حين تصبح "الله أكبر".. علامة إرهابية!

مسعود الحمداني

"الله أكبر".. جملة أصبحتْ ترعب الغرب والشرق على السواء، وأصبح مُجرَّد ترديدها في مكان عام مُرتبطا -لا شعوريًّا في أذهان الناس في تلك الدول- ببدء تنفيذ عملية انتحارية، أو بذبح رهينة، وعلى أثرها تتخذ المطارات في العالم كلَّ التدابير الأمنية، وتستعدُ فرق الطوارئ والإرهاب للتدخل الفوري، وتُشحذ خلفها السكاكين، ويقفُ لها شعر ضباط الشرطة في أحياء أوروبا وآسيا، وتدوي بعدها صفارات الإنذار في كل مكان.

أصبحتْ هذه الجُملة النورانية العظيمة مبعثا للخوف والرهبة في القلوب، وباتت هي العلامة المسجلة قبل كل عملية "ذبح" بالسيف، وبعد كل تفجير دموي يذهب ضحيته الأطفال، وخلف كل عملٍ ينسلخ عن الآدمية والإنسانية، وأصبحنا نسمعها في نشرات الأخبار في الأشرطة المصوَّرة التي تبثها التنظيمات الإرهابية بعد تفجير مستشفى، أو تدمير مطعم، أو نسف منزل مسلمين، أو بيع "سبايا" ديانات أخرى، أو ذبح أطفال رضع!

"الله أكبر".. يُردِّدها الظلاميون، وقتلة المسلمين، في كل حين، بعد وضوئهم، وحين صلواتهم، وقبل الاستعداد لتنفيذ حكم الذبح في شخص آخر خالفهم الرأي أو المذهب، يرددونها وهم يحرقون مسلما آخر، يرددونها وهم يعتقدون يقينا أنهم على الحق، وأن ما يفعلونه سيقربهم من الله زلفى، وأنهم بعملهم ذلك سيدخلون الجنة دون حساب، لينعموا بالحور العين، والغلمان المخلدين، ولكم أن تتخيَّلوا تلك الجنة "الحمراء" الملطخة بدماء الأبرياء، وسافكي أرواح النساء، والأطفال، وهم يجولون في أروقة الفردوس بسواطيرهم، وسكاكينهم، وبنادقهم الآلية، يفتشون عمّن يذبحونه من الطوائف الأخرى!

"الله أكبر".. هذه الجملة العظيمة التي لها كل المهابة والعظمة، أصبحت جزءا من سلوك إجرامي يُمارسه من يَعْتقدون أنَّ غيرهم على باطل، وأنهم هم الفرقة الناجية، وأن من سواهم "كفرة" وفجرة يجب اجتثاثهم، وأن من ليس معهم فهو عليهم، وأن الإسلام الذي "يمتهنونه" هو الإسلام الحقيقي الذي نزل به الوحي، وأن كل من لا يسير في فلكهم هو في النار، وأنه على يديهم الملطخة بالدم ستطهر الأرض، وسيعم السلام، وسيسود العدل!

"الله أكبر".. هي الجملة التي دنّس طهرها القتلة، وجعلوها علامة مُسجَّلة لكل جريمة في حق الآخرين، وألصقوا بها تهما مليئة بالإرهاب الذي يمارسونه في حق الدين قبل أنفسهم، وأصبح "الكفرة" لا حاجة لهم لما كتبه سلمان رشدي أو تسليمة نسرين، أو لرسم رسوم مسيئة للرسول الكريم لأن "التنظيمات الظلامية المدعية للإسلام والناشرة لإباحة الحرمات" وفَّرت عليهم مشقة هدر الأموال أو عناء الكتابة عن دينٍ ينتهج أتباعه سياسة القتل المجاني لكل من يخالفهم المعتقد والفكر والمذهب والطائفة؛ حتى صارت هذه التنظيمات أسوأ بوق إعلامي يمكن أن تصنعه وكالة مخابرات في العالم.

"الله أكبر".. يقولها الطيارون العرب وهم يقصفون بلدة آمنة، ليسوّوها بالأرض، وهم على يقين بأنهم "شهداء" إن ماتوا وأن الطرف الآخر يستحق القتل والنار، وزيّن لهم علماء "الدين" الذين يحرّفون الكلم عن مواضعه ذلك الأمر، ولو أراد الحاكم أن يغيّر سياسته لتغيّرت معه تعاليم علمائه.. وتغافل هؤلاء العلماء وهذه التنظيمات التكفيرية عن قول الرسول الكريم لأحد الصحابة: "إذا التقى المسلمان بسيفهما؛ فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟..قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه".

... كيف يُمكن لإنسان أن يقتل إنسانا آخر باسم الله والدين، ثم يذهب للصلاة بكل براءة، وهو يردد بخشوع: "الله أكبر"؟!!

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك