعدام القيد الديني والاجتماعي الذي قد يؤدي إلى سلبيات كثيرة، ويمكن القول بأن الإعلام الجديد إما أن يكون خطرًا لنشـر الفساد أو فرصـة لكسـب الأجـر وتحقيق المنفعة للمجتمع.. وتابع: الإعـلام الجـديد تميز بالحـرية بمختلف أشكالـه وأدواته؛ مما سـمح له بأن يحتل مكانة مـرمـوقـة في أوسـاط المسـتخدمين وصلت حدَّ الإدمان أحيانًا، حيث يقضي الكثير من المستخدمين ساعات طوال على الشبكات الاجتماعية دون فائدة تذكر أوهدف محدد.

 

الإعلام والتواصل

ويشاركه الرأي سليمان البوسعيدي؛ الذي قال: لا شك أنَّ "الإعلام الإلكتروني" أصبح واقعا في حياتنا لا مفر منه، وجزءا من حياتنا اليومية؛ الأمر الذي يُحتم علينا التنبه لهذا الأمر ومعرفة الجوانب الإيجابية والسلبية له .كما نعلم أنَّ الإعلام الإلكتروني له جوانب وأبعاد إيجابية وسلبية يحددها مستخدمو هذه البرامج، وكل مستخدم يحدد ماهية البرامج المستخدمة.

حسن بن عبدالكريم البلوشي يؤكد أنَّ الإعلام الإلكتروني أصبح من الضروريات في عصرنا الحاضر؛ حيث أصبح ملازمًا للفرد في عمله وخلوته، وأصبح من الصعب الاستغناء عنه؛ حيث يجعلك في الصورة أولا بأول، بل ويجعلك في قلب الحدث أحيانا وأنت على بُعد آلاف الأميال.

بينما قال حسن البلوشي: الإعلام الإلكتروني سيخدم الناس إذا وظفوه بالطريقه الإيجابية، ولكن مسأله النسخ واللصق وإرسال كل معلومة أو رسالة أيًّا كان نوعها من أجل الإرسال فقط، أعتقد أنه من السلبيات التي يجب أن يتجنبها الناس.

عبدالولي الحجناني -من اليمن- أؤكد أنَّ الإعلام الإلكتروني فرض واقعاً إعلاميا جديدا بكل المقاييس؛ حيث انتقل بالإعلام إلى مستوى السيادة المطلقة من حيث الانتشار، واختراق كافة الحواجز المكانية والزمنية والتنوع اللامتناهي في الرسائل الإعلامية والمحتوى الإعلامي، لما يملكه من قدرات ومقومات الوصول والنفاذ للجميع، وامتداده الواسع بتقنياته وأدواته واستخداماته وتطبيقاته المتنوعة على الفضاء الإلكتروني مترامي الأطراف.

 

الشائعات والأخبار الملفقة

أما سعيد خليل -من سوريا- فقال: يُعرَّف الإعلام الإلكتروني بأنه وسائل النقل الالكتروني؛ وقد كان في أواخر القرن الماضي عملية النقل هذه تستغرق وقتا كبيرا لتصل إلى باحثيها، ومما يجدر الحديث عنه والتوجيه له هو أن هذه الوسائل أغلبها هي أهم الأماكن التي تجد فيها الشائعات والأخبار غير الدقيقة، بيئة رائعة لتنمو فيها، ومع عدم الوعي بهذه الوسائل من قبل شريحة من الشباب نجد أنَّهم ينقلون ما يتلقون دون تأكد أو تفحص من المنقول، علاوة على أنَّه في كثير من الأحيان تنقل المعلومة دون قراءة من صاحبها، وتأتي هذه الوسائل لتكون حربا جديدة من حروب هذا العصر التي يُستفاد منها، لاسيما في الشائعات المغلوطة؛ فكلُّ وسيله في عصرنا لها دورها الإيجابي الكبير، لكن حين تستعمل في الجانب السلبي ربما تكفي لسحق كل إيجابياتها التي تكمن فيها.

تعليق عبر الفيس بوك