هل نحن بحاجة إلى زي عُماني هجين؟

 

الزي من مفردات الهوية العُمانية وسمة حضارية للإنسان العُماني، ورغم ثراء التراث العُماني بالأزياء التقليدية الرجالية والنسائية إلا أن تلك الأزياء تشكل علامة بارزة وخصوصية فريدة للإنسان العُماني.

ومما يؤسف له حقاً أننا أحيانا نرى فئة قليلة من شبابنا لم يحسنوا التقدير في التمسك بإحدى أهم مفرادت هويّتهم العُمانية الأصيلة والتي تتمثل في عدم ارتدائهم للباسهم التقليدي العُماني كما ينبغي، ومن خلال هذا الطرح سأتحدث عن صور تشويه اللباس العُماني من قبل بعض شبابنا وسأخصص الحديث عن الزي التقليدي للرجل العُماني، حيث أنتشرت خلال السنوات القليلة الماضية ولا تزال في توسع ملحوظ عدم تقيد فئة قليلة من الشباب العُماني بلباسه التقليدي في عدة صور وسأستعرض بعض تلك الصور، فالصورة الأولى تتمثل في عدم اكتراث فئة قليلة من الشباب العُماني لارتداء الدشداشة والمصر أو الكمة العُمانية فتراهم يرتدون البيجامة أو ما تعرف عند البعض بملابس النوم ويتجولون بها في الأسواق والأماكن العامة والحدائق والمتنزهات، والبعض يلبس الكمة أو المصر العُماني مع البيجامة ويتنقل من ولاية إلى أخرى بل البعض الآخر يعبر بذلك اللباس إلى دول الجوار ويتجوّل في مراكزها وأسواقها التجارية وقد شاهدت مراراً المواقف الكثيرة لنماذج من أولئك الشباب بتلك الهيئة السلبية في المنافذ الحدودية بدول الجوار وهم يخلصون اجراءات السفر.

وفي الصورة الأخرى ترى صنفًا من الشباب ممن يرتدون الدشداشة العُمانية والكاب أو الكبوس (غطاء الرأس) ويتجولون بها في الأماكن العامة والمراكز التجارية بل والبعض يعتبرها اللباس الرسمي ويذهب إلى مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة لقضاء معاملاته.

فيما تتمثل الصورة الثالثة في اللباس غير المحتشم والمتمثل في لبس القميص والشورت (البنطال القصير) ويتجول بها كما يشاء في الأماكن التي تم ذكرها في الصورتين السابقتين دون احترام وتقدير للآخرين خاصة في الأماكن العامة التي تكون متنفسا للأسر والأطفال والنساء كالمراكز التجارية والحدائق والمتنّزهات.

وللأسف الشديد تلك الصور هي نماذج لتشويه صورة اللباس العُماني الأصيل (الدشداشة والمصر أو الكمة العُمانية) وهو اللباس الرسمي والذي من المفترض أن يكون التقيد به ليس ملزما للموظف في مؤسسته أو الطالب في جامعته أو معهده أو مدرسته بل حتى المراجع لتلك المؤسسات والمواطن بشكل عام بعد خروجه من منزله في أي وجهة كان هو موليها.

إنّ مشاهداتنا لأؤلئك الشباب بتلك الصور تبعث الحزن والأسى حيث إن عدم اكتراثهم بلباسهم العُماني الأصيل والذي يعد سمة بارزة في شخصية الإنسان العُماني ويُعرف بها حيثما حل وارتحل، فهي بحاجة إلى تشخيص هذه الظاهرة والبحث عن أسباب انتشارها.

ولعل البعض يقول لك: هذه حريّة شخصية ولكل شخص الحق في ارتداء ما يشاء، ونقول في ذلك إن النظام الأساسي للدولة في سلطنتنا قد كفل للإنسان العُماني حريته وحقوقه وواجباته، وفي الجانب الآخرى لم يترك باب الحرية بشكل مطلق بل حدد الحد الأدنى في ذلك من خلال احترام النظام والآداب العامة والهوية العُمانية النابعة من الدين الإسلامي الحنيف وعادات وتقاليد المجتمع العُماني وتراثه الحضاري.

نعم.. ربما تكون فئة قليلة من الشباب العُماني ممن انحازوا إلى تلك الممارسات الخاطئة في ارتداء الأزياء الدخيلة على المجتمع العُماني ومحاولتهم مزجها بالزي الأصلي والمعروف لجميع أبناء المجتمع، لذا علينا أن نستشعر خطورة تلك الممارسات الخاطئة وأهمية التصدي لها وتبصير الشباب بالتمسك بمورثهم الحضاري والحفاظ على الزي العُماني التقليدي والذي توراثته الأجيال جيلا بعد جيل.

كما يجب عدم التساهل مع أي محاولات تفضي إلى التقليل من العمق الحضاري للسلطنة والتنوع الثري في مفردات التراث العُماني في الجوانب الثقافية والاجتماعية والفنية والمجالات الأخرى والأزياء العُمانية بجميع تفاصيلها وتكويناتها ستظل صامدة بجمالياتها وخصويتها متى ما تشبث الإنسان العُماني فيها وحرص على بقائها. فهل أدركت الجهات المعنيّة خطورة تلك الممارسات التي تحاول العبث بالزي التقليدي للرجل العُماني؟ ألا يعد الزي التقليدي للرجل العُماني من السمات البارزة للشخصية العُمانية والتي عُرف بها الإنسان العُماني حيثما حل وارتحل؟ هل نحن بحاجة إلى زي عُماني هجين أم أنّ للجهات المعنية كلمة الفصل؟

 

 

بقلم: سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك