ماذا بعد "كومكس 2015".. ؟

سيف المعمري

saif5900a@gmail.com

أسدل الستار في الأول من مايو الجاري على فعاليات معرض الاتصالات وتقنية المعلومات "كومكس 2015" بمركز عُمان الدولي للمعارض وبمشاركة 35 مؤسسة حكومية من داخل السلطنة وخارجها و150 شركة متخصصة.

وتضمّن المعرض ثلاثة أقسام رئيسية، حيث عني القسم الأول بـ"عُمان الرقمية" وفيه قدمت المؤسسات الحكومية خدماتها الإلكترونية فيما جاء القسم الثاني حول "كومكس الأعمال" وشاركت فيه الشركات المتخصصة في الاتجاهات الجديدة، والناشئة في مجالات الألياف الضوئية والحوسبة السحابية والحلول المتكاملة في تقنية المعلومات والاتصالات، بينما جاء القسم الثالث تحت عنوان "كومكس التسوق" والذي تمّ خلاله عرض أحدث الأدوات والأجهزة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات.

والزائر للمعرض يلحظ الطفرة المعلوماتية التي يشهدها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وسعي المؤسسات الحكومية في السلطنة إلى التحول الرقمي، إلا أن الجهود المبذولة لا تزال بطيئة جدا وبحاجة إلى إعادة نظر من قبل الجهات المعنية في السلطنة.

نعم.. كانت الكلمة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في مجلس عُمان عام 2008 إيذانا ببداية الاستراتيجية الوطنية لمجتمع عُمان الرقمي حيث جاء في حديث جلالته بالمجلس: "لقد أكدنا دوما على أهمية العلم والمعرفة وكان نهجنا المتواصل هو الانفتاح على مستجداتهما، ولقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الاساسي لعجلة التنمية في هذه الألفية الثالثة لهذا أولينا اهتمامنا لايجاد استراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الالكترونية، ونحن نتابع عن كثب الخطوات الهامة التي تمّت على هذا الصعيد وندعو جميع المؤسسات الحكومية للمسارعة إلى تعزيز أدائها وتيسير خدماتها بواسطة التقنية الرقمية متطلعين إلى الارتقاء بالسلطنة إلى آفاق المعارف الحديثة المتجددة".

نعم.. هناك جهود مبذولة من هيئة تقنية المعلومات لتفعيل الاستراتيجية الوطنية من أجل أن تصبح عُماننا رقمية من خلال مجموعة من المبادرات النوعية، وقد حققت تلك المبادرات الكثير من أهدافها ولعلّ من أهمها محو الأمية الرقمية للمواطنين بالسلطنة والتوعية بالأهمية الاقتصادية والاجتماعية للتحول المعرفي ومواكبة التطورات المتسارعة في المجالات التقنية في العالم.

كما إنّ جائزة السلطان قابوس للإجادة في الخدمات الإلكترونية تعد منصة للتنافس والإبداع وتقديم الخدمات الإلكترونية النوعية والتي تسهم في تبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وسرعة الإنجاز لمختلف المعاملات وربط الخدمات الإلكترونية مع بعضها البعض في إطار مشروع الحكومة الإلكترونية.

واليوم أصبحت الأجهزة الإلكترونية بمختلف استخداماتها كالحواسيب بأنواعها والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية في كل بيت عُماني وأصبح المجتمع يتابع عن كثب التحديثات والجديد منها أولا بأولا وهو ما يفسر الأقبال الملحوظ الذي شهده معرض كومكس2015 وكذلك المعارض التقنية الأخرى التي تشهدها السلطنة.

لذا أصبح لدى المواطن العُماني القدر الكافي من الإلمام باستخدام الأجهزة الإلكترونية كالحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وبات المواطن أكثر إلحاحا على الجهات المعنية بتفعيل الحكومة الإلكترونية وتسهيل المعاملات المقدمة له.

لكن التحدي الذي لا يزال ماثلا لجميع المؤسسات الحكومية في السلطنة للتحول المعرفي يتعدى الموارد البشرية ومراحل التأهيل والتدريب ووجود الكفاءات العُمانية الرائعة في مجالات التقنية إلى ضعف البنية التحتية لشبكة الاتصالات وعدم كفاءتها وندرتها في أماكن كثيرة من السلطنة، وربما تنظر الشركات المزوّدة للخدمة في السلطنة للجدوى الاقتصادية والربح السريع، وهذا بلا شك غير مقبول.

فالمسؤولية الاجتماعية والمساهمة في تحقيق تطلعات الحكومة في بناء المجتمع المعرفي يجب أن يحظى باهتمام شركات الاتصالات ومزودي الخدمة في السلطنة، وأن تكون هناك رؤية واضحة وشاملة ومعلنة للبنية التحتية للاتصالات في السلطنة وتتماشى مع التطور العالمي المتسارع لهذا القطاع.

ترى ماذا تحقق في التحول المعرفي بالسلطنة منذ عام 2008 حتى الآن، وهل ما تحقق يتناسب وحجم الجهود المبذولة، ولماذا لا يكون هناك جدول زمني للتحول للحكومة الإلكترونية؟، ومن المسؤول عن بطء تحقيق تطلعات الاستراتيجية الوطنية للتحول المعرفي في السلطنة؟ وهل تدشين مواقع إلكترونية للمؤسسات الحكومية دون تفعيل الخدمات والمعاملات للمواطنين يعد كافيا ويُحسب كتحول للحكومة الإلكترونية؟ ولماذا لا يكون معرض كومكس نقطة تحول وتقييم سنوي للمراحل التي حققتها السلطنة في الحكومة الإلكترونية وبداية انطلاق نحو المراحل التالية منها؟ وأخيرًا ماذا بعد كومكس 2015؟.

تعليق عبر الفيس بوك