عمان والإمارات.. وشائج ومصير مشترك

مدرين المكتومية

الوشائج والقواسم المشتركة التي تجمعنا بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة أكبر من أن تحصى أو تختزل في هذا المقال.. فهي علاقات راسخة تضرب بجذورها عميقًا في باطن تربة الأخوة والدم، وقديمة قدم الجغرافيا والتاريخ الذي يجمعنا في رابطة القربى والنسب والدين واللغة.. فكلها تلك عوامل أصيلة من شأنها أن ترسّخ لعلاقات أقوى وأقوى، حيث لم تألُ قيادة الدولتين أو تدخر جهدًا في توطيد هذه العلائق وتجذيرها على كل المستويات المتعددة..

فالإمارات وعمان روحان في جسد واحد، جذورنا وقبائلنا مشتركة ومتداخلة، فلا تكاد تجد عمانيًا أو إماراتيا إلا وتربطه صلة قرابة أو نسب بالضفة الأخرى..

ولا يختلف اثنان أنّ ما يمس الإمارات وكل دولة عربية شقيقة يلقي بظلال سالبة على عمان وكل الجسد العربي.. فنحن لحمة واحدة وجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

فقبل ثلاثة أشهر تقريبًا تمّ اعتقال الكاتب معاوية الرواحي على مشارف دولة الإمارات العربية الشقيقة.. ليبقى ذلك الاعقال غصّة في قلوبنا بوصفه أولا مواطنًا عمانيا، وثانيًا مواطنا عربيًا لم تسعفه اللغة في تغريدته العابرة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع الآخرين للتوجس منه؛ ولكن لو كانوا يعلمون حجم مساحات التسامح التي يتمتع بها الرواحي، الشاعر المرهف والمتحمس والمحب لكل ما هو إنساني لما نقموا عليه من شيء.. فمعاوية الرواحي كاتب كبقيّة كتاب عصره، أو من سبقوه، يكتب ويغرد ويسجل ويصور الأحداث وانفعالاته ووجهات نظره خلف أي موضوع يشغل الرأي العام أو يشغل تفكيره.

يداخلنا أمل كبير أن تتسع قلوب أشقائنا في دولة الإمارات العربية الشقيقة بالعفو والسماح كما عودونا دائمًا بحكمتهم التي ورثوها واستقوها من لدن حكيم العرب الشيخ زايد آل نهيان.. فحكمة الأجداد يتوارثها الأبناء جيلا بعد جيل.

ونناشد أولي الأمر بدولة الإمارات العربية المتحدة وباسم الأخوة والمحبة إطلاق سراح المدون والكاتب الرواحي؛ ليعود إلى كنف أسرته وذويه، فالعفو عند المقدرة هو من شيم الأكرمين، ولا يخفى على الجميع أنّنا جميعًا بما فينا من كُتاب أو ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي نجد في هذه الوسائل متنفسًا لنا، وطريقًا للتعبير عمّا يختلج في دواخلنا، وفي كثير من الأحيان ربما تخوننا الكلمات، أو تدفعنا الحماسة للتفوه بما لا يجب أن يقال، فالشعراء في كل واد يهيمون، ويقولون دائما ما لا يفعلون..

وحتى لا اتهم بالتحيز لفئة الكتاب إقول إنه لم تسنح الفرصة أن أتعرف على الرواحي عن قرب، ولم أحتك به يوما ولا تربطني به أي صلة، ولكنّه جزء من المجتمع وأحد أبناء الوطن الذين يستحقون الوقوف معهم؛ والإنسانية تتطلب منّا الوقوف معه في محنته يدًا بيد، كما علينا أن نؤمن أنّ أي كاتب في مختلف المجتمعات الغربية والعربية له عالمه الخاص، ومنظوره المختلف وفي كثير من الأحيان يكون ثوريًا يرى الأشياء وفق قراءاته وتحليلاته فعلينا أن نتقبلها على اختلافها.

ويبقى القول أنّ العلاقات العمانية الإماراتية ستظل راسخة أبد الدهر رسوخ جبال الحجر وجبل علي، ومهما حاول أعداء الأمّة فلن يجدوا فرصة لإيجاد شرخ في علاقتنا التاريخية، فقادة البلدين بما أوتوا من حكمة وتبصر يسعون منذ حكم الشيخ زايد رحمه الله لمد مزيد من علاقات التواصل وترسيخها. وأمنياتنا كييرة بحجم جذور العلاقة التي بيننا وستظل ثابتة لا ينال منها الزمن شيئًا، وأن تتعامل عمان مع أبناء الإمارات وأي دولة عربية أخرى كمواطن عماني وكذلك الحال مع الإمارات؛ حتى يظل السلام شعارًا نطبقه قبل أن نردده، وسيظل معاوية الرواحي ابنا لبلدين متحابين تمتد أواصر علاقاتهم لزمن بعيد.. علينا أن نوجد مساحة للشباب للتعبير عمّا يختلج بذواتهم..

ولن نستطيع الوصول إلى جادة الصواب إن لم نمر بمطبات الخطأ والتخبط..

وعاشت عُمان والإمارات..

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك