البكاء على عتبات حرية الصحافة!!

مسعود الحمداني

(1)

الصحفي حرٌ في (قول) ما يريده، و(المدّعي) حرٌ في (فعل) ما يريده.. (حرية) ضمن إطار القانون، وبين الفعل والقول تبقى الحقيقة معلقة إلى أن تثبت إمّا إدانة الصحفي، أو قفل باب القضية!!..

(2)

هل يحتمل الصحفي والكاتب كل هذا الضغط؟!!..

هو يكتب، والمدّعي يطارده، المدّعي قد يكون: شخصا لا دخل له بالأمر، وقد يكون مجتمعا لا يفهم دور الصحفي، وقد يكون أحد (أوصياء الدّين) الذين يهمهم الإبقاء على السلطة التكفيرية في يدهم، كل هؤلاء يقيّدون حرية الكتابة.. بينما يقف الكاتب وحيدا مع مجموعة من (الظانين به حسن الظن)!!.

(3)

في المقابل.. هل كل ما يكتبه الكاتب والصحفي صحيح؟..وهل هو فوق سلطة القانون كي يقول ما يريد دون أن يحاسبه أحد؟..

إذا كان له الحرية في قول ما يريد.. فمن العدالة أن يكون للآخرين حق الدفاع عن أنفسهم، هذه ببساطة معادلة عادلة، لا أحد فوق القانون، وإلا لتحوّل المجتمع إلى مجموعة من الكتّاب الذين يشيعون الفوضى في كل مكان دون رقيب (ذاتي).

(4)

وفي مقابل المقابل.. هل يُفترض أن يثبت الصحفي كل ما يكتبه بالبراهين، والأدلة العقليّة والنقلية وهو يحاول أن يرشد جهة أو مؤسسة رسمية إلى خطأ أو ممارسة غير صحيحة جاءته عبر ألسنة الناس أو عايشها بنفسه، حتى وإنْ كانت هذه الممارسة غير متواترة، أي أنها كانت فردية وشاذة، ولا تمثل نهجًا عاما للمؤسسة؟!!

أعتقد أن مطالبته بإثبات كل حالة هو بمثابة قيد آخر لا يساعد الصحافة على أداء دورها، بل أنه يجب في هذه الحالة أن تثبت المؤسسة (المتضررة) خطأ إدعاء الصحفي، عبر أدلة النفي، لا أن تطالبه بأدلة الإثبات، وهو أمر قائم في كثير من الدول الديموقراطية.

(5)

مسألة أن يفصح الصحفي عن مصدر معلوماته، يضع الصحافة في فخ التقييد، فعُرْف الصحافة لا يقر إفشاء اسم المصدر، وهذا أمر معروف عالميًا، وهو ما يجعل من الصحافة عنصر حماية للأفراد الذين لا يجدون غيرها وسيلة للإدلاء بمعلوماتهم، أمّا أن نطالب صحفيًا ما بـ (الوشاية) بمصدره فذلك انتهاك آخر لحرية الصحفي والصحافة، وقيد آخر لها.

(6)

لا للحرية المطلقة للكاتب.. لا للمساءلة المطلقة للكاتب..

نحتاج إلى تقنين ما نكتب، عبر مفهوم واضح لحرية الكتابة، لا تتداخل مع خصوصيات الآخرين، ولا تتنافى مع (نبش) خصوصيات المؤسسات، ودون مساس بالأشخاص، إلا بوجود الدليل..

أعني.. بشكل أكثر وضوحا.. أنّه من المهم بل من الواجب المهني والصحفي أن ننتقد الممارسات الخاطئة في المؤسسات دون تحفظ، ودون الحاجة إلى دليل إثبات، بل إنّ على هذه المؤسسات أن تثبت دليل براءتها..

(7)

وفي الجانب الآخر لا يجب أن نمس الأفراد، أو الأشخاص المسؤولين أو غيرهم دون وجود دليل إثبات قطعي، ومستندات كافية تعصمنا من الوقوع في قبضة التعسف الإداري الذي يمارسه بعض المسؤولين المتنفذين، والذين يعتقدون أنهم فوق مستوى المساءلة، والقانون..

بهذه المعادلة يجب أن يُصاغ قانون جديد وواضح للمطبوعات والنشر.. يحمي الصحفي من تسلّط المسؤول، وتحمي المسؤول من (تعسّف) الصحفي.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك