خور الحمام وأخواتها

سيف بن سالم المعمري

مشروع النظام الموحد للعنونة بالسلطنة من المشاريع ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والتنموية وقد تمّ مطلع الشهر الجاري اعتماد المشروع، والذي يعتمد على أفضل الممارسات والتطبيقات العالمية ويأتي ضمن سعي الحكومة للتحوّل الرقمي وربط جميع المؤسسات الحكومية بقاعدة بيانات واحدة تسهل للمستخدم الاستفادة من تلك الخدمات بصورة ميسرة وبعمليّات مختصرة، ونتمنى أن تتم المسارعة في تنفيذ المشروع وذلك لأهميّة الخدمات التي سيوفرها النظام الموحد للعنونة للمستثمرين والسياح القادمين إلى السلطنة من خلال توفيره لمعلومات الملاحة الجغرافية.

ورغم أهميّة المشروع إلا إنّه تأخر كثيراً وكان المفترض أن يكون التطبيق قبل أربعين عاما على أقل تقدير، وفي الجانب الآخر هناك موضوع ذو علاقة مباشرة بمشروع العنونة والذي لا يقل أهمية عنه، خاصة إذا ما علمنا عن تطلعات السلطنة في أن تصبح واجهة اقتصادية وسياحية في المنطقة، وبالتالي بات من الأهمية البالغة أن تعيد الجهات المعنيّة النظر في أسماء بعض المناطق في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة والتي لا ترمز المئات منها إلى دلائل تتناسب والنهضة الشاملة التي تشهدها السلطنة والتطور الملحوظ في البنية الثقافية والعلمية والمعرفيّة للمجتمع العُماني.

وقد استوقفني أحد مقاطع الدراما العُمانية والمتداول في مواقع التواصل الإجتماعي والتي ذكر فيه اسم إحدى القرى وهي "خور الحمام" والكثير ممن شاهد المقطع كان يعتقد أنّ التسمية غير موجودة في قائمة القرى العُمانية لكل الحقيقة غير ذلك فهناك خور الحمام وهناك أخواتها.

فما دلالة تسمية خور الحمام بذلك، وفيها خيرة الشباب المتعلم والمثقف الواعي ومن يسمع ويرى اسم هذه القرية سيظن وللوهلة الأولى أنّ المكان المقصود عبارة عن مكان سياحي تكثر فيها طيور الحمام والخور كلمة يقصد بها مسطح مائي ساحلي يأخذ شكل خليج شبه مغلق، يصب فيه نهر أو مجرى مائي من جهة، ويتصل بالبحر من الجهة الأخرى، تمتزج فيه المياه المالحة بالمياه العذبة، وبالتالي أليس من الأهمية أن يعاد النظر في هذه التسمية.

وهناك أمثلة أخرى قد لا يتسع المجال لذكرها وهي موجود في السلطنة وتتمحور معانيها حول مسميات لأعضاء من جسم الإنسان أو أسماء لحيوانات أو مرافق معينة أو صفات غير مهذبة وهي متداولة بين أبناء المجتمع ونحو ذلك الكثير، وسنذكر بعضا منها: فقرية الزروب بولاية البريمي من القرى التي يجب أن يتم أعادة النظر في تسميتها، وهي قرية مأهولة بالسكان وقد تهيأ لها من خدمات النهضة المباركة ما تهيأ لغيرها من قرى السلطنة لكن تسمية القرية بالزروب يتطلب إعادة النظر فيها خاصة أن كلمة "الزروب" يقصد بها في المحيط اللغوي المحلي أنّها المكان الذي يتم فيه تجميع المواشي، وهناك قريتا حيوان والشياه في ولاية محضة وهي تشير إلى أسماء لصنف من الأحياء وهي الحيوانات، ونوع من الحيوانات وهي الشاه أو الماعز.

وفي ولاية شناص هناك قريتا أبو بقرة والعقر فهل يعقل أن يتم تسمية قرية أبو بقرة بهذا الأسم وفيها من خيرة الشباب علميًا وثقافيًا ومهنيًا وكذلك العقر التي لها معاني كثيرة منها: الذبح، والمرأة التي لم تلد وغيرها من المعاني والتي لا تتناسب وحجم التنمية التي تحظى بها القرية في عهد النهضة المباركة.

وفي ولاية صحار هناك قرية الحظيرة ومعناه في المحيط اللغوي المحلي المكان الذي يتم فيه تجميع المواشي، وقرية الحجرة وتعني أحد مرافق المنزل العُماني، بالإضافة إلى قرية الصويحرة وهي تصغير لكلمة صحراء والصحراء هي: أرض فضاء واسعة فقيرة الماء، والذي يزور قرية الصويحرة يرى أنّ تسميتها لا تتناسب وواقعها المعاصر.

وفي ولاية صحم هناك قرية أبو الضروس وكلمة "الضروس" تعني: الأسنان وقرية أم الجعاريف، وكلمة الجعاريف: تعني: صغار النمل، وقرية الردة، وكلمة الردة تعني: العودة إلى الوراء، وخور الملح، وكلمة الملح تعني ملح الطعام وهناك قرى أخرى بالولاية.

وفي ولاية السويق هناك قرية المنفش وكلمة المنفش بالمحيط اللغوي المحلي هي صفة بذيئة للشخص وفي ولاية الرستاق هناك قرية عيني، ولو كانت التسمية بكلمة العين ربما تكون أكثر استساغة، وقرية كلبوة في محافظة مسقط وهي تصغير لأنثى الكلب وهو من الحيوانات المستأنسة.

تلك نماذج بسيطة جدا من مئات القرى والتي على الجهات المعنية أن تعيد النظر في مسميّاتها والتي لا تتناسب والتطور الذي تشهده السلطنة وبالتالي لماذا لا يتم تشكيل لجان محلية في كل ولاية تقوم بدراسة تلك المسميّات واستبدالها بمسميّات جديدة تليق ووضع المجتمع العُماني وثقافته وسعة إطلاعه.

فهل ستبقى خور الحمام وأخواتها بتلك التسميات أم أنّ للجهات المعنية رأيا آخر؟

Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك