تمرد لاعب الكرة على الرجل المريض

أحمد السلماني

طالعتنا وسائل الإعلام قبل أيام قلائل برسوم بيانية عبارة عن مؤشرات لتصنيف منتخبات العالم لكرة القدم وفق التصنيف المعتمد للاتحاد الدولي FIFA لها وعلى امتداد 15عامًا حيث بدأ منتخبنا الوطني الألفية في مسار تصاعدي طفيف إلا أنّه في العام 2004 شهد الأحمر طفرة هائلة قفزت بالمؤشر للأعلى إبان التألق بكأس آسيا ووصافة كأس الخليج رغم عدم الاعتراف بها فضلا عن التميز قبل ذلك في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا وتصدر مجموعته ليأتي الشمشون الكوري خلفه.

واستمر الوضع ما بين مد وجزر وصعود وهبوط ولكن وبالمجمل كان المؤشر يتصاعد حتى العام 2008 ليشهد المؤشر هبوطاً حادًا ولم يبق شذرا أو مدرا إلا وخاض في كيفية تشخيص حالة الكرة العمانية وبدأ كلٌ يدلي بدلوه حتى ذلك الذي لم يلمس الكرة يومًا، فهذا يحمل اتحاد الكرة المسؤولية وذاك يذم الأندية وحتى وزارة الشؤون الرياضية واللجنة الأولمبية لم تسلما وقبل هؤلاء جميعًا وضع مدرب المنتخب وجهازه الإداري والفني شماعة والتلة الصغيرة التي بإمكان حتى العاجز الصعود عليها ومنها، وحررت وصفات وعلاجات كلها لم تفلح بل شهدت حالة الرجل المريض تراجعًا.

لكن المذهل في الأمر أنّ سهام النقد كلها تتجاوز اللاعبين، وأنا لا أتحدث هنا عن لاعبي المنتخب فقط فهؤلاء قبل ذلك كانوا لاعبين في فرق أهلية وأندية بل إن هذه السطور كلها موجهة إلى كل من يداعب كرة القدم اليوم سواء في الحارة أو الشاطئ أو المدرسة أو النادي، رسالة تحمل حبر الشقاء ودم الجروح، تحمل حلماً تاه بين أروقة المؤسسات الرياضية والملاعب العمانية والبطولات الإقليمية والقارية ليسعد يوما ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث وليس هناك من بارقة أمل في ذلك.

ونكتب لنبث ألمًا ولكن نحمل أملاً في اللاعب العماني في أن يتمرد على هذا الواقع السيئ في الفريق والنادي والمنتخب وذلك لن يتأتى إلا إذا تحلى هذا اللاعب بثقافة كروية عالية تؤهله لأن يبني نفسه بنفسه ويفرض على المؤسسات آنفة الذكر إلى التحلي بروح المبادرة هي الأخرى لترقى بواقعها الحالي وتطور من دورة العمل بها وبنيتها الأساسية من ملاعب وفرق واهتمام بالنشء وتدرج اللاعب وجلب المدربين والاختصاصيين وما أكثرهم من أجل النهوض بواقعها ولنا في نادي صور المتألق هذا الموسم كروياً بتواجده في نهائي الكأس ووصافة ترتيب الدوري حاليًا مثالاً في بناء وتأسيس اللاعب والفرق السنية بالنادي فالتشكيلة الحالية تم تكوين نواتها العام 2006م، وبعد 9 سنوات من الصبر ورغم خلو القائمة من الأسماء الرنانة ها هم يجنون ثمار ما زرعوا ويحصدون وسيحصدون الثمار مواسم قادمة.

إنّ بناء لاعب كرة القدم لنفسه صار ضرورة ملحة لافتقاده ذلك في ناديه وله في لاعبين أمثال الأمين الحبسي والعجمي والحوسني وربيع وعايل ودوربين وغيرهم من ذلك الجيل الذهبي مثالاً مع فارق في أن هذه الزمرة وجدت أرضية قوية وأبصرت نورًا في آخر الطريق فسارت باتجاهه بعزيمة وقادة وثابرت واجتهدت بنفسها وشقت طريقها نحو الألق والنجومية ولم تنتظر أن يأخذ أحد بيدها بل اتجهت نحو الاحتراف الخارجي وعاشت في بيئة بعضها احترافي وأخرى شبه احترافية لتعيش الكرة العمانية أزهى وأبهى عصورها يوم أن كان الـ 11 لاعباً في ملعب المباراة كلهم محترفون.

ولمن أراد أن يقتدي بهؤلاء أو كبار نجوم الكرة العالمية فقبل كل شيء عليه أن يتأكد من مدى شغفه وولعه بكرة القدم وأن يسعى ولي أمره إلى أن ينمي الوعي الثقافي لكرة القدم وقيم الصبر والمثابرة والمبادرة كذلك ولمن يحبون هذه الرياضة ويحبون تعلمها لامتلاكهم مواهب في لعبة كرة القدم، فمن المهم في البداية تعلم مهارات كرة القدم الأساسية ففي البداية يجب إتقان التحكم والسيطرة على الكرة أثناء الركض وأثناء الوقوف فجميع لاعبي كرة القدم المحترفين تكون الكرة جزءاً من جسدهم أثناء اللعب، أمّا المهارة الأساسية الأخرى المطلوب تعلمها أثناء لعب كرة القدم فهي تمرير الكرة بين أفراد الفريق وبدقة كبيرة جداً وتعلم كيفية رمي الكرة بالطريقة الصحيحة وبدقة عالية جداً عن طريق التدريب المستمر على رميها.

كما أنّه من المهم جداً أيضاً تعلم المهارات الدفاعية وكيفية الاستحواذ على الكرة من الفريق الخصم من دون ارتكاب المخالفات، وبعد التدرب على هذه المهارات جميعها يجب التدرب على أن تكون الكرة جزءاً من أجزاء الجسم فيجب التحكم بها عن طريق جميع الأجزاء المسموح بها في الجسد كالكتف والرأس، ومن ثم يمكن التدرب على مهارات الكرة الأخرى كالرميات الحرة والرمية الركنية والجزاء.

ومن المهم أيضاً من أجل لعب كرة القدم التدرب على تمارين اللياقة البدنية فلعبة كرة القدم تحتاج إلى بذل مجهود كبير ولياقة بدنية عالية من أجل الركض المستمر وبسرعة كبيرة، كما أنّه من المهم أيضاً الاهتمام بتمرين عضلات الجسد المختلفة وخاصة الساقين ومرونتهما للتمكن من رمي الكرة بقوة ودقة والتحكم بها بشكل كامل.

لست متخصصًا في الجانب الفني أو حتى إداريا ولكنني اجتهدت في أن أضع النزر اليسير من أساسيات اللعبة فقط حتى لا أتهم بالتنظير فكل ما سبق هي دعوة صريحة لأن نبني أجيالاً لا تكترث لأزمة الكرة الحالية وأن تتمرد على واقعها المرير هذا من تطفل كثيرين على كرة القدم فأساءوا للكرة وتسببوا في تراجعها فهلا تجاوز لاعب الكرة اليوم كل هؤلاء ومؤسسات كرة القدم وبنى نفسه بنفسه حتى ولو اضطر إلى أن يهاجر ويطرق باب بيئة كروية تعنى به وتعده للمستقبل وقبل كل ذلك أن يدرك معنى أن يرتدي فانيلة شعارها سيفين والخنجر عمانية.

تعليق عبر الفيس بوك